الرئيسة/  مقالات وتحليلات

" لا تبك يا أمي " .. كريم يونس عين الحرية أنت

نشر بتاريخ: 2020-08-13 الساعة: 08:48

 موفق مطر  

اقتربت منها عندما حضرت الى الخان الأحمر العام الماضي متحاملة على ضعف صحتها :"  اتسمحين لي يا ام كريم بتقبيل رأسك فأنت انجبت لنا مناضلا بطلا نبيلا نموذجا للفداء والصبر والصمود " فقالت : " طبعا يما فكلكم ابنائي ". 

أنها السيدة الفلسطينية صبحية وهبة يونس والدة المناضل القائد عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح كريم يونس نيلسون مانديلا فلسطين . 

كان في السابعة والعشرين عندما اغارت شرطة منظومة الاحتلال على جامعة بن غوريون حيث كان يدرس العلوم السياسية والصحافة واعتقلته في اليوم ألأول من حزيران يونيو من العام 1983 ، فصار كريم الذي ولد 24 كانون الأول ديسمبر 1956 رمزا ليس في بلدته ( عارة )  - شمال فلسطين التاريخية والطبيعية - التي درس فيها خلال المرحلتين الابتدائية  والإعدادية قبل انتقاله لمدينة لناصرة لنيل شهادة الثانوية العامة  وحسب ، بل رمزا فلسطينيا وطنيا كفاحيا سياسيا وإضافة نوعية لسجل الفداء والشرف الوطني . 

بعث المناضل كريم يونس رسالة للرئيس محمود عباس ابو مازن  في شهر آذار من العام 2014 بعد مراوغة منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري الاسرائيلي  للالتفاف على اتفاق القيادة الفلسطينية مع حكومة اسرائيل برعاية اميركية على اطلاق حرية الأسرى من المعتقلات الاسرائيلية بمن فيهم  14 مواطنا فلسطينيا يحملون  جنسية اسرائيلية  على رأسهم كريم يونس كان مفترضا حسب الاتفاق اطلاقهم في الدفعة الرابعة والأخيرة ، فكتب يونس لقائده وقائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية  ابو مازن :" نحن لا نتطلع إلى خلاصنا الشخصي بقدر ما نتطلع إلى خلاص شعبنا من الاحتلال ، فحريتنا مرتبطة بحرية شعبنا ونيله حقوقه المشروعة والثابتة " وكتب فيما يعتبر  بمنهج العمل الوطني وثيقة تاريخية :" لا نقبل كأسرى الداخل الفلسطيني وعددنا 14 أسيرا ومن المقرر أن يفرج عنا يوم 29/3/2014 أن نستخدم أداة للابتزاز السياسي، فنحن مع موقف الرئيس أبو مازن والقاضي بالإفراج عن الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو إلى بيوتهم ومنازلهم وليس إلى مكان آخر، وان تنصل إسرائيل من هذا الالتزام سيحملها المسؤولية الكاملة في فشل المفاوضات ونسف عملية السلام... نحن كأسرى من الداخل الفلسطيني نرفض المحاولات الإسرائيلية العنصرية باستخدامنا ورقة مساومة للضغط على الرئيس والقيادة الفلسطينية على حساب حقوق شعبنا العادلة، فنحن ناضلنا وضحينا من اجل حرية فلسطين وكرامة شعبنا البطل" ومنذ ذلك الحين توقفت المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي لأن قادة المنظومة قد غدروا ونكثوا اتفاقا عن سابق تصميم وترصد يعلمون مسبقا مكانة وقداسة قضية الأسرى في المنهج الناظم لعمل القيادة ، ولدى الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية . 

المناضل كريم يونس الذي شاب شعره في معتقلات الاحتلال الاسرائيلي العنصري  في  الجلمة،  الرملة،  عسقلان،  نفحة،  بئر السبع، الشارون،  مجدو،  وهداريم. 

امضى حوالي 37 عاما من اصل 40 عاما قررت محكمة للاحتلال أن يقضيها في معتقلاته بعد تنزيل القرار من الحكم بالسجن المؤبد  الذي جاء بعد قرار المحكمة بإعدامه شنقا  بتهمة قتل جندي في جيش الاحتلال والانتماء لحركة فتح ، اذ كان المقصود ارهاب جماهير الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية والطبيعية  وتحديدا الذين يحملون  الجنسية الاسرائيلية وإرعابهم من نتائج  اية اعمال كفاحية نضالية وطنية ، ومن قوله لوالدته اثناء زيارتها له في المعتقل  يمكننا لمس عمق وعيه الوطني والفهم البعيد المدى لمعنى افتداء الوطن ومواجهة العدوان والاحتلال اذ قال محاولا تهدئة  نفسها والتخفيف عن احزانها :" هنا 11يا امي 11 ألف اسير وأنا واحد منهم.. ولهؤلاء الأسرى الشباب أهل وزوجات ؟ أنا واحد من هؤلاء الشباب.. فلا تبك يا أمى  فأنا لست مسجونا بسبب قضية تستحى منها ، انا معتقل على بسبب أمر مشرف ". 

 

سيكون مستحيلا على اركان هذه المنظومة فهم طبيعة الوطني الفلسطيني  حتى لو بلغت قدرتها على استكشاف مواطن ضعف هنا او هناك واستغلتها ، فهذا الأسير كريم يونس ومن قلب زنزانته ، يؤلف كتابين الأول )الواقع السياسي في إسرائيل عام 1990(  والثاني ( الصراع الأيديولوجي والتسوية عام 1993) فانتصرت وبصيرته وإرادته على جدرانها وأبواب المعتقل الفولاذية والسجان العنصري . 

 

مؤلم جدا رؤية شخص ما بموقع مسئولية وقيادة يتحرك كيفما ومتى شاء يحكم على القضايا والأمور وفق منظوره  الضيق جدا والقصير ويصب الزيت على النار ، وينكأ الجراح كلما التأمت  فيما مناضل اسير قضى حتى الآن ثلثي حوالي ثلثي عمرة في زنازين الجلاد العنصري الاسرائيلي لكنه يتمتع ببصيرة وافق ورؤية وطنية  انسانية صائبة بعيدة المدى  فهو قد كتب في رسالته للرئيس ابو مازن :"   

نقف معك في جهودك  وإصرارك على إنهاء أطول احتلال في التاريخ المعاصر،  وإطلاق حرية الاسرى كجزء من الحل السياسي وليس على هامش هذا الحل، نرفض المقايضة الإسرائيلية ووسائل التلاعب وسياسة التمييز العنصري الإسرائيلي، لأننا جزء لا يتجزأ من شعبنا العربي الفلسطيني ومصيرنا مرتبط بمصير هذا الشعب " ثم كتب :" إن الكرامة والحرية هي أغلى ما يملكه الإنسان ". 

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024