الرئيسة/  مقالات وتحليلات

نخشى على الجامعة العربية من الاغتيال

نشر بتاريخ: 2020-09-08 الساعة: 08:38

موفق مطر 

نؤمن بالعمق الاستراتيجي العربي لفلسطين ولقضيتنا العادلة ، حيث الارتباط الوثيق بين جذورنا الثقافية مع جذور امتنا العربية ، وإيماننا بوحدة المصير المشترك ، وبرؤيتنا الواقعية المادية للمستقبل ، حيث يمكن توظيف كل مقدرات وقدرات الأمة لتحقيق آمالها وأهدافها ، بما يمكننا ويمكن الأمة معنا من الانتقال من مرحلة التحرر  والاستقلال الى مرحلة التقدم والانجازات العظمى . 

انشئت جامعة الدول العربية في العام 1945 أي قبل انشاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف الحفاظ على استقلال الدول الأعضاء وتحرير البلاد العربية ومساعدتها على تحقيق الاستقلال ، قد نصت المادة الثانية من ميثاق الجامعة على التالي :" الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية، تحقيقا للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامة فى شؤون البلاد العربية ومصالحها " . 

 

للتذكير فإن وثائق الجامعة العربية منذ نشأتها وتحديدا فيما يسمى بروتوكول الاسكندرية قد أكدت على أن فلسطين ركن من أركان البلاد العربية، و أن حقوق العرب لا يمكن المساس بها، و أن استقلال فلسطين هو من الحقوق الثابتة، و أنه ليس أشد ظلماً وعدواناً من أن تحل مسألة يهود أوروبا بظلم آخر يقع على عرب فلسطين، وأنه يجب وقف الهجرة اليهودية و المحافظة على ألأراضي العربية “. 

 

صدرت عن جامعة الدول العربية  مئات القرارات على مستويات عدة  ومنها الصادر عن اعلى سلطة فيها ، وهي الاجتماعات على مستوى الرؤساء والملوك والأمراء ( القمة العربية ) ويعنينا في هذا المقام المبادرة العربية التي قدمها الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ولي عهد المملكة العربية السعودية،للقمة العربية في العام 2002 في اجتماعها في العاصمة اللبنانية بيروت ، والتي كتب في نصوصها ووقع المجتمعون عليها :" انطلاقاً من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف: 

1- يطلب المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم، معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضاً.. 2- كما يطالبها بالقيام بما يلي: 

أ- الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو- حزيران 1967 والأراضي التي لا تزال محتلة في جنوب لبنان.. ب- للتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.. ج - قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتكون عاصمتها القدس الشرقية.. 3- عندئذ تقوم الدول العربية بما يلي: 

أ- اعتبار النزاع العربي- الإسرائيلي منتهياً، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.. ب- إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل."..واذا علمنا ان قرارات الجامعة العربية تصدر بالإجماع ، وأن قرارات القمة العربية ملزمة لمن يقبلها فهذا يعني قرارات الجامعة ملزمة ونافذة حسب المادة 7 من الميثاق وتبعا لذلك لا يجوز إتباع سياسة خارجية تضر بسياسة جامعة الدول العربية أو أي دولة من دولها... كما اكد ميثاق الجامعة على حق الدولة العضو بالجامعة عقد اتفاقات خاصة مع دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها لا تتعارض مع نصوص هذه الأحكام وروحها. كما أكد الميثاق على الاعتراف بسيادة واستقلال الدول المنضمة إلى الجامعة بحدودها القائمة فعلاً .  

يجب التذكير هنا أن مؤتمر القمة العربي في الظهران عام 2018 ( قمة القدس ) قد اقر بطلان وعدم شرعية  الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال اسرائيل. 

نستخلص مما تقدم أن أي تطبيع رسمي عربي مع منظومة الاحتلال قبل تنفيذ اسرائيل لبنود المبادرة العربية  يعتبر انقلابا على شرعية الجامعة العربية ونسفا لقواعد ارتكازها وميثاقها  ومرجعياتها القانونية ، ما يعني استهدافا مباشرا ومدمرا لقضية فلسطين، القضية المركزية للأمة العربية ، ما يعني اغتيال معاني التحرر والحرية والاستقلال التي تمثلها القضية الفلسطينية ، ويجسدها نضال الشعب الفلسطيني ، ومحاولة لتثبيت العجز كأسلوب حياة في الوطن العربي على صعد الحياة كافة ، مع علمنا ان الجامعة العربية معنية بشئون العرب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأمنية والعسكرية. 

 لن نقبل من مجلس جامعة الدول العربية اقل من اعادة تأكيد مكانة المبادرة العربية في السياسة الرسمية العربية ، وبناء هذه السياسة مع دولة الاحتلال على اساس تنفيذ نصوصها من الألف الى الياء دون السماح بشطب بند فيها أو تفريغها من مضمونها. 

نحن الآن في خضم معركة الدفاع عن شرف الأمة ومقوماتها ألأخلاقية بالتوازي عن صمودنا في الخندق الأول لمواجهة ا لمشروع الصهيوني الاستعماري العنصري الذي  يستهدف الوطن العربي والعروبة وارثنا الحضاري ، ومنعنا اخذ مكانتنا اللائقة في العالم . 

نريد لجامعة الدول العربية الانتصار لميثاقها وأهدافها ومبادئها وقيم أخلاق الشخصية العربية ، وتأكيد معنى الوفاء بالعهود ، وسبب وجودها عبر تجديد الالتزام بالقضية المركزية للشعوب العربية ( قضية فلسطين ) ، فنحن نخشى على الجامعة العربية من مؤامرة لاغتيالها . 

لا ننظر لجامعة الدول العربية على أنها أعلى اطار جمعي عربي يشكل حاضنة رسمية للقضية الفلسطينية وحسب ، بل لأننا - انطلاقا من انسجامنا مع ثقافتنا كعروبيين -  وندرك معنى هذا الانتماء ، نريد لأمتنا العربية التي نحن جزء لا يتجزأ منها ووطننا فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير ، أن تكون قوة اقليمية موحدة ، قادرة على اخذ موقعها اللائق بها ، وتجديد وتحديث مكانتها الحضارية ، فهذا بالنسبة لنا التحدي الأكبر الذي سيمكننا من مواجهة مشروع الاستعمار والاحتلال الصهيوني العنصري الذي روج له لدى شعوب الدول الاستعمارية التي اوجدته وصنعته على انه خط الدفاع ألأول عن المدنية والحضارة ألأوروبية لمواجهة حالة مضادة في المنطقة العربية !. 

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024