مدير عام حماية الآثار لـ"وفا": الاحتلال ينهب التراث الفلسطيني منذ العام 1967
نشر بتاريخ: 2020-07-26 الساعة: 11:13بيت لحم -مراسل وفا- قال مدير عام حماية الآثار في وزارة السياحة والاثار صالح طوافشة، إن سلطات الاحتلال الاسرائيلي اتبعت منذ العام 1967 سياسة ممنهجة لسرقة ونهب التراث الفلسطيني، الذي يعتبر جزءا من الهوية الثقافية لشعبنا الفلسطيني، وهو الحلقة المهمة في ارتباط الإنسان الفلسطيني بأرضه.
وأضاف طوافشة في حديث خاص لــــــــــ"وفا"، إن الاحتلال قام بتسليم ملف الآثار إلى ضابط آثار كانت مرجعيته ما يسمى الحاكم العسكري الإسرائيلي، حيث تأسست "إدارة" متخصصة بذلك، بغية السيطرة المطلقة على الآثار في فلسطين، حيث صدت أوامر عسكرية إسرائيلية منحت هذا الحاكم صلاحيات واسعة، شملت مجموعة من القضايا، أهمها: منح التراخيص، والاتجار بالآثار، ونهبها، وصلاحيات شاملة على التنقيب، والمسح، والبحث عن الآثار. كما جرى الغاء نظام الحماية، وإبطال بنود القانون الخاصة بذلك.
أوجه عمليات النهب وسرقة الآثار من قبل الاحتلال
وأشار إلى أن أوجه عمليات النهب وسرقة الآثار في فلسطين من قبل الاحتلال تعددت، وما زالت منتشرة في المناطق التي يسيطر عليها، من خلال البدء بأعمال نهب كبيرة، والترويج لتجارة الآثار، ومنح تصاريح أو رخص للاتجار بها، وانخراط رموز سياسية إسرائيلية في عمليات نهب الآثار والاتجار بها، وإجراء التنقيبات الاثرية غير الشرعية في الأراضي المحتلة، والسماح والمشاركة في تهريب الآثار إلى الخارج، وإخفاء أي بيانات تتعلق بالوضع الأثري في فلسطين.
وتابع: كما تتم محاولة إيجاد رواية بديلة عن الرواية الحقيقية والتي تعكسها الآثار الموجودة على الأرض، ومحاولة استخدام الآثار في تثبيت أفكار أيديولوجية تخدم الرواية المزيفة للاحتلال، والاستيطان، والاستيلاء على الأراضي، وإخفاء الأسماء العربية، وتحريف اسماء المواقع، وجدار الفصل العنصري، ومشروع الضم الأخير، وعمليات سرقة الآثار والاتجار بها.
وأضاف طوافشة "أن إحصائيات الوزارة تشير إلى نهب وتدمير آلاف المواقع الأثرية، حيث جرى سرقة ونقل مئات الآلاف من القطع الأثرية التي تم استخراجها بشكل غير قانوني من المواقع الأثرية"، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال قد منحت رخصا للاتجار بالآثار، ما أسهم في ازدياد ظاهرة التهريب، وتناميها بشكل كبير جدا"، موضحا أن التقديرات تشير إلى مئات الآلاف من القطع الأثرية كانت تهرب سنويا ويتم تداولها في الأسواق المفتوحة للتجارة، وأخرى تبقى لدى سلطات الاحتلال.
الاعتداءات على المواقع الأثرية وتدميرها
وأشار طوافشة إلى "أن هناك تدميرا متعمدا لمواقع التراث الثقافي الفلسطيني، ونهبها، وتشجيع الاتجار بالآثار من قبل الاحتلال، وهذا يندرج ضمن السياسة المعدة مسبقا في محاولة لمحو الذاكرة وتزيف الحقيقة على الأرض".
وأردف: أن الاحتلال نفذ مجموعة من الأعمال العدائية على التراث، منها: تدمير المواقع المحاذية لمعسكرات جيش الاحتلال، وتلك الموجودة بالقرب أو داخل المستوطنات، وما نتج عن جدار الفصل العنصري من تدمير للمواقع وعزلها، وعمليات قصف للمواقع الأثرية والتاريخية، كما جرى في نابلس، وخان يونس، والخليل، وعابود، وهذا يعتبر أكبر شاهد على استهداف التراث الوطني من قبل هذا الاحتلال.
التنقيبات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية
وقال" إن الإطار القانوني الدولي يمنع إجراء أعمال تنقيب في الأراضي المحتلة، وبالرغم من ذلك فقد قامت سلطات الاحتلال بإجراء تنقيبات أثرية في مئات المواقع الأثرية، وأغلبها ارتبطت بأهداف أيدلوجية بحته، هدفها محاولة ربط الرواية المزيفة بالواقع، وما زالت هذه التنقيبات مستمرة في المناطق المحتلة، منها: القدس، والخليل، وسلوان، وكثير من المواقع الأخرى".
وأضاف: كما أجرت سلطات الاحتلال مجموعة من المسوحات الأثرية المخالفة للقانون، حيث انطوت هذه الأعمال على حملة كبيرة للتهويد، وتثبيت أسماء جديدة للمواقع ترتبط بالتوجه الإسرائيلي الذي يحاول ايجاد ارتباط او تبرير مزعوم للسيطرة على أرض فلسطين، وهذا ما يفسر تركيز تنقيباتهم ومسوحاتهم على سمات مرتبطة بروايات مزيفة ووقائع غير موجودة اصلا.
استمرار استهداف التراث الثقافي الفلسطيني من قبل الاحتلال
وأشار طوافشة إلى أن الاحتلال مستمر بانتهاك صارخ للقوانين والمعاهدات الدولية، وذلك باستهدافه المباشر للتراث الثقافي الفلسطيني، وما زال يسهم في عمليات تهريب الآثار، وسرقتها، وحماية هذا العمل المخالف.
وتعقيبا على ما جرى في بلدة تقوع قبل أيام وما قام به الاحتلال من سرقة جرن المعمودية، اعتبر طوافشة ما حصل "قرصنة، وهمجية، وتحدٍ لكل المؤسسات الدولية العاملة بالتراث وانتهاك لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية".
وتابع: ان الجرن موجود في سياق الموقع الأثري، ودائرة الآثار وضمن عملها الذي يندرج في إطار علمي تحاول جاهدة ابقاء الآثار في سياقها الحضاري الأصلي، لأنها تحافظ على قيمتها، والمكان الذي سرق منه يقع في المنطقة المصنفة (ب)، أي أن الاحتلال لا يجوز أن يتدخل بملف الآثار.
دور الوزارة في حماية التراث
وأشار طوافشة إلى أن الوزارة وضعت خطة شاملة لوقف أعمال النهب والتدمير التي تجري في المواقع الأثرية، ومنعت الاتجار بالآثار، وتداولها، وقد أقرت قانونا عصريا للتراث، يلبي الاحتياجات والتطلعات لحماية التراث الوطني الفلسطيني، وهي تضع الخطط اللازمة للقيام بذلك، تبعا للأوضاع الراهنة، وما يجري على الأرض.
وأضاف، إن طواقم الوزارة تقوم باستمرار بالمتابعات الميدانية اللازمة في كافة المحافظات، وقد ركزت في الفترة الأخيرة على التعاون مع الهيئات المحلية، من أجل حماية التراث الثقافي، واستهدفت المجتمع المحلي ببرامج التوعية وايضا تقوم بالتنسيق مع الأجهزة الامنية، من أجل حماية التراث ووقف المخالفات.
وتابع: تقوم شرطة السياحة والآثار بدور طليعي في وقف أعمال الاتجار غير المشروع بالآثار، ووقف المخالفات في المواقع، ويجري تنسيق يومي بين الشرطة ودائرة الآثار فيما يتعلق بالتراث الثقافي وحمايته، ونفذت الوزارة مجموعة من المشاريع الهامة التي ركزت على تأهيل المواقع الأثرية، وإنشاء متاحف تعرض فيها المواد الأثرية، إضافة إلى قيامها بمجموعة كبيرة من التنقيبات.
وأكد ان الوزارة عززت في الفترة الأخيرة كادر دائرة الآثار بالإمكانيات البشرية واللوجستية، والتي أسهمت بشكل فعال في حماية آثار فلسطين من النهب، والتدمير، ما أدى إلى انخفاض ملموس في عمليات النهب والاتجار غير المشروع بالآثار، وقد أدت هذه الجهود إلى وقف أعمال التدمير والنهب في المناطق التي نسيطر عليها وهي (أ، ب) وبقيت مناطق ما يسمى (ج) عرضة للنهب والسرقة، بالرغم من كل المحاولات لوقفها، إلا أن تعقيدات الوضع الأمني على الأرض، وما يفرضه الاحتلال من قيود على الوصول الى تلك المناطق، يصعب بشكل كبير من السيطرة على عمليات النهب، ووقف المخالفات فيها.
وأوضح: أنه في ظل جائحة كورونا وضعت الوزارة خطة لحماية التراث الوطني الفلسطيني، بحيث شملت كافة المواقع، وتم تقسيم بموجبها كل محافظة إلى عدة أقسام، وتم الإيعاز لمدراء التراث بكل محافظة للإشراف على سير الخطة، والتنسيق المباشر مع المحافظين، وشرطة السياحة والآثار، وقد نجحت الجهود بشكل كبير في الحد من الاعتداءات على المواقع ووقف أعمال النهب.
m.a