"حماس" إخواننا، وإن بغوا علينا.
نشر بتاريخ: 2020-08-23 الساعة: 09:02بكر أبوبكر
تقوم عديد الأنظمة العربية وغير العربية بتحديد طبيعة علاقتها مع حركة "حماس" استنادا لارتباطها بجماعة "الاخوان المسلمين"، وتقوم بناء على ذلك بالتعامل معها إما بمنطق المجبر والمضطّر لتقاطعها مع مصالحها الوطنية، أو بمنطق التجنّب واتخاذ مسافة واسعة بعيدا عنها، وهناك من يتهمها بالإرهاب فيحاربها.
"حماس" وتعدد النظرات
ومن يتخذ موقفه من "حماس" نتيجة البناء الفكري الأيديولوجي فيها فإنه يستحضر آلاف الاستشهادات والأقوال من كادرات في التنظيم الفلسطيني أو العالمي، أو ممن خرج عليه ليصمها بوصوم (عيوب) ثابتة قاطعة لا تتغير مرتبطة بالتيار الأبرز فيها أي تيار التشدد.
ومن يتخذ موقفه من "حماس" باعتبارها يده الإقليمية في المنطقة وذراعه الطويلة المدفوعة في حلق العرب يعتبر التنظيم تابعًا أمينا له رغم اختلاف المذهب أو إتفاقه في جغرافيا أخرى، ولكن للمال مفاعيله، وإن تم إلباسه ثوب المحور أو ثوب المقاومة البعيدة، أو السلطنة.
ومن ينظر ل"حماس" من زاوية الانقلاب الدموي الأسود الذي قامت به عناصرها السوداء والدموية عام 2007 ضد غزة، لا يستطيع أن ينسى دماء المئات وكأن بحر الدماء رغم إسوداد الفعل لا يمكن تجاوزه، كما حصل في محطات كثيرة في تاريخ الثورة الفلسطينية.
أما من ينظر ل"حماس" من الزاوية التعبوية الداخلية فيراها صماء مصمتة تماما، فالفكر الاخواني الداخلي مازال معشعشا في قلب التعبئة الداخلية التي لم تتغير منذ أضاف عليها التيار القطبي المتشدد مفاهيم الكفروالجاهلية والولاء والبراء والاستعلاء على الآخرين أي مدرسة الفسطاطين، ما طالب خالد مشعل عام2017 بوثيقة "حماس" بتغييره.
أما من ينظر للتنظيم من الزاوية "البراغماتية" العملية فقد يراها تنظيما انتهازيًا، أوتنظيما طهوريًا، أو تنظيما مصلحيا بحتًا.
أو يراها تسير حثيثا في إثر حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح والمنظمة، رغم ما تمني به النفس من محاولة لكُبَرائها من جعل التاريخ وكأنه بدأ من عندها؟! أو محولاتها افتراض أن كل التعبيرات النضالية بما فيها حركة فتح هي أصلها! أو بمحاولتها ابتلاع منظمة التحريرالفلسطينية لإعادة قولبتها، كما فعلت فتح والفصائل في الستينيات وفق رؤية البعض.
تتعدد النظرات تجاه حركة "حماس" وتختلف وجهات النظر، ونتفق أو نختلف مع جزء أوأكثر من التحليلات السابقة أو الرؤى، وكتبنا في ذلك الكثير.
ولكنه من المفيد الإضافة أن طبيعة النظرة قد تكون مرتبطة بواحد من ثلاثة عوامل رئيسية:
أولها: النظرة المسبقة الثابتة التي لا تتغير
والثانية: النظرة الواقعية التي ترصد وتحلّل وتتعامل مع القابل للاتفاق، أو على العكس تُراكم ما هوغير القابل للتفكيك.
والنظرة الثالثة:التي تتعامل معها بالتمني والأمل والدعاء والرغبة، وما بين الرؤى الثلاث قد تجد نفس التحليل أو النظرة نحو الفصائل عامة، أو نحو حركة فتح ومسيرتها.
الثوابت حول "حماس"
الحقيقة أو الثابت التي يجب أن نتمعّن فيها ونعيها هي أن المنتمين ل"حماس"، مهما كانت رؤيتنا مما سبق أو غيره، هم جزء من هذا الوطن ومن هذه الأمة.
والحقيقة الثانية: أنه مهما اختلفنا معهم بالأيديولوجية والرؤى والمواقف فهم إخواننا (وإن بغوا علينا).
والحقيقة الثالثة: أنهم كما سائر الفصائل تيارات وصراعات نفوذ وتعددية، ووطنيين وعملاء مندسّين في بطنها، سواء اعترفوا أوأنكروا.
ورابعا: فيهم من العبث الكثير، وفيهم من المواقف التي نحترمها ما يُضاف للرصيد النضالي الفلسطيني الشمولى.
أما الحقيقة الخامسة: فهي أن الفلسطيني يتفق مع أخيه -حتى لو كان بينهما ما صنع الحداد- على فلسطين، وعلى أولوية الصراع وعلى ضرورة الوحدة، وعليه يجب تجاوز فكرة التقاسم أوالهيمنة الفسطاطية، والاستبداد الديني أو الفكري أو السلطوي أوالذاتي، أوالأسر للمحاور.
هكذا قد تكون النظرة فيما هو في كل الفصائل، وعلى رأسها حركة التحرير الوطني الفلسطيني- "فتح" مما ذكرته سابقا عن "حماس".
حركة "فتح" كتابٌ مفتوح تجد في تاريخها من الثغرات والمعايب ما تملأ به صفحات كتب عديدة، مازالت تكتب حتى اليوم، وتجد لديها من الانجازات والمفاخر والمكاسب ما تحارب فيه الجمود واليأس والانحراف، فتحقق النصر باللواء الواحد متى ما التف حوله المختلفون، برعاية الله، ولكنهم المتفقون على وحدة الالتفاف حول لواء فلسطين.
m.a