أنقذوا كمال من ملاحم الإحتلال
نشر بتاريخ: 2020-07-19 الساعة: 09:30الكاتب: هبه أ. بيضون
لا يزال هناك، يقبع في المستشفى الإسرائيلي، لا حول له ولا قوة ، إلا قوة الإيمان الداخلية التي لديه، وقوة الإيمان لديه بأبناء شعبه، بأنهم سيبذلون كل ما في وسعهم لمساعدته وإنقاذه من براثن السجّان اللعين. إنه الأسير المريض كمال أبو وعر، المريض بسرطان الحنجرة والذي أصيب فوق ذلك بالكورونا، وكأنما ينقصه بلاء...
لا بد وأن الكورونا اللعينة دخلت إلى جسد كمال من خلال أحد السجّانين، أو المحققين، أو أولئك الذين يعملون ضمن إدارة السجون، حيث أن الإسرائيلي الصهيوني في هذه الدائرة المغلقة هو الوحيد الذي يتعرض إلى البيئة الخارجية، وهو الوحيد القادر على الإختلاط وبالتالي على نقل الفيروس.
لو أن أسرانا البواسل غير مضطرين التعامل مع طواقم السجن، لما اختلطوا بهؤلاء الذين ينقلون لهم الوباء.
كمال كان بصحته وعافيته، في قمة نشاطه وذروة عطائه، كان يشارك في كل إضراب مفتوح عن الطعام، كما كان يضرب عن الطعام مناصرة وإسناداً لزميل له في المعتقل مضرب عن الطعام، كان كمال مناصراً لقضايا الأسرى ومدافعاً شرساً عن حقوقهم، لم يتوانى في خدمة أحد منهم ولا تقديم يد العون لأي كان، إلى أن وقع وأعياه المرض وأستنفذ طاقته ومنعه من ممارسة نشاطاته المعتادة في المعتقل...وقع كمال أبو وعر بعد أن نمت الخلايا السرطانية في جسده النحيل الضعيف، وبما أن الخبيث يقبع في حنجرته، فقد بدأ يكبر إلى أن منعه عن القدرة على الكلام، وبدأ يتواصل مع أقرانه من خلال الكتابة، إلى أن اقتحم فيروس كوفيد -19 خصوصيته، وانتهك عرض جهازه التنفسي، ليصبح التأثير مضاعفاً عليه مع الخلايا السرطانية المستمرة في النمو، والتي بدأت تعيق من دخول الهواء إلى رئتيه بسلاسة، أصبح كمال يختنق من تأثير المرضين، سرطان الحنجرة والكورونا.
كمال الآن على جهاز التنفس، ما بين الحياة والموت، يصارع المرضين بجسده النحيل وضعف حيلته إلا من قوة إيمانه.
ولكن ليس المرضين لوحدهما هما السبب فيما وصل إليه كمال، فهناك مسبب لكل شيء، والمسبب الأساس للمرضين هو الإحتلال البغيض، الذي يتبع سياسة الإهمال الطبي مع جميع أسرانا البواسل، والذي تفتقر عياداته أو ما يسمى بعياداته إلى الأجهزة والأدوية والعلاجات اللازمة، والذي مساعدته لأي مريض لا تتعدى الحبوب المسكنة ، التي يدمن عليها الجسم وتصبح غير فاعلة..
الإحتلال البغيض الذي انتهز فرصة جائحة كورونا ليضيق على أسرانا ، ويمنع عنهم زيارات عائلاتهم ومحاميهم، لقد استغل الإحتلال الجائحة ليزيد من حبسهم وينفذ عليهم سياسة العزل المضاعف ، بدلاً من أن يفرض إجراءات وقائية مشددة تقيهم من الإختلاط الذي يحمل المخاطرة، مع إبقاء باب زيارة العائلات والمحامين لهم مفتوحاً ضمن الإجراءات الوقائية التي تقيهم شر المرض والعدوى، في وقت قد يكونون بحاجة فيه إلى مؤازرة أو غلى هدمة تصلهم من أهلهم.
نستذكر هنا تقريراً نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية يوم 18 تشرين ثاني 2019 والصادر عن منظمة "أطباء بلا حدود " في إسرائيل، والتي وصف التقرير الوضع الطبي في معتقلات الإحتلال بالسيء، وذكر أنه لا يوجد متابعة صحية / طبية للأسرى، وأن العيادات غيرمجهزة كما يجب، وتحدث عن أن التحويلات الطبية للأطباء الأخصائيين قليلة جداً ولو حصلت فإنها تأخذ وقتاً طويلاً يكون المرض قد تفشى في جسد المريض قبل أن يصل إلى الطبيب، ناهيك عن تحديد مواعيد العمليات التي يحتاجها المرضى من الأسرى إلى ما بعد وقت طويل، يكون الألم قد قتل الأسير. أي أن ملخص التقرير كان أن الوضع الصحي للأسرى خطير في ظل سياسة الإهمال الطبي المتعمد.
كما يتبادر إلى الذهن ونحن نتحدث عن أسرانا البواسل في ملاحم الإحتلال الصهيوني ، ما صرّحت عنه عضو سابق في الكنيست داليا إتسك، والتي كانت ترأس لجنة العلوم البرلمانية في الكنيست حين اعترفت عام 1997 بإجراء 1000 تجربة طبية على أسرانا في ملاحم الإحتلال الصهيوني..
من هنا تزداد مخاوفي على كمال البطل، هل يعقل أنهم يخضعونه لأي تجارب طبية في الوقت الذي لا حول له ولا قوة!!
علينا جميعاً مضاعفة جهودنا في جميع الإتجاهات، وإسقاط جميع الإعتبارات السياسية والحسابية لإنقاذ الأسير كمال أبو وعر، علينا التحرك كالدينمو وعدم توفير أي جهد سياسي ودبلوماسي وشعبي ومحلي وإقليمي ودولي ورسمي وغير رسمي، علينا أن نكون صوت كمال الذي اختفى بداخله وأصبح غير قادر على إخراجه، علينا أن نصرخ ونعمل ونعمل ونعمل لننقذ كمال ، علينا أن نطالب بالإفراج عنه على كل المنابر، علينا أن نستغل جميع علاقاتنا الشخصية والرسمية للتواصل مع كل من يمكنه أن يضغط بإتجاه إطلاق سراحه، علينا أن نحول قضية كمال إلى قضية رأي عام عالمي وليس محلي فقط، علينا ألا نكتفي بما تقوم به السلطة والجهات المختصة فيها من جهود، وألا نعتمد على الإعتصامات الشعبية في الوطن ولا على المجهودات الجبارة لنادي الأسير، علينا أن نبتكر طرقاً لا تخطر على بال لإنقاذ كمال..فهذه فرصتنا الوحيدة لنسد له الجميل والفضل الذي له علينا، والذي ضحى بحياته ليس بمؤبد واحد وإنما بخمسة مؤبدات بعد إنتهاء أول مؤبد ويبقى مديناً لنا فوقها بخمسين سنة..
تحركوا بسرعة فائقة لإنقاذ كمال.
m.a