أين فلسطين من التقرير العالمي الفجوة بين الجنسين 2020؟
نشر بتاريخ: 2020-07-25 الساعة: 22:35عبير البرغوثي
صدر قبل أيام التقرير العالمي حول "الفجوة بين الجنسين لعام 2020"، التقرير يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) بشكل دوري، وتمت مقارنة بيانات نحو 153 دولة على مستوى العالم ضمن هذا التقرير لهذا العام، ويهدف التقرير الى قياس الفجوة بين الجنسين على مستوى الدول وعلى المستوى العالمي من خلال مؤشرات احصائية تشمل المجالات الاقتصادية والسياسية والتعليمية والصحية ومقارنتها عبر الزمن وبين الدول.
لسنا بصدد التعريف بالتقرير من حيث المحتوى ومنهجية الحساب، لكن التقرير يمثل ملخصًا عالميًّا ومرجعًا مهمًّا لمتابعة موضوع الفجوة بين الجنسين، واتجاهات تحركها سواء من ناحية تقليصها أم من ناحية اتساعها وتأثيرات ذلك على مسيرة التنمية والعدالة والمساواة الاجتماعية على المستويين الوطني والدولي.
مبادرة مهمة تعكس جهودًا كبيرة لتجميع بيانات إحصائية كمية ونوعية وتحويلها الى مؤشر قابل للمقارنة واستخلاص الدروس والعبر والسياسات وإجراءات التدخل من قبل الجهات المعنية بالتنمية بمفهومها الشامل والمستدام، ويشكل أجندة عمل مهمة للمنظمات والمؤسسات لبناء خططها العملية وفق معلومات احصائية دقيقة في قراءتها وتشخيصها للواقع، وكذلك لمساعدتها في وضع مستهدفات وغايات ضمن خططها التشغيلية، تكون انعكاسًا دقيقًا للواقع ومتطلبات تطويره بما يخدم الغايات والاستراتيجيات الوطنية ويساهم في ردم الفجوة بين الجنسين، لأن التغلب على ذلك يشكل شرطًا مهمًّا لاستدامة التنمية المجتمعية والمستدامة بكل أبعادها.
الجانب المهم أن نتائج مؤشر الفجوة بين الجنسين لهذا العام وضعت الدول العربية في مقاعد ما بعد المئة من بين الـ 153 دولة التي غطاها التقرير، فكانت أول دولة عربية في المقعد 122 تمامًا في الربع الرابع من الترتيب العالمي، وما يزيد الامر سوءًا ان يحجز آخر مقعدين من الترتيب العالمي لدولتين عربيتين أيضًا.
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال، اين موقع دولة فلسطين من هذه المبادرة العالمية؟ واين تقع الفجوة بين الجنسين على مستوى فلسطين ضمن هذا المقياس العالمي؟
الجواب بكل بساطة، التقرير لم يذكر فلسطين ضمن ترتيبه لنتائج الدول التي تمت تغطيتها، فلسطين خارج احصاءات وبيانات هذا التقرير، الفجوة بين الجنسين وقضايا المرأة والتنمية المجتمعية غير متواجدة ضمن هذا المنبر الدولي، رغم أهميته على المستويين العالمي والمحلي، والسؤال المهم في هذا المجال من كلمة واحدة: لماذا؟
هل ذلك يرتبط بسياسة إدارة المبادرة والتقرير الدولي، ويتم استبعاد فلسطين لأسباب سياسية بشكل مقصود منذ تصميم المشروع حتى صدور النتائج النهائية للتقرير؟ أم أن الاقصاء هو نتاج خلل اداري، سببه الإهمال أو عدم المبادرة، أو أن إعداد التقرير يتم بمن يحضر أولاً وفق اجراءات بسيطة لا يفترض خلفها اي سبب لافتراض سوء النية السياسية او الجندرية!
أم السبب لغيابنا عن هكذا مبادرة دولية يرتبط بنا وبمؤسساتنا نحن، من حيث ضرورة المتابعة والاتصال وطرق الابواب لايصال الصوت والصورة والحضور الفلسطيني في كافة المبادرات الدولية؟لا شك أن العديد من مؤسساتنا على علم بهذا التقرير ليس من الآن أو من هذا العدد بالتحديد، بل من أعداد سابقة، فنحن بشكل أو بآخر من المشاركين في مبادرات المنتدى الاقتصادي الدولي عن قرب او عن بعد، بشكل مباشر او غير مباشر، فلماذا لا تستثمر تلك العلاقات والمعارف والاتصالات لتفعيل حضورنا ومشاركتنا في تلك المبادرات التي تبرز وتظهر ترتيب الدول ودرجة تنافسيتها؟
لهكذا مشاركة آثار ايجابية مهمة علينا، فاذا كان لدينا نقص في إنتاج البيانات والاحصاءات اللازمة في الفترة السابقة، فإن الانخراط الجاد يدفعنا لإنتاج وتوفير البيانات المطلوبة بالمواصفات والجودة والتوقيتات المناسبة لمشاركتنا في هذه المبادرات، ومشاركتنا ومعرفة واقع الفجوة على المستوى الوطني وبالمقارنة مع غيرنا تساعد مؤسساتنا على وضع سياسات وخطط تشغيلية واقعية تلامس ظروفنا وترتبط بحقيقة الامور على أرض الوقع، وهذه من أسس الشفافية في التخطيط وتقييم الانجازات والتقدم، وهي خيار مؤسساتنا النسوية والمعنية بالنوع الاجتماعي وردم الفجوة بين الجنسين لإعادة بناء مرئياتها على أسس من المعالم العالمية في التخطيط والعمل، والنقطة المهمة ان المشاركة تضعنا تحت دائرة الضوء العالمية، وهذه فرصة للتعرف والاستفادة من قصص النجاح والتجارب الفضلى للدول التي حققت تقدمًا وتطورًا يشهد لهما على صعيد جسر الفجوة الجندرية وتوظيف التنوع الاجتماعي لخدمة عملية التنمية الشاملة والمستدامة.
إنها دعوة لكافة الجهات المعنية بهذا الموضوع للاطلاع والمراجعة والتعاون لالتقاط المبادرة والتحرك معًا من جديد، ففلسطين تحتاج لأن تكون حاضرة في كافة المنتديات والمناسبات العالمية، مرة لنسمع صوتنا لأصدقائنا وغير أصدقائنا، ومرات كثيرة لنقدم تجربتنا لنشارك غيرنا ونتعلم ونستفيد، وغايتنا أن يبقى اسم فلسطين وعلمها تزدانان بهما الفعاليات والاصدارات كافة، وهذا الحال ينطبق على مبادرات أخرى باتت تحتل أجندة الاهتمام العالمي في ظل الانفتاح والتنافسية وسعي الدول والشعوب لأن تكون دومًا في الصدارة، ونحن لسنا بأقل من غيرنا حتى نحتل مراتب متقدمة تليق بتاريخنا ونضالنا ودور نسائنا ورجالنا واطفالنا في مختلف ميادين الحياة.
m.a