الرئيسة/  مقالات وتحليلات

البرمائية الشرسة !!

نشر بتاريخ: 2020-09-22 الساعة: 08:21

موفق مطر 

نعتقد بوجوب الابقاء على أي انجاز سياسي نحققه في المحافل  والمنظمات والهيئات العربية والدولية ، والعمل دائما على تطوير علاقة فلسطين معها ، وترسيخ قناعة الدول والمنظمات  المشاركة بحقوق الشعب الفلسطيني  الثابتة ، ودفع الأعضاء للالتزام بالمبادئ الأساسية والأهداف الناظمة لعملها ، فانسحاب فلسطين يعني انسحاب الرواية الحق ،  وهذا ما تعتبره منظومة الاحتلال ( اسرائيل ) فرصة ثمينة لترويج روايتها ، فالعالم كالطبيعة ، حيث تسارع المادة الاقوى لتعبئة الفراغ الى أن تطردها قوة أشد . 

أصبنا بخيبات أمل عديدة من هذه المحافل ، رغم الحسابات الصحيحة للظروف  والوقائع المستجدة ، لكن الارتدادات العكسية ما أوقفتنا عن التفكير والتأمل في ألأسباب ومعالجتها ، وخلق بدائل نظرية وعملية تمكننا من ملامسة الضمائر الشخصية لممثلي الدول  والمنظمات ، وتقديم روايتنا لقضيتنا والحلول التي نطرحها منسجمة مع روح القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة وقرارات مؤسساتها على رأسها مجلس الأمن . 

يمكننا فرز أصحاب القرار في العالم الى مجموعتين ، الأولى تتعامل مع قضيتنا بحسابات المصالح المجردة تماما من  البعد الأخلاقي للعمل السياسي ، فيما تتعامل المجموعة الثانية بمعيار سياسة اخلاقية ، وقواعد الالتزام بالقوانين الدولية والمبادئ الأساسية لحقوق الانسان التي تتطلع كل شعوب العالم لرؤيتها كنظام عام يحكم العالم ، لذا لا خيار أمام فلسطين سوى تعزيز وجودها في دائرة هذه المجموعة التي يحق لنا تسميتها مجموعة ( النبل والفضيلة ) لأننا لا نملك مصالح مادية نتبادلها مع المجموعة ألأولى ، علاوة على أنها لا تقبل بأقل من مقابل مادي من طرفنا ، وفي هذه الحالة فإنهم يطالبوننا بالتنازل لهم عن أثمن ما لدينا ، فيما نحن نفضل الموت دونه ، فالفلسطيني لن يتنازل عن حريته وكرامته ، ولن يسلمهم رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية القرار الوطني الفلسطيني ، وثوابتنا الوطنية ليست سلعة أو أسهم في بورصة ألأوراق المالية ،لا تخضع للمساومة ، ولا قدرة لديهم - مهما ضغطوا وحاصروا – على اخضاعنا وإجبارنا على التنازل عنها مقابل مال ورفاهية وبحبوحة اقتصادية . 

نحن في خضم امتحان عملي مع هذه المجموعة التي يظن رؤساؤها  أننا مجرد مخلوقات بشرية ، تبحث عن سبل العيش لمجرد العيش حتى لو كان مهينا ، ويتغافلون عن تجاربهم معنا التي اثبتت لهم ولغيرهم أننا نمتلك ادواتنا الذاتية التي تمكننا من مجابهة شراستهم عند الضرورة ، وإرغامهم على اعادة النظر بمحاولاتهم لتطويقنا أو غدرنا أو دفعنا لليأس خارج دائرة حياتنا التي اخترنا شكلها ومضمونها ، فنحن خلقنا أسيادا وملوكا على أرضنا ، ولا قدرة لآدمي – مهما امتلك من قوة – استعبادنا أو توظيفنا لخدمته . 

يمكن وصف المجموعة الثانية ( بالبرمائية الشرسة ) ونموذجها التماسيح الضخمة جدا التي تمنح بعض الطيور فرصة تنظيف انيابها وقواطعها عبر التقاط بقايا طعام عالق عليها، مقابل ضمانة بعدم قضمها وابتلاعها !ليس لأنها صغيرة وإنما حسابات مصالح ، فهذه في عالم البرية لا تتوانى عن التهام فرخ سلحفاة خرج لتوه  من بيضته. 

نمتلك عقولا مبدعة، ويمكننا استخلاص العبر من تجاربنا ، وتطوير الشروط المناسبة لتحقيق النتائج المرجوة منها ، فالمستحيل قد يكون عائقا امام الكثير ، إلا العاملين في ميدان السياسة والدبلوماسية ، ونقصد هنا بالتحديد فمهمة هؤلاء أولا ابتكار الوسائل ونظم قواعد علمية جديدة صحيحة لإصلاح ألأمور مادامت تحتاج تبديل بعض مساقاتها ، أو وضع تطبيقات جديدة تلائم متغيرات وتحديات طارئة تواجه شعبنا وقضيتنا ، على قاعدة الحكمة والعقلانية والواقعية ، ذلك أن التسرع والتهور والعبثية  بمثابة ألغام وقنابل موقوتة ستنفجر حتما وتحولنا  الى شظايا .  

سنبقى في الجامعة العربية ، ونطور علاقاتنا بأشقائنا العرب شعوبا لن تغير مبادئها ، وحكومات ودول وقفت وستبقى مساندة لفلسطين ظالمة او مظلومة ، وتعتبر قضية فلسطين قضيتها المركزية ، ونحن لن نرتد عن عروبتنا ، فالشعوب هي الباقية ، أما الحكومات فإننا سنوفي الذي اوفى بعهده معنا ، ولن نأسف على سقوط من نكث عهده ووعده ، وغدر فلسطين . 

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024