الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الأمة المقموعة لا تتنفس!

نشر بتاريخ: 2020-08-16 الساعة: 10:03

بكر أبوبكر

 

لقد صُعقنا بما فعلته الأمة العربية أو الاسلامية بفلسطين!

 

أو صعقنا بما فعله النظام الفلاني أو العلّاني بالقضية، في مسارات الصعود والهبوط في تاريخ فلسطين! والثورة الفلسطينية.

 

وصُعقنا بما فعله الفصيل اليساري أو اليميني او الاسلاموي من فصائل الثورة!

 

وشخّصنا الحزن والألم والمرارة استنادا الى أننا شعب واحد، والى أننا نحن والأمة واحد.

 

 فلا ملامة  للآخر الذي لا صِلة له بنا.

 

بمعنى هل يجوز لنا لوم جورجيا أو بوليفيا او قبرص على ما حصل في نكبة فلسطين؟ أو في عدم الاعتراف بدولة فلسطين بنفس المعنى أو الدرجة والقدر الذي نلوم فيها العرب؟

 

نحن عندما نلوم العرب نلوم أنفسنا، لأننا منهم وهم منا، نحن جسد واحد،ومن ينكر الحقائق يتساوق متعمدًا أوجهلا مع العقل الاستعماري والصهاينة.

 

لا يقطع الإنسان يده عندما يبتئس أو يحزن مدعيا أن هذه اليد ليست يده.

 

عندما نلوم العرب (هكذا دون تمييز بين شعوبنا أو بينها والأنظمة أو بينها والسياسات...) ونحملهم المسؤولية عن نكبة ١٩٤٨مثلا، او نكبة "ترامب" و"نتنياهو" يأتي ذلك من إقرارنا أنهم جزء منا، والعكس.

 

وليس كما هو الحال مع باقي الدول الصديقة، لذا فالشقيق العربي -هذا ان آمنا بهذا المبدأ- يكون الفرح من أجله أكبر،  كما الملامة له أكثر من واقع المحبة والأخوة والمبدأ الجامع وليس المصلحة.

 

عندما يسيء بعض أبنائنا من الخليل أو غزة لوطنهم هل نتهم كلّ أهلها؟ أم عندما يسيء قلة من أبناء حيفا أو نابلس نتهمهم كلهم... فنبترهم! من الجسد العربي الفلسطيني؟

 

مثل هذا البتر هو تماما ما يقوم به جهلة الأمة (أو المعتدين عمدًا عليها)عند كل نازلة أو مصيبة تحلّ بنا.

 

هؤلاء لا يفرقون بين ثبات الإنتماء الأبدي لنا، أي للأمة والدين والتاريخ والجغرافيا والمصير والمستقبل المشترك، وبين اهتزاز المواقف وضعف المناعة والانحدار والانهزام الذي حصل أو سيحصل من هذا الطرف العربي أو الحاكم  أو ذاك.

 

المواقف السياسية متغيّرة أبدا، ولايمكن أن تشكل نسيجا مبدئيا الا بتحولها لاستراتيجية وما هذا بشيء سهل، لذلك لتكن ردة فعلنا تجاه أي نازلة بحدود الموقف أو الفعل -دون تعميم- الذي هو بالضرورة متغير وبأيدينا نحن أن نغيره.

 

تقاطع المصالح الاقتصادية مع عبث الساسة والسياسة ونزق التعامل مع الجوهري، والخضوع لضغوط الخارج يؤدي للانحدار.

 

حين الانحدار القيمي والسياسي لا يفرق متخذ الموقف بين الأساسي وغير الأساسي فتضيع بوصلته وينحدر، وهذا موقف سياسي لن نستسلم له ولن نتعامل معه بالشتم والاتهام كي لا نكون كما يقول المثل العربي (أشبعتهم شتما وفازوا بالإبل).

 

نحن وشعوب الأمة جسدٌ واحدٌ مهما حاول السلاطين تقديم الانتماء الاقليمي أوالعشائري المرتبط بهم على الانتماء الجامع.

 

 نحن جسدٌ واحد مهما رأينا أحيانًا من بعض سلاطين أو شعوب الأمة المكبلة أفواهًا، سوءًا أو انصرافًا عن الحق.

 

نحن أصحاب الحق المبين، وليكتمل الإعداد والتحشيد نحتاج لكل الأمة لنركب معها في القاطرة، قاطرة التحرير، ومن يقول غير ذلك لا يفقه في التاريخ والسياسة شيئا.

 

لذا نحن القادرون على تجاوز الكثير من الإساءات والسقطات والانحرافات، وقادرون على إعادة استقطاب الأمة نحو الهدف بعملنا ومصداقيتنا ووحدتنا، والله معنا.

 

الأمة المقموعة التي تعتاد الإذعان وتألف فقدان حريتها لا تثور، وهل تثور الماشية على راعيها!.

 

الأمة التي لا ترى الاستبداد والديكتاتورية وتكميم الأفواه فيها... أمة عمياء.

 

الأمة التي تستنشق الاستبداد والديكتاتورية ولا تحسبه شرًا...أمة لا تتنفس.

 

الفلسطينيون تحت الاحتلال أكثر حرية من كثير من الشعوب والأنظمة في معادلة معقدة!

 

الفلسطينيون تحت الاحتلال يستطيعون بمعادلتهم أن ينتفضوا ويثوروا ويقاوموا الاحتلال، دون أن يخضعوا لقيادتهم، ودون أن يسيروا خلفها كالعميان.

 

الفلسطينيون ثوار وديمقراطيون ومشاغبون وأحرار وملتزمون ورفضويون، فهم لا يقبلون الانصياع أو الالتزام دون حوار وتعددية، ورفض وتقبّل وخلاف واتفاق ثم وحدة استراتيجية وخلافات بينية.

 

كثيرٌ من شعوب الأمة تبدو ذاهلة أو مأسورة لغيرها أو مكبلة، أومخنوقة، أوممسوخة بفكرها واتجاهاتها الانبهارية بالغرب وبالعقلية الاستهلاكية الرأسمالية، لذا تصبح فلسطين عندهم عبارة عن إعلان عابر بين حشد المسلسلات!

 

كثير من شعوب الأمة  مخنوقة لا تستطيع التنفس!

 

كثير من شعوب الأمة تجبر على الصراخ بالصوت الواحد الذي يتغنى بالرئيس والملك والأمير والسلطان، والحزب القائد، والفكر الرائد، والزعيم الفذ فلا حرية ولا عدالة ولا ديمقراطية حقيقية.  

 

مالم تُزال الكمامات عن الأفواه، بثورات ديمقراطية شعبية سلمية عربية لتصرخ في وجه الظلم والاستبداد والكذب، وتبديد الثروات والفساد وسرقة الامة، وسرقة الأمل... فلا أمل.

 

 لن تُزال الكمامات عن أفواه المثقفين والشعوب الا بالحرية، وتدفق النهردون سدود، وبالانتصار للعربية ، وبنُصرة الحق والعدالة، وتحقيق الدولة الديمقراطية المدنية التي ترفض السلطوية والاستبداد والاستهلاكية الغربية على درب الوحدية والتقدم والنصر بإذن الله.

 

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024