غزة في مثلث موت مبكر
نشر بتاريخ: 2020-09-01 الساعة: 11:40موفق مطر
ماذا تنتظر قيادة حماس حتى تحرر مليوني مواطن في قطاع غزة من قبضتها الحديدية ، ألا يرون وباء الكورونا زاحفا ومتوغلا في صحة المواطنين سرع من وتيرة حصار وعدوان منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري الاسرائيلية ؟! حتى بات خطره أشد وأفتك من خطر اسلحة جيش الاحتلال المدمرة ، فهذه على الأقل يمكن رؤيتها والشعور بها ولدى المواطنين فرص لتفاديها ، أما فايروس كورونا المستجد ( كوفي 19 ) فإنه قد ارغم دولا كبرى وقوية على الجثو على ركابها ولقنها درسا قويا والحق بها خسائر بشرية ومادية خلال فترة وجيزة تفوقت في بعضها على رقم أي خسارة في حروبها خلال عقود ما بعد الحرب العالمية الثانية.
على سلطة ألأمر الواقع في قطاع غزة ادراك حقيقة مؤكدة وثابتة أن امتناعهم عن تسليم قطاع غزة وإعادته الى الشرعية الفلسطينية وبسط القانون الفلسطيني عليه ، وأنهم مالم يمكنوا وزارات الحكومة الفلسطينية من اداء واجبها لخدمة المواطنين في القطاع ، وتطبيق برنامجها وتنفيذ قراراتها باعتبارها الحكومة الشرعية الرسمية ، ومالم يتقدمون خطوة ايجابية حاسمة ونهائية بعد حضور ممثليهم مع ممثلي الجهاد الاسلامي وغيرهما اجتماع القيادة الفلسطينية في مقر الرئاسة وموافقتهم على البيان الصادر عن الاجتماع بكل ماجاء فيه ، فإنهم يجب ان يعلموا أن محكمة التاريخ لن ترحمهم ، فهم بإصرارهم وعنادهم على قطع قطاع غزة عن الوطن يرتكبون جريمة تاريخية قد تفوق جريمة الانقلاب ، فهذا الفايروس القاتل ( كورونا ) لا يعترف بالانتماء التنظيمي لفريسته، فيخترق ويفتك ويدمر جسد الانسان ، حيث لا تنفع معه الخطابات والشعارات التعبوية ، ولا دعاية الانتصارات الخاوية ، ونحن سنكون بلا ضمير إن سكتنا أو قبلنا بموت احبابنا في غزة بنيران الاحتلال من ناحية وفايروس كورونا من ناحية ثانية ، وبقهر وقمع وضغط مادي ونفسي فرضته سلطة حماس على المواطنين من ناحية ثالثة .
لقد اعطى الرئيس ابو مازن توجيهاته لرئاسة الحكومة لتعمل بكل طاقتها لإنقاذ اهلنا من خطر جائحة الكورونا بعد جملة اخبار وتقارير عن تسارع وتيرة تفشي الفايروس وارتفاع ارقام الاصابات والوفيات ،وهذا القرار اقل ما يقال فيه أنه تعبير عن مكنونات الضمير الوطني الناظم لمنهج عمل القائد الرئيس المسئول رقم واحد عن احوال الشعب الفلسطيني، فعند أي خطر يحدق بالمواطن الفلسطيني ترحل الخلافات والصراعات الثانوية ، وتقدم مصلحة المواطن وصحته وأمانه وسلامته الى رأس ألأولويات ، فكيف والحال أن المواطن في قطاع غزة بات محصورا مشدودا عليه من اضلاع مثلث فيه زاويتن حادتين بالكاد فيهما مجال لأخذ نفس فيما يتمتع اصحاب النفوذ بالزاوية المنفرجة منه ، فيذهبون بتوجهاتهم الى اعلى درجات العبثية غير عابئين بمصير المواطنين المضغوطين بقوة الرعب من موتين– لاسمح الله - أحدهما حتمي: الأول نار الاحتلال وألآخر فايروس الكورونا .
قد تنفع سلطة الأمر الواقع في غزة مفاوضاتها المباشرة وغير المباشرة عبر الوسطاء مع سلطات الاحتلال للوصول الى وقفات لإطلاق نار بات واضحا ارتباطه بحقائب أموال تعهدت الدوحة بتسليمها لهم شهريا ، ورغم أن هذا ألأمر بات بمثابة علامة رديئة لكرامة الشعب الفلسطيني ولمعنى المقاومة الحقيقي ، إلا أن اجتياح الفايروس الفتاك وبهذه السرعة لقطاع غزة المحسوب ضمن المناطق الأكثر كثافة سكانية في العالم ، يقتضي من المسئولين اصحاب القرار في حماس قرارا وبدون تردد ن وبدون مفاوضات أو نقاشات أو حوارات ، التنحي جانبا فوراً ، وترك الأمور للحكومة لتقوم بواجباتها تجاه المواطنين ، الذين سيدفعون ثمن سياساتهم ومواقفهم وحساباتهم الفئوية ، وقد لا ينفع الندم بعد ذلك ، وهنا نعتقد بوجوب تدخل الداعمين للمسئولين في حماس لإقناعهم بانتهاز هذه الفرصة للنزول عن الشجرة فغزة في مثلث موت مبكر سيكون وصمة عار علينا كلنا إن لم نحمي شعبنا من جشعه .
m.a