فوضى السلاح في شوارع وشرائح ملغومة
نشر بتاريخ: 2020-08-09 الساعة: 08:19موفق مطر
لم يعد ممكنا التعايش مع فوضى السلاح الشخصي ، أو ذاك السلاح الذي يدعي حاملوه أنه للمقاومة لكنه يخرس اثناء اجتياح قوات الاحتلال الاسرائيلي ولا يقاوم .
ليس أخلاقيا ومنافيا لقيم المجتمع العربي الفلسطيني وحسب ، بل جريمة بحق الوطن أن يبلغ رقم قائمة ضحايا سلاح لا مشروع ولا قانوني الاسبوعية أو الشهرية أكبر من رقم ضحايا سلاح الاحتلال الاستعماري العنصري ، فنحن نعيش حالة يكاد لا يمر اسبوع علينا إلا ونكون قد فجعنا بضحية قتلت برصاص اشتباكات شخصية في مشاجرات عائلية أو في مناسبات .
لقد تحولت كثير من افراح المجتمع الى مآتم ، وتحولت شوارع في مدن كبيرة وصغيرة أيضا الى ميادين اشتباكات بالرصاص بين مسلحين ملثمين غير معروفين أو بين افراد عائلات تنتهي بسقوط ضحايا وجرحى ولا تقف عند هذا الحد وإنما تبلغ حد اشعال بيوت عائلات خصوم وتشريدها ، وهي جرائم نشتكي فظائعها للمحاكم الدولية عندما ترتكبها قوات الاحتلال في أي مكان على أرضنا .
كيف وأين سنخبئ وجوهنا عندما تواجهنا المنظمات الأممية والهيئات الدولية بجرائم قتل وحرق بيوت وتهجير عائلات من بيوتهم ورثوها عن اجداهم وأجداد اجدادهم بسبب سلاح افراد وعائلات وعشائر يفرض نفسه كسلطة أمر واقع في مناطق تخضع امنيا لسلطة منظومة الاحتلال الاسرائيلي ؟! ولا سيطرة فيها للأمن الرسمي للسلطة الوطنية .
الأم المرضعة داليا سمودي 24 عاما ابنة من حي الجابريات في مدينة جنين ابنة اسير محرر احدث ضحية ( شهيدة ) ارتقت روحها قبل يومين برصاص جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي ، لم تكن في ميدان مواجهة وإنما في بيتها تتهيأ لإرضاع وليدها ، بعدما نادت بإغلاق النوافذ حتى لا يختنق طفليها الرضيعين (اياس 4) شهور و( سراج ) عام ونصف فارتقت روحها برصاصة طائشة اطلقها جنود نظاميون في جيش منظومة استعمارية عنصرية تسمى (دولة اسرائيل ).
أما (حنان ياسين زلوم ) من سلوان في القدس قصفت احلامها بالحياة كزهرة برية رصاصة طائشة فقطفتها الى الأبد وهي في ربيعها الرابعلتحلق روحها بعد حوالي عشرة ايام مع روح "عايدة البلبيسي من وسط مدينة غزة التي ارتقت روحها بفعل رصاصة استقرت في رأسها اطلقها اعمى قلب وضمير وعقل ، كان مثيل لهذا المجرم المجهول المعلوم قد سجل اسم الطفلة ( رفيف محمد قراعين ) 4 سنوات في قائمة ضحايا مجرمين يعلمون أن اطلاق الرصاص كتعبير عن الفرح نقيض لمنزلة هذه العاطفة الانسانية ومكانتها ، وانه انعكاس لجهل وسلوك لا يمت للرجولة بصلة .
الخميس الماضي ارتقت روح المواطن ( خليل الشيخ ) 47 عاما شقيق رئيس هيئة الشئون المدنية الوزير حسين الشيخ في احدى شوارع مدينة البيرة برصاصة إثر شجار واشتباك مسلح بين عائلتين لم يكن من افرادهما ،اذ دار الحديث عن موضعه في جهة المصلحين الذين عملوا على صلح بين العائلتين المتخاصمتين ، فارتقت روحه اثناء مسعاه للخير والسلم بين افراد المجتمع ، وقد يكون مهما في هذا السياق اخذ كلام الوزير حسين الشيخ وهو بالمناسبة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح كنموذج على وعي وطني يساهم في تدعيم ركائز السلم ألأهلي والمجتمعي اذ قال :" ساقطع يدي لو مست النسيج الاجتماعي وإذا كانت دماء خليل هي الطريق كي نتعلم المحافظة على وحدتنا وتماسكنا ونسيجنا الوطني، فأنا أناشدكم جميعاً بأن تتمسكوا بهذا الموضوع ولا بد دائماً أن تكون الأولوية وطنية ".
احداث مفجعة متتالية في مدة قصيرة ، تبين لنا فظاعة الخطر الكامن في مجتمعنا ، وتثبت اننا نعيش على ارض جزيرة ملغومة لا نعرف متى ستنفجر، حيث سيحرق سلاح الفوضى والانفلات الأخضر قبل اليابس في مجتمعنا ، فيما منظومة الاحتلال تراقب بمناظيرها المركزة النتائج العملية التي انتظرتها جراء مساهمتها في تمرير السلاح الى شرائح في المجتمع فلسطيني معنية بشكل أو بآخر بإضعاف أجهزة السلطة الوطنية ألأمنية ، وتعمل على احداث انفلات امني يحقق لها مكاسب من نوع ما مرتبطة عضويا مع الاحتلال .
لابد من قرارات حكيمة قابلة للتنفيذ ، ولابد من ارادة لتنفيذ بنود القانون 2 لسنة 1998 بشان الأسلحة والذخائر وتحديدا المادة ( 14 ) حيث نصها :" أ - لا يجوز حمل الأسلحة في المحلات العامة وفي المؤتمرات والاجتماعات والحفلات العامة والأفراح. ب - يمنع منعاً باتاً التظاهر بحمل السلاح.
نعيش حالة حركة تحرر وطنية تنقلنا من السلطة الى الدولة ، لكن سببا واحدا لا يمنع السلطة الرسمية القانونية من تطبيق القانون ، فالسلاح لا تصونه ولا تحافظ على طهارته إلا أياد منضبطة بعقل وطني وأخلاق شخصية ، فقد بتنا نخشى من يوم نصبح فيه مثالا تاريخيا سيئا، لفوضى السلاح في شوارع وشرائح ملغومة ، اذ لا يعقل أن يأخذ المجرمون الجاهلون الجاهليون دور ومهمة الاحتلال وينفذونها بأيدهم تحت شعارات واعتبارات اقل ما يقال فيها انها انعكاس للتخلف والوحشية والظلم ، وانغماس حتى ألأنف بوحل الجريمة وسفك الدماء .
m.a