مذكرات كبش ...!!
نشر بتاريخ: 2020-07-30 الساعة: 12:49موفق مطر
نعم فالأكباش تتكلم عندما تعجز عن النطاح ، فهذا كبش يهمس بأذن نعجته قبل جره للذبح في العيد : لا تحزن فنحن معشر الخرفان قد جعل البشر لذبحنا عيدا ، يضحون بنا مرة كل عام وعزاؤنا ان معظم لحمنا يناله مستحقون فقراء , أما ابناء آدم يا نعجتي فإنهم مذ كانوا اول عائلة على الأرض يذبحون بعضهم كل يوم ، وكل منهم يسعى لدفع الآخر ليكون الضحية ، فيذهب باتجاه واحد بلانهاية وبلا طريق عودة نحو عالم التضحية ، فقالت له : لماذا لا ينطح الضحايا المفترضون الجزارون الجشعون ، فهم لو فعلوها مرة لأخذوا معهم سماسرة الدماء الى الجحيم .. فنظر اليها وصمت قبل ان يحسس الجزار على رقبته ويجره الى مصيره !.
كبش آدمي فيلسوف كتب في مذكراته : " يضحي الفقراء من أبناء آدم بأنفسهم وأرواحهم وأبنائهم فيما الذين اغتنوا من خير البلاد وأهلها ، الأميون الذين لا يعرفون معنى التضحية ينصبون المواقد لشواء لحومنا على ضفاف مسابحهم... انه العيد عند كل منهما .
وكتب الكبش الضحية ايضا : سنكون سعداء لو انهم عندما يذبحوننا – أي يضحون بنا – يفكرون برغبتنا وامنياتنا لأن نكون على موائد الفقراء, فالمساكين يحبون طعم ورائحة لحمنا المشوي وهذا بالنسبة لنا روح فلسفة التضحية في عالمنا نحن الأكباش ، لكن لا ادري ما الذي يمنع هؤلاء المضحى بهم عبثا من تحويل صخور الأرض الى جمر تحت اقدام كل من يشوي فلذات اكبادهم ، ويقدمهم كضحايا لينال منح سلطان ما في جهة ما على هذه الأرض يشتغل دائما على تأمين مذابح داخل حدود امبراطوريته الموروثة وخارجها .
أما الكبش الضحية الآدمي فكتب في صدر مذكراته : يذكرني مشهد الأكباش المصفوفة للذبح في المسالخ، وطقوس التفنن باشعال النيران والنفخ على الجمر ، ومناظر الأسياخ المغروزة باللحم استعدادا لشويها على النار ، تذكرني بصور شباب كالورود مصفوفين مدفوعين الى مصائرهم ، وتستدعي صور نهاياتهم المحروقة في ساحات الحرب, يا الهي.. ما افظع الجزارين في عالم السياسة !!.. الذين يقطعون سلالة آدم بفولاذ آلاتهم الحربية ويتفنون في شرعنة شوي لحمه على الجمر ببطىء .
في صفحة اخرى من مذكرات كبش آدمي نقرأ : قد تشبع البطون من لحم الضان المشوي, وتهدأ النفوس, لكن العقول لا تشبع إلا بالعدالة , فالجريمة العظمى تحويل المضحي الى مجرد ضحية ، وسيبقى الأمر في دنيا أبناء آدم على حاله مادام الذي بيده القرار يفكر بعقلية الجزار ، يسمن اكباشه ( أبناء البلد ) لأيام الذبح القادمة .
يعود الكبش الآدمي الفيلسوف فيكتب: اذا توسعت الهوة بين الاغنياء والفقراء في البلد, وإذا استحكمت عقلية المناطحة والمباطحة مكان المناصحة والمصافحة بين الساسة, فان قرون سنوات عجاف ستطيح هامات الكبير والصغير فينا .. وعلى الجميع اتقاء يوم لا يجد فيه الفقراء قرشا أبيضا لأيامهم السوداء، فيما المتكسبون من تضحيات هؤلاء الفقراء اصحاب الأيام البيضاء دائما ، يوارون عيونهم ويموهون على وجوههم بنظارات سوداء. خجلا من لقاء ذوي الضحايا ،
ويتساءل بالخط العريض : اي نظام مجتمعي وثقافي هذا انقلبت فيه معاني التضحية والضحية والافتداء حتى صارت مناسباتها بوابات كنوز محكمة بأرقام سرية لا يعرفها ولا يلج اليها لنيل رغد العيش إلا جزارون احتكروا مشاريع مسالخ السياسة في الأرض ، فيما الفقير وذريته من بعده فانه يتمنى لو يجد قبرا مجانيا يوم ترقى روحه للسماء !.. فهل من العدل ألا تجد أم العيال إلا اجنحة دجاج لتطعيم طبخة العيد لأطفالها , بينما (جزار السياسة ) وأزلامه يطيرون الى بيوتهم بلحم يكفيهم الى يوم القيامة !!
وكتب كبش آدمي مناطح متمرد متفائل : لن نكون ضحايا ، وسنعمل على اسقاط « نظام الذبح العالمي » ؟ وبالحكمة وحدها تفتدى سلالة آدم الطيبة ، فلحمه الانسان ودمه على اخيه الانسان حرام .
m.a