اطفال آل الحزين .. صدمة للعلاج أو فالكارثة
نشر بتاريخ: 2020-09-03 الساعة: 12:09موفق مطر
إن مرت حادثة احتراق الأطفال الثلاثة محمود ومحمد ويوسف ابناء عمر الحزين في مخيم النصيرات في قطاع غزة ، بدون تداعيات على المستوى الوطني ، فهذا برهان على موت ضمائر شخصية فردية تتحمل المسئولية المعنوية العامة ، وضمائر وطنية جمعية لا يعنيها حياة وموت أي مواطن فلسطيني صغيرا كان او كبيرا وإنما مصالحها الفئوية الحزبية والجهوية ومكاسبها واستثماراتها بدماء ومعاناة ومآسي المواطنين وصور دمار آمالهم وطموحاتهم .
اكبرهم في ربيعه الخامس وأصغرهم في ربيعه الثالث ، احترقوا ليس بفعل شمعة اوقدت لهم بسبب انقطاع التيار الكهربائي شبه الدائم وحسب ، وإنما بسبب تفضيل المسئول الأول في قطاع غزة إبقاء الضوء مسلط على ( جماعته الحزبية ) وسياسة مشايخها العدمية ، وعلى عناوين وشعارات لا يقدر على تطبيقها إلا عماليق ليس واحد منهم موجودا على الكرة ألأرضية ، فكيف والأمر متعلق بقطاع غزة المحاصر الذي تمر اليه أسباب الحد الأدنى من الحياة بالقطارة ، فيما الذين اختطفوه بقوة السلاح مشغولون بتأمين مصالحهم واستثماراتهم المادية ، وجني المرابيح من تجارة المولدات الكهربائية ، وغيرها من مسالك التكسب التي اقل ما يقال فيها أنها تربح ورفاهية فاسد اصلها ، على حساب خسائر بشرية وجراح وآلام فقراء لم يملك احدهم ( عمر الحزين ) والد الشهداء اكثر من شمعة لإضاءة غرفة متواضعة .
صدمتنا صور بيت اطفال آل الحزين الفلسطينيين المحروق في مخيم النصيرات في قطاع غزة التي تكاد تطابق بيت اطفال عائلة الدوابشة في محافظة نابلس مع فارق أن القاتل المجرم هنا مستوطن ارهابي اسرائيلي ارتكب جريمته عن عمد وسابق تخطيط ، فيما اطفال عائلة الحزين ضحية مجرم ( مجهول ) و (معلوم ) أيضا ً، مجهول لأن الأخبار لا تتحدث حتى الآن عن فعل فاعل ، ومعلوم لأن مفهوم المسئولية لدى رؤوس سلطة الانقلاب والأمر الواقع في قطاع غزة لا يعنيهم من يموت احتراقا ومن ينتحر ومن يقتل نتيجة استشراء العنف الاسري ، أو من يقتل بنيران جيش منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري الاسرائيلي ومن يقضي في معتقلاتهم تحت التعذيب ، فهؤلاء دمروا قواعد النظام والقانون ، وأرهبوا الرموز الشعبية حتى باتوا مطمئنين الى ضعف مساءلة الشعب لهم وتحميلهم مسئولية كل المآسي التي سببوها لمليوني مواطن في قطاع غزة.
حروب خاسرة ، وحرائق مفتعلة وأخرى بسبب الإهمال وانفجارات ضد المعارضين وذوي الانتماءات السياسية ألأخرى ، وانتحار وجوع وفقر وانكسار حاد في الخط البياني الاقتصادي لقطاع غزة الذي كان بمثابة واحدة من رئتي الاقتصاد وطني الفلسطيني ، واليوم حادثة تصل الى حد فاجعة وكارثة .
الحريق الذي اشتعل بأجساد ألأطفال الفلسطينيين في مخيم النصيرات محمود ومحمد ويوسف عمر الحزين ، سيبقى مشتعلا يحرق مستقبل اجيال في قطاع غزة ، ويحول آمال مئات آلاف الأطفال والشباب الى حطام محروق ويجعلهم يرون ألوان قوس قزح الطبيعي بلون واحد فقط ، ألأسود المتفحم ، لون جدران غرفة اعدام المستقبل ، الذي لم يتبقى منه في عيون اطفالنا وشبابنا في قطاع غزة إلا حلم بقبر للخلاص من حياة لا طعم لها ولا لون ولا شكل ولا مضمون .
يجب ان يعلم لصوص الأمل عند جيل المستقبل ان كل نظرياتهم السياسية ، وكل شعاراتهم وكل برامجهم التي يضجون بها وسائل الاعلام لا تساوي حياة طفل ترقى روحه بحادث مأساوي سببه اصرارهم على التمسك بسلطتهم اللا شرعية ، وإكراه الجمهور الفلسطيني وإخضاعه وإرعابه بالقوة المادية المسلحة ، كما يجب ان يعلموا أن خطواتهم الحقيقية نحو مصالحة فلسطينية والتزامهم الفعلي ببرنامج منظمة التحرير الوطني تعني بالنسبة لنا تعبيرا مقبولا عن رغبتهم في التكفير عن خطاياهم بحق الشعب الفلسطيني وقضيته ، فاللقاءات والاجتماعات القيادية على اهميتها في مواجهة التطبيع الرسمي العربي ، والضم الاستعماري ، ومشاريع الاحتلال إلا أن الخطوات التي نريد رؤيتها واقعا ماديا على ألأرض هي فك القيود عن رقاب ومعاصم وأقدام مستقبل المواطنين في قطاع غزة ، والتزام عملي واضح بالعيش تحت مظلة القانون والشرعية الفلسطينية .
ليس قدر الشعب الفلسطيني البقاء اسير المآسي والمعاناة والأحزان ، لكن الفاجعة في نفوس آل الحزين في مخيم النصيرات وأحزانهم على اطفالهم الشهداء يجب ان تكون كالعلاج بالصدمة لضمائر هوت الى غيبوبة فلعلها توقظها ..حتى لا نستيقظ على كارثة اشد وأعظم مما فعلته بنا كوارث مصممة في هيئة اركان جيش منظومة الاحتلال الاسرائيلي .
m.a