الوطنية الفلسطينية .. عقيدة ابو مازن وكلمة سر القرار
نشر بتاريخ: 2020-09-06 الساعة: 09:02
موفق مطر
ارتكز قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ابو مازن على المبادىء الوطنية المؤسسة للشخصية الوطنية الفلسطينية لإدراكه أنها الحقيقة التاريخية التي يجب استعادتها لمنع استقرار الغزو الصهيوني في فلسطين ، ولمنع هذا المشروع من التمدد ومنع احتلاله للحجم الوجودي للشعب الفلسطيني بأبعاده الثقافية والتاريخية والحضارية والمستقبلية فهو القائل:" الطبيعة لا تقبل وجود كتلتين في حيز واحد يتسع لكتلة واحدة فقط " لذا فإن تعزيز جذور الشخصية الوطنية الفلسطينية واحيائها ومدها بأسباب القوة ستكون دائما العامل الرئيس لزحزحة وإسقاط مشروع استعماري صهيوني قام على اساس نكران وجود الشعب الفلسطيني، والأخطر أن ادارة دونالد ترامب ألأميركية الاستعمارية مازالت تتعامل معنا على اساس اننا سكان ولسنا شعبا ، ولنا في كل ماجاء في خطتهم المسماة صفقة القرن وتصريحات كوشنير الدليل ألأوضح على هذا المنهج الاستعماري.
نجح الرئيس ابو مازن في جمع قوى الشعب الفلسطيني بدون استثناء تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، ليس كتظاهرة دعائية سياسية كما ظن أو يروج البعض ، فالرئيس كتب قبل 34 سنة :" اسرائيل وأنظمة عربية تريدنا ان نعرف مالا نريد وألا نعرف ماذا نريد " المؤتمر الوطني الفلسطيني مؤكدا على أن قائد الشعب الفلسطيني يعرف ما يريد ، ويعرف اين تكمن مصالح الشعب الفلسطيني العليا لذا قالها قوية ليسمعها القاصي والداني :" قرارنا الوطني حق خالص لنا وحدنا ولا يمكن أن نقبل أن يتحدث أحد باسمنا ولم ولن نفوض أحدا بذلك " .
سمع العالم صوت الشعب الفلسطيني عبر ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية ، وهذا ما مكن رمز الثورة الفلسطينية ياسر عرفات ابو عمار رحمه الله من مخاطبته عبر منبر الأمم المتحدة في العام 1974 وخيره بين غصن الزيتون وبندقية الثائر ، فمنظمة التحرير كما قال وكتب الرئيس ابو مازن :" هي الانجاز العظيم المعبر عن حقوق هذا الشعب وهي المحور الذي نلتف حوله مهما اختلفت التقويمات والآراء والعقائد ومهما كانت التقريعات ".. وبالفعل فإن متابعة دقيقة لمجريات المؤتمر الوطني في الثالث من سبتمبر ايلول تؤكد هذه الحقيقة..فالمؤتمر كان رسالة في اتجاهات عدة : الأولى لمنظومة الاحتلال الاستعماري العنصري الاسرائيلي ودونالد ترامب الاستعماري البلفوري الجديد :" أننا هنا باقون ، لن نغادر أرضنا ووطننا، ومدينة القدس عاصمتنا الأبدية، لن نكرر مأساة 1948" واننا نحن شعب واحد في فلسطين التاريخية والطبيعية وفي الشتات ، وفي الاتجاه الثاني رسالة تاريخية بالغة الأهمية قصد بها الرئيس أبو مازن الشعوب العربية التي قال وكتب عنها منذ عقود :" الشعوب العربية تؤمن فعلا بان القضية الفلسطينية هي قضية كل العرب لكنها تؤمن بالوقت نفسه ان من حق شعب فلسطين ان تكون الكلمة الاولى فيها، لذلك نرى الشعوب العربية حريصة على منظمة التحرير والقضية الفلسطينية كحرص الشعب الفلسطيني نفسه ".
وفي الاتجاه الثالث رسالة " لحكام عرب همهم الأساس تغييب الشعب الفلسطيني وإلغاء دوره والمساومة على قضيته مقابل الحصول على مكاسب محلية وشخصية " ..شفيما كان الاتجاه الرابع نحو دول وحكومات في العالم تنتظر موقفا فلسطينيا موحدا لا انقسام ولا تردد ولا انفصام فيه ، فهذا يساعدها على مساندة قضيتنا في المحافل الدولية ويعزز تفسيراتها لمواقفها ، فنحن معنيون ببقاء هذه الدول الى جانب فلسطين .
قال الرئيس محمود عباس في ختام اجتماع الامناء العامين للفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية الخميس الماضي :" يجب العمل على تطبيق ماتم الاتفاق عليه ابتداء من الغد ، واعتبروني موافق على كل القرارات التي تتخذونها مقدما " ، فهذه الكلمات بمضمونها وأبعادها ومؤشراتها ، ومن حيث وزنها ومكانتها وأهميتها ككلمة الدخول مباشرة لتطبيق برنامج البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الذي سيسجل كعلامة فارقة في التاريخ السياسي للشعب الفلسطيني اذا ما تم تنفيذه والارتكاز عليه كمرجعية نضالية خلال هذه المرحلة.
الكلمة ( القرار ) وجهها الرئيس ابو مازن لأمناء الفصائل واللجنة الوطنية المشتركة التي اقترح الرئيس تشكيلها لقيادة المقاومة الشعبية السلمية ، وطرح الرؤى العملية لإنهاء الانقسام ، ما يعني توزيع حمل النضال والعمل بتفان وإخلاص وتضحية ، وأنه بات حكما على كل المشاركين في هذا المؤتمر الوطني الانتصارلآمال وطموحات وأهداف الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال الدخول في مسار العمل الجمعي الوطني بدون تعصب إلا لفلسطين ، وتقديم البرهان للشعب الفلسطيني والتاريخ بان " إذهب انت وربك وقاتلا " لم تعد حاضرة في منهج عمل أي فصيل أو تنظيم أو حزب او شخصية وطنية مستقلة ، فالمرحلة دقيقة وخطيرة لا تحتمل إضاعة الوقت في مبارزات وسجالات نظرية ودعائية وإعلامية وتقديم تصورات لتحالفات تعقد مسالك القضية وتساهم في توسيع حشد الاعداء والخصوم ، فالجميع وبدون استثناء أمامهم برنامج عمل لتحقيق هدف واحد وهو اسقاط خطة ترامب الاستعمارية وما تضمنته من تصفية للقضية الفلسطينية وتدمير للحل على اساس الدولتين وما جاء فيها من تفصيل لضم اراض فلسطينية محتلة في خلال عدوان الخامس من حزيران عام 1967 ، والنضال بالوسائل الشعبية السلمية والقانونية والدبلوماسية لاستكمال انجاز استقلال دولة فلسطينية بات العالم يعترف بحدودها على اساس حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية .
نفترض أن كل متابع قد سمع أو قرأ البيان الختامي لمؤتمر وطني فلسطيني بامتياز غير مسبوق باعتبار اللحظة التاريخية السياسية والجغرافية والموضوعية التي تمر بها القضية الفلسطينية ، فقد انتصرت الشخصية الوطنية الفلسطينية التي حرص الرئيس ابو مازن على تقديمها للشعب الفلسطيني لتعزيز ثقته بهويته الوطنية ، وللعالم في احسن صورها رغم الموانع والحواجز والعراقيل والمؤامرات الدولية والإقليمية التي تديرها ادارة ترامب وينفذها مباشرة على ألأرض ضابطه ألأول في منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري الاسرائيلي بنيامين نتنياهو .
m.a