"الضم" في سياق الاحتلال
نشر بتاريخ: 2020-06-28 الساعة: 13:28
بكر أبوبكر
لم يكن الضمّ ليكون الموضوع الرئيس على طاولة الفلسطينيين، ولا المستعمرات التي تنخر عظامنا مع إرهابييها يوميًا، ولا الحواجز المقامة بالأمتار والأشبار في طول أراضي الدولة الفلسطينية وعرضها! فالاحتلال الصهيوني قائم بأنفاسه الثقيلة فوق صدورنا، ويمارس نقضه اليومي للمواثيق والاتفاقيات الدولية، والانتهاكات المختلفة التي هي طابع الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية منذ النكسة عام ١٩٦٧ .
لاجديد لدى الاحتلال إلا مزيد من التغوّل والغطرسة، فما كان من محاولة فلسطينية جادة للانتقال بالسلطة الوطنية الفلسطينية من مرحلة الادارة الذاتية لتكريس الدولة إلا أن حطم الاحتلال هذا المسعى بكل قسوة عام 2000 وأعاد احتلال مناطق السلطة الوطنية، وقتل ياسر عرفات وسقط مئات الشهداء في انتفاضة الحرية.
الاحتلال المتغوّل لم يلتزم بأي معيار سياسي أو قانوني أو أخلاقي منذ التشكّل للكيان إثر النكبة عام 1948م، وفي كل حروبه ضدنا وضد الأمة، ومؤخرًا ظهر صَلِفًا سافر الوجه تجاه العالم كلّه، إذ ضرب بعرض الحائط الإعلان الأممي الذي اعترف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة عضوا مراقبا عام ٢٠١٢،[1] متلهيًّا وكأنه ينقر مجموعة من حبّات الكوسا!
عناق أمريكا و"إسرائيل"
السياسة الأمريكية تجاه الكيان الصهيوني تواصلت مرتبطة بمنطق تبادل المنافع بين الطرفين، فالدولة الإسرائيلية قاعدة الاستعمار والامبريالية في المنطقة، فلا إمكانية للتخلي عنها أواستبدالها، فما بالك وقد ازداد الطين بلّة بتنامي الفكر الانجيلي[2]-الصهيوني-الترامبي الذي وضع عمودا متجددا (متجددا لأن الرابط الديني قديم)[3] يضاف لأعمدة سابقة شكّلت التحالف، الذي يمكنك فيه كأمريكي أن تقاطع شركات أمريكية ولكنك لن تستطيع مقاطعة "اسرائيل" في عديد الولايات الأمريكية!
لربما ظنّ البعض من زعماء العرب أن اتفاق المصالح مع أمريكا يفترض أن ينالوا عليه درجة امتياز! مقابل الاسرائيلي، فخاب ظنهم. لأن درجة المقبول مازالت تراوح مع درجة الفشل رغم عميق الاعتماد الأمريكي على نفط العرب.
ومن هنا يُفهم بوضوح أنه بصفقة "نتنياهو-ترامب"، أو صفعة القرن، أو بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان أو بالضم سواء نفّذ اليوم أو غدا، فإن للكيان الأولوية لدى أمريكا يتلوها النفط، وليس مصالح الأمة العربية جمعاء.
إن السياسة الاسرائيلية التي انطلقت منذ تأسيس "دولة إسرائيل" في أرض فلسطين عام ١٩٤٨ مازالت تقوم على عدة قواعد أهمها هو الاستعمار، والاستيطان الإحلالي ما يعني أن طرد للفلسطينيين والتضييق عليهم (وتطفيشهم) بكافة السبل ما زال سياسة معتمدة، كما الحال فيما استجدّ تجاه الضفة الغربية التي تحولت بقدرة قادر الى أسطورة "يهودا والسامرة" البائدة، التي ينبع الاهتمام بها من الارتباط الديني-العاطفي الموهوم، وما تولد عن الاحتلال من خوف دائم على نقطتين رئيستين هما: الأمن والديمغرافيا، والأمن الاسرائيلي يتواجد في مياه الضفة وفي قمم الجبال، وفي سلة غذائها وحدود الدولة الفلسطينية مع العالم في الأغوار، فلا محيص عن التمسك الاسرائيلي بها سواء كان الضم هو ختام المسيرة متدرجا أم عبر اتفاق أم دفعة واحدة بأي من السيناريوهات المطروحة، والديمغرافيا هي نحن الصامدون بأرضنا من رأس الناقورة حتى ام الرشراش.
الموقف الإسرائيلي من الضمّ
الموقف الاسرائيلي الموحّد حول قبول الضم -إلا من فئات اليسار الهامشي- يختلف شكليا برأيي بين "الليكود" وحزب "أزرق أبيض" المستجد -والمقدر له الانهيار قريبا- فهو يراوح بين مطالب يراها وزير الحرب الصهيوني "بنيامين غانتس" تتمثل بأن يكون محدودًا ومتوازنًا! وبين أن يتم الاتفاق فيه علي الحجم والتوقيت وترتيب الخطوات، وبين التردد بالقول بالموافقة علي كل خطة ترامب للازدهار المعروفة اصطلاحا ب"صفقة ترامب".
الخلافات بين الاحزاب الإسرائيلية تستند على قاعدة قبول الضم، لذلك فلا معنى أيضا لتسميته "ضم" أم "تطبيق السيادة"؟ وفيهما من الخلاف أن الأولى تعني القوة وعدم الشرعية، والثانية تستجيب للقانون وتتميز باللطف!
والى ذلك يطرح "غانتس"، و"غابي أشكنازي" زميله بالحزب ووزير الخارجية الاسرائيلي ضرورة الاستماع للجهات الأمنية الاسرائيلية والسياسية، كما يطرحان التنسيق مع مع أمريكا والمجتمع الدولي ومع "المحليين"! وهي صفتنا الجديدة مقابل "المخربين" أو "الفلسطينين" الصفة السابقة! أو لأن "غانتس" يأنف كما "نتنياهو" وقبله "غولدا مائير" من أن يتلفظ حتى باسم الفلسطينيين، فما بالك باسم فلسطين مجردا!
إن الليكوديين المتحالفين مع اليمين المتشدد، وفي"اسرائيل" اليوم عامة لا تحس إلا بجلبة أصواتهم سواء في أراضينا في ال٤٨ أو في المستوطنات، وكأن كل المجتمع الاسرائيلي لم يعد يعرف من الجهات الا اليمين فتوقف عن النمو.
علي ما يبدو أن بنيامين الثاني أي "بنيامين غانتس" المشغول بين ترميم حزبه المركب بصعوبة، وخوض حربه ضد "الليكود" الذي استطاع أن يكسر رقبة حزبه ويشقه، يأمل بتنفيذ خطة الضم التي لا يعارضها، ولكن دون ضجيج! فلربما يكون للصمت الدولي دورًا أساسيا، كما أنه يأمل بإيماءة موافقة ولو من طفل فلسطيني أو ممن أسماهم "المحليين"![4]
المستعمرون يصرخون
من المعلوم أن مجرم الحرب "نتنياهو" الذي لطالما عبّر عن كرهه للعرب عامة، وحاخاماته، لا يطيق النظر في وجه أبومازن، ولا يسعى لذلك أبدا، وهو الذي عطّل أي خطوات تقدم في درب المسار السياسي تحت حجج توراتية تاريخية ممجوجة، وفي ظل سطوة القوة وهيلمان العلاقة مع أمريكا، والتلويح بالورود في وجه العالم العربي لعلّه يجد عروسا يكتب كتابه عليها!
إنه "نتنياهو" الذي يسعى لإقامة عاصمة ما أسماه "الشعب" اليهودي القديمة! التي كانت هنا وفق أحلامه من ٤٠٠٠ عام! لا سيما وقد باعه الرئيس الامريكي مؤخرًا ذات الحلم باعترافه بالقدس عاصمة "الشعب" البائد وعاصمة "إسرائيل" معا.
عموما لا أحد ينكر القدرة العجيبة التي يتمتع بها "نتنياهو" في الكذب[5] والمراوغة والخداع واخفاء النوايا الحقيقية، وقول ما لا يفعل وفعل ما لا يقول، كما تصفه الصحافة الاسرائيلية ذاتها، عدا عن ملفات الفساد ذات الرائحة العطنة! فهو الذي لا يعترف بالاتفاقيات الداخلية والخارجية ويمزقها متى ما شاء! ما دام قد تحصل على اللقب، ملك "اسرائيل" ما سعى له "شارون" بحصاره أبوعمار لمرتين في بيروت ورام الله ولم يحصل عليه!
"نتنياهو" الذي اطمأن قلبه لعنفوان "دولة إسرائيل" في قلب الأمة العربية والاسلامية، مع ضم الجولان، والاعتراف بالقدس عاصمة له، وبإلقاء ملف اللاجئين بالزبالة من قبل صديقه العنصري في البيت الأبيض لا يرى بالضفة الغربية إلا "يهودا والسامرة" ومن يقطنها مجرد ناس، أشخاص، وجدوا صدفة ويشكلون مشكلة ديمغرافية حقيقية؟! لذلك أعلن بثقة الملك المتوج في القرون الوسطى، في أوروبا الظلام الدامس، أن هؤلاء "المقيمين" في أرضه غصبا عنه! لن يكونوا مواطنين أبدا، ولن يتمتعوا بأي حقوق مدنية إلا ما سيتعطف به عليهم من أقامة دائمة أو مؤقتة!
جلّ همّ "نتنياهو" ويمينه الفاشي هو استكمال سرقة كل الأرض الفلسطينية، بعد أن سرق "بن غوريون" وعصاباته الجزء الأعظم منها، ومصرحًا بلا لُبس فيما يتعلق بضم الضفة أنه: لا دولة ولا دولتين، ليتوافق مع "ديفد الحياني" رئيس مجلس المستعمرات/المستوطنات في أرضنا الذي ملّ من: إمساك غزة بخصية "إسرائيل"-واللفظ له-تشدّها متى شاءت وترخيها متي شاءت! فكيف بالضفة الغربية التي تزن عشر أضعاف غزة![6] لذا صرخ حانقًا لا لصفقة "ترامب" لأنها تشير للدولة الفلسطينية إشارة، رغم إنها إشارة عابرة وتافهة ومكبلة باشتراطات لا يمكن تطبيقها، أي رغم أنها إشارة بلا أي معنى.
قد لا يخاف الاسرائيليون بيمينهم الفاشي من ردّات فعل الفلسطينيين أو العرب أو الاقليم، نتيجة سَكرة القوة، وتخمة العقيدة المريضة بوهم التفوق، ولكن كاتب مثل (عاموس هرئيل) يحذرهم من مظاهرات أو اشتباكات أو حوادث اطلاق نار أو تفجيرات قد تضر بالوضع القائم، ولكن حين الضم فلقد حذر أيضا من تدخل تنظيم حركة فتح ببنادقه! وهو بذات منطق التحريض ضد هذا التنظيم إبان الانتفاضة الثانية.
الموقف الامريكي والتباعد بين الساقين
ربما تكون هذه المرة من المرات القلائل التي يفترق فيها الموقف الأمريكي بين الحزبين، نحو قضية ما تتعلق بالحليف الاستراتيجي أو الولاية الامريكية الشرق-أوسطية المسماة "اسرائيل"، فالمعارضة الديمقراطية بأكثر من النصف ضد مخطط الضم، إذ يرون فيها شبح الفصل العنصري،وشبح نهاية الدولة "اليهودية الديمقراطية"! وشبح الاستفزاز للأمة العربية كما عبر عن ذلك مقال العتيبة حسب الإشارة الامريكية.
زِد على ما سبق أن المرشح الأمريكي اليهودي للانتخابات الامريكية "بيرني ساندرز" ما زال يُنظّر لموقفه المناهض للممارسات الاسرائيلية الاحتلالية والعنصرية عامة، بل ويطالب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما يطالب باستخدام المساعدات الأمريكية كورقة في مواجهة التعنت الاسرائيلي. وقد يقول قائل إنه من ذيول اليسار الامريكي رغم يهوديته وتقدميته، ولربما يتعرض كغيره من اليهود المنصفين والتقدميين لتُهم "اللاسامية" المعهودة لدي الدولة الاسرائيلية، ما هو جائز.
قد يكون موقف الديمقراطيين بالتباعد عن الجمهوريين ضمن سياسة تأتي قبل الانتخابات، ودعمًا لتمايز المواقف بين "جو بايدن" الديمقراطي، و"ترامب" الجمهوري ما قد يعني اختلاف المواقف بعد الانتخابات! لربما، لكن بالحقيقة أن الشارع الامريكي النشط نحو القضايا العالمية-على قلته- بدأ يتغير وبدأ يتلمس قضايا الشعوب.
بل ولك أن تنظر في موقف "روبرت ساتلوف" مدير مركز واشنطن للدراسات المقرب من "ٌاسرائيل" لترى في حرصه على الكيان دعوة لابقاء الوضع علي ما هو عليه! فَلِم تلجأون للضم-كما يقول- وأنتم تسيطرون فعليًا علي الضفة؟ وتتدحرج كرة الثلج لتطال أشد المؤيدين للكيان في أمريكا أمثال "تيد دويتش" الذي يرفض الضم رغم دعمه للكيان في كل مواقفه كلها ومنها ضد ايران وغيرها.
الموقف الأمريكي الرسمي المستجدّ بعد أزمة فيروس "كورونا" والاضطرابات الاقتصادية يقول: بضرورة الضم ضمن اتفاق وضمن خطة ترامب، ويفترض تفاوض مع الفلسطينيين، وفي أقله يطالب بأجماع صهيوني خاصة بين الحزبين الكبيرين وضمن خريطة مشتركة.
رغم اعلان الوزير المتصهين "بومبيو" مرارًا وتكرار: أن الضم قرار أسرائيلي، فإن هناك تخوفات أمريكية حقيقية تم التعبير عنها تتمثل بما تسميه ب"الارهاب".
التميز الأردني بين العرب
أكد العرب أجمعين على الموقف الموحّد تجاه خطوة الضم، كما ذكر الرئيس أبومازن في خطابه في ٢٤/٦/٢٠٢٠ وفي سياق رفضهم له، ومطالبتهم الكيان بتطبيق مبادرة السلام العربية كما جاءت، إلا ان الموقف الاردني مثل تميّزا حقيقيا، حيث أعلن الملك عبدالله بلا مواربة وبوضوح: (لا أريد اطلاق تهديدات ولا إشاعة مناخات من المشاحنات، لكن إذا ما ضمت "اسرائيل" أجزاء من الضفة الغربية في تموز/يوليو فإن ذلك سيؤدي إلى صدام كبير مع المملكة الاردنية الهاشمية، ولدينا خيارات)[7]. ما كنا نأمل بمثله أو على منواله من الدول العربية (والإسلامية) التي تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني علانية أو سرية، فتوقفها أوتوقف تعاملها الاقتصادي أو الأمني! أو بالحد الأدنى تلوّح به! ولكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه!
إن الموقف الأردني المتميز والمنحاز للحق نظر له الكثيرون نظرة إكبار واحترام، مفترضين أنه قد يصل لإعادة النظر بالاتفاق الاردني الاسرائيلي عام ١٩٩٤ ، واليه فإن الاسرائيلي بالمقابل ينظر للموقف الأردني بعين الريبة، فهي ذات مكانة محورية بالمنطقة خاصة جيوسياسيًا، وقد لا تنفع معها الضغوط الصهيونية عبر البوابة الأمريكية المخلوعة، والتي تتخوف من فكرة الوطن البديل، فيما الأردن يعلن جهارًا نهارًا أنه لا يقبل ما يرفضه الفلسطينيون.
المواقف العالمية
الموقف الأوربي من الضم هو موقف أكثر وضوحا من الأمريكي رغم تذبذبه حول المتوجب عمله لو تم الضم، فهو موقف بغالبه مع حل الدولتين، والى ذلك قال وزير خارجية الاتحاد الأوربي (جوزيف بوريل) أنه ضد الضم، وأن الأوربيين يعتبرون خطة "ترامب" أساسا لاعادة الطرفين لطاولة المفاوضات! فيما قال الوزير الألماني ما يشبه ذلك حين مطالبته بمبادرة دولية لإعادة الطرفين للمفاوضات ومعبرا عن رفض الضم.
أما مواقف روسيا والصين فهي تظل من المواقف الهامة والراسخة المتوجب الاستناد إليها في المواجهة القائمة بيننا وبين الحلف الامريكي-الإسرائيلي الساعي لشطب القضية الفلسطينية بل والوجود الفلسطيني على أرضه.
ومن هنا تأتي أهمية الدبلوماسية الفلسطينية والعربية معا في المحفل الدولي، ولدى دول العالم، والأوربية على وجه الاهتمام فيها ما يتوجب التعامل مع هذا الحقل بكثير من الدقة والعناية وعقلية الاقتحام.
الدبلوماسية الفلسطينية
تقول الباحثة دلال عريقات: ]المطلوب من الدبلوماسي[8] الفلسطيني أن يوطد علاقات بلده في الدولة المستضيفة وهنا لا نتحدث فقط عّن علاقات إيجابية مع الحزب الحاكم أو مع الأحزاب الإشتراكية التي تدعم الفلسطينيين ومنظمة التحرير تاريخياً، ولكن يتوجب العمل لاختراق اليمين، يتوجب العمل لفتح قنوات تواصل مع من هم ليسو أصدقاء فلسطين، مع من عُرفَ أنهم داعمون لاسرائيل. هذه هي القاعدة الأساسية في الدبلوماسية، فالأعداء يتحولون لأصدقاء والعكس صحيح، وهنا رسالة واضحة لأهمية العمل مع كل الأطياف السياسية في الدولة المضيفة، سيقول البعض أن هذا يعكس ضعفاً أو خيانة أو حتى شيء من التطبيع بسبب محاولة التقرب من الأحزاب المعروفة بالتعاطف مع اسرائيل تاريخياً، على العكس تماماً، هذا هو التفسير المنطقي والعملي لمفهوم ان تكون دبلوماسياً، علينا تبني فِكر جديد واستراتيجيات جديدة تخدم مصالحنا الوطنية، فكما ذكرت بداية، الانتخابات قد تجلب أي من الأحزاب المتنافسة للحُكم وبالتالي لا بد من التمهيد لعلاقات إيجابية وفتح قنوات تواصل مع كل الاتجاهات في الدولة المضيفة أو على الأقل تجنب العدائية أو الإنعزال عن بعض الأحزاب والفئات التي تمثل النظام السياسي في الدولة المضيفة.[[9]
إن السياسة تأخذ القرار والدبلوماسية تقوم بتنفيذه، ومن هنا فإن للأرض في فلسطين كلمتها أي كلمة الشارع والفصائل والتنظيم وهي الكلمة التي مفتاح السر فيها تصعيد المقاومة الشعبية السلمية، في سياق برنامج عمل موحد لا يقفز عن تحقيق الوحدة الوطنية، بل يستجيب لها وينفذ في سياقها فعاليات الرفض للاحتلال، وما نشأ وينشأ عنه.
ومن هنا جاءت وثائق الفصائل لتعبر عن ذات النهج -رغم اختلافاتها البينية- ومن هنا أيضا يمكننا الإطلال بقليل من الاختصار على الدبلوماسية الفلسطينية العامة مع دول وشعوب العالم، كما عبر عنها السفير مروان إميل الطوباسي فيما فهمناه من مقاله الهام بنقاط سبع مكثفة منّا كالتالي[10]:
١-نحن نقاتل لأجل كرامة فلسطين والمبادئ الانسانية
٢-نبحث عن أصحاب المبادئ بالعالم، ونصِلهم
٣-نستنهض فيهم القوي البرلمانية والجماهيرية
٤-الدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة ضد شريعة الغاب وغطرسة القوة
٥-نبحث عن القواسم المشتركة عبر الدبلوماسية الشجاعة مع المختلفين معنا.
٦-لا نكلّ من العمل مع مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب.
٧-نريد من غيرنا الإقرار بوجودنا، وحقّنا ودولتنا، وروايتنا العادلة والصحيحة.
وفي الإطار الفلسطيني يعلق تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية في (م.ت.ف) عن حوارات الضم بين أقطاب الإدارة الامريكية في أمريكا، قائلا أن: (الذي يجري في واشنطن عمل عبثي وعدواني لا سابقة له في تاريخ العلاقات الدولية سوى اتفاق أدولف هتلر مع رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين عام 1938 على ضم أجزاء من بلاد التشيك الى ألمانيا النازية وهو اتفاق لم يكبح نزعات هتلر العدوانية بل فتح شهية الزعيم النازي على المزيد من المغامرات السياسية والحروب العدوانية ، التي عادت على البشرية بأفدح الأضرار وأودت في حروب مدمرة بحياة الملايين من الأبرياء في القارة الاوروبية وعلى مستوى العالم ).[11]
الفلسطينيون بين الدولة أوالخنوع
قدم الرئيس أبومازن في خطابه الرافض لخطة الضم الصهيونية في 29/5/2020 مجموعة من النقاط الهامة يمكن تلخيصها بعشرة نقاط كالتالي:
- ما ورد في اتفاق الائتلاف الحكومي الاسرائيلي وخطاب نتنياهو يعني إلغاء اتفاق أوسلو والاتفاقات الموقعة كافة.
- صفقة القرن أسست لقرار الضم الإسرائيلي.
- منظمة التحرير ودولة فلسطين أصبحتا في حِلّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الاميركية والإسرائيلية بما فيها الأمنية.
- اتخذنا هذه القرارات التزاما بقرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحريرالفلسطينية.
- على سلطة الاحتلال تحمل جمع المسؤوليات والالتزامات كقوة احتلال في أرض دولة فلسطين.
- الإدارة الأميركية شريك مع دولة الاحتلال في جميع اجراءاتها العدوانية بحق شعبنا.
- سنستكمل التوقيع على طلبات انضمام دولة فلسطين إلى المنظمات والمعاهدات الدولية.
- نجدد التزامنا بالشرعية الدولية وبمكافحة الإرهاب العالمي أيا كان شكله أومصدره
- ملتزمون بحل الصراع على اساس حل الدولتين على ان تجري المفاوضات برعاية دولية متعددة وعبر مؤتمر دولي للسلام وفق الشرعية الدولية.
- على الدول الرافضة لصفقة القرن اتخاذ مواقف رادعة وفرض عقوبات جدية لمنع الاحتلال من تنفيذ مخططاته.
نقاط الرئيس أبومازن تمثل الموقف المتأصل الذي مازال يسير عليه الرئيس الفلسطيني منذ زمن، وليس منذ قال للصهيوني المتطرف السفير "فريدمان" (ابن الكلب)، أوحين صرخ في وجه الرئيس الأمريكي المهلهل "يخرب بيتك" عام 2018، بل مع تكرار موقفه الرافض هذا أكثر من مرة في ]لا[ كبيرة بحجم فلسطين، ضد كل ما لحق الخطيئة الأمريكية بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة نتنياهو، وتعرض الرئيس–ومازال- لحملة تحريض قاسية ومميتة، وسمّته الصحافة الإسرائيلية حينها (الشيطان المعادي للسامية)[12].
أبومازن لم يكن على مقاس الصهاينة، ولن يكون ذلك لأي زعيم فلسطيني، حتى أن صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية وفي أحد مقالاتها عام 2020 وصفت الرئيس بأنه "رجل عنيد"، فلم يعود "صوص ذا ريش ينتظر الإنبات" كما وصفه شارون! لقد تحول أبومازن لصقر السياسة الفلسطينية المدافعة عن الحق العربي الفلسطيني في فلسطين، وهو ما عبّر عنه في كل خطاباته سواء في الأمم المتحدة أو المؤتمرات العربية والاقليمية والداخلية: خطاب واحد، صوت واحد، ما لم يعتده الصهاينة سرًا وعلانية!
إن الخطة الفلسطينية كما أشار لها الرئيس أبومازن مرارًا وتكرارا، وكما أشارت لها الأطر الوطنية المختلفة في المنظمة والسلطة، هي ذات ما عبّر عنها رئيس الوزراء الفلسطيني د.محمد اشتية مؤخرا في ٩/٦/٢٠٢٠ بمطلب الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها القدس، وتبادل متساوي بالأراضي، وتشكيل ائتلاف دولي ضد الصقفقة،وضد الضم، مع التمسك بمقررات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وصولًا لسحب الاعتراف ب"اسرائيل"، ما قد يُفهم منه فلسطينيًا المطالبة باستقلال دولة فلسطين الواقعة تحت الاحتلال، أو الإحالة للقضية برمتها الى منظمة التحرير الفلسطينية.
خاتمة:
إن الأصل فيما يحصل في فلسطين اليوم في ظل صفقة القرن وأحاديث الاستعمار والمستعمرات والضم هو الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال، وما ينشا عنه من مستعمرات ومستعمرين يهددون حقيقة الحل السياسي القائم على: استقلال دولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والتاريخي والقانوني والسياسي، تحت الاحتلال.
]الضم وفكرة الاحتلال أو سرقة الأرض والاستيلاء عليها فكرة فرنسية ثم انجليزية، وهي فكرة استعمارية كعلامة مسجلة في جبينهم حتى اليوم ضد الامة العربية والإسلامية جمعاء، وما كان للحركة الصهيونية التي تاهت بين البلدان لتتقي شرور الغرب الذي أضطهد يهوده، إلا أن تختار في القراءة الثالثة أرض فلسطين لسهولة التنظيرالمقدس حول أنها المقصودة تاريخيا ولتوافق المصالح الاستعمارية مع المصالح الصهيونية.
ومؤخرا فإن فكرة الضم وتبريرها وتشجيعها قد جاءت في صفقة ترامب نتنياهو عام 2020 ولم تكن وليدة القرار الإسرائيلي وحده، وجاءت بعد أن أزاح الرئيس الامريكي القدس واللاجئين عن الطاولة، وكأن ذلك حق لا مراء فيه للشعب الشقيق للشعب الأمريكي! أي شعبه اليهودي المختار![[13]
ومن هنا فإن الدولة القائمة بالاحتلال، بالمستعمرات وبالضم المتوقع اليوم أو غدا، أو غيره من الممارسات العدوانية والاحتلالية، متوجب عليها الانكفاء عن عقلية الغطرسة والقوة والخرافات التوراتية.[14]
فالكيان المعلن قيامه على أرض فلسطين عام 1948 كان مشروطا ومازال بقيام دولة عربية إلى جانبه، وبغض النظر عن طريقة النظر للقرار قديما وحديثا، فإنه مسوغ الدولتين لا أحلام توراة نتنياهو البائسة، أو رئيسه، أو "ترامب".
وعليه فإن ما يحصل يشكّل فرصة فلسطينية جديدة للوحدة[15]، برفض الخنوع، وفرصة لاستنهاض نهج المقاومة الشعبية السلمية بالداخل والخارج، ونهج الحوار والشراكة دون إقصاء، ومن خلال منظمة التحرير الفلسطينية المتوجب أن تقرر برنامجها المقاوم بالتعاضد مع الأمة -بغض النظر عن ضعفها، وضعفنا- وفرصة للدبلوماسية الفلسطينية العامة، بل وللتغيير، فكل ذلك ما نحتاجه لنجعل من القضية تعود لمركزيتها عربيا وتتمدد عالميا،[16] ونواصل خوض صراعنا العادل في أرض الرباط.
الهوامش:
[1] منحت الجمعية العامة للأمم المتحدة فلسطين في 29/11/2012 صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، في خطوة تعد انتصارا دبلوماسيا ومكسبا قانونيا للفلسطينيين. وصوتت 138 دولة لصالح مشروع القرارالذي منح دولة فلسطين هذه الصفة، في حين عارضته تسع دول، وامتنعت عن التصويت 41 دولة.ونص مشروع القرار الذي تم التصويت عليه على منح فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو" في الأمم المتحدة، كما دعا مجلس الأمن إلى النظر "بشكل إيجابي" إلى قبول طلب دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، الذي قدمه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في سبتمبر/أيلول 2011. ويدعو المشروع إلى ضرورة التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين والوقف الكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. وكان الرئيس عباس قد قاله في خطابه بالامم المتحدة: "أعد شعبنا الفلسطيني باستمرار الكفاح الوطني حتى رفع علم فلسطين على مساجد وكنائس القدس الشريف".
[2] (الأمريكيون ينظرون إلى "إسرائيل" على أنها شديدة الشبه بأمريكا. أمة مهاجرة، ودولة مهاجرين، وملاذ مضطهَدين ومظلومين، ومجتمع روَاد استيطان، بلد قوى، وشجاع، عازم على النضال فى صف الحق، ونظام ديمقراطى، تظلله سيادة القانون (الوحيد فى الشرق الأوسط)، وواحة ثقافة استهلاكية غربية، فى صحراء قاحلة، تحيط بها من كل جانب. فالروابط بالغة المتانة، إلى درجة أن "إسرائيل" ليست، بنظر عدد غير قليل من الأمريكيين، سوى ولاية حادية وخمسين- كلاريد برستوفتر، الدولة المارقة: الدفع الأحادى فى السياسة الخارجية الأمريكية).
[3] التراث اليهودى للمسيحية الأمريكية، كما يقول بول فندلى: «جعل الكثيرين من المسيحيين الأمريكيين يشعرون بأن إنشاء دولة (إسرائيل) عام 1948 جاء كتحصيل للنبوءات التوراتية، وأن الدولة (اليهودية) ستظل تلعب دورا مركزيا فى مخطط السماء، والأرض-عن مقال أحمد الدبش المعنون: امريكا الطفل المدلل "لاسرائيل"!
[4] يطرح مركز دراسات الامن القومي الإسرائيليINSS سيناريوهات "الضم" الثلاثة كالتالي:
(1) ضم غور الأردن بمعناه الواسع ، الذي يشكل 22% من الضفة الغربية .
(2) نهج يتبنى خطة الرئيس دونالد ترامب ويدعو إلى ضم نصف المنطقة "ج" التي تشكل حوالي 30٪ من الضفة الغربية .
أو (3) نهج محدود يسعى إلى تأمين المستوطنات الإسرائيلية القائمة ومنع إخلائها مستقبلاً.
[5] البروفيسور "يورام يوفال" عالم الاجتماع الإسرائيلي في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت عام 2019 قال عن نتنياهو أنه:بخيل، كذاب، فاسد، جبان، متباكٍ. ووصفه (ناحوم برنياع) في (يديعوت) 2 يناير 2020 أنه مجرم وجبان لطلبه الحصانة، بل وهناك من وصفة بمجرم تسلسلي، ونذكر ما قاله الرئيس الفرنسي السابق "ساركوزي" عام 2011 للرئيس الامريكي السابق "اوباما" أن نتنياهو كذاب.
[6] وأضاف المتطرف والإرهابي "إلحياني"- وهو ناشط في حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو - أن "رئيس الحكومة حاول الاحتيال علينا. وقال لنا إن "هذه (الدولة الفلسطينية) ليست دولة. إنها أقل من دولة. وهذه دولة من دون جيش’. وقلت له إن الدولة هي دولة. الآن بدون جيش، وإذا قامت فإني أفضل أن تكون دولة مع جيش. والجيش الإسرائيلي يعرف مواجهة جيش ولا يعرف مواجهة الإرهاب."
[7] أنظر مقال عمر الرداد في موقع مركز واشنطن للدراسات تحت عنوان: صراع الإرادات والرهانات بين الأردن و"إسرائيل".
[8]يقول السفير البريطاني لدى لبنان "توم فليتشر" إن الإعلام الاجتماعي أصبح أمرا لا غنى عنه في العمل الدبلوماسي الحديث، وإنه لا يمكن إهمال مواطني الشابكة "الإنترنت" الذين أصبحوا جزءا من المناقشات المتعلقة بالسياسة الخارجية. ويضيف توماس فريدمان، الكاتب الصحافي المعروف بصحيفة «نيويورك تايمز»، أن شبكات التواصل الاجتماعي أجبرت أغلب السياسيين على الانخراط في حوار ذي اتجاهين مع الجمهور الأجنبي.
[9] مقال دلال عريقات على الشابكة تحت عنوان: ما بين الدبلوماسية والسياسة.. ما المطلوب من الدبلوماسي الفلسطيني ؟
[10] سفير فلسطين في اليونان مروان إميل طوباسي 18/06/2020 في مقاله: بين الدبلوماسية العامة والرسمية والدور المطلوب.
[11] تيسير خالد يعلق على اللقاءات التي تجري في واشنطن بين وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ، ومستشار الرئيس جاريد كوشنر ، ومبعوث الادارة الى الشرق الأوسط آفي بيركوفيتش ، بالسفير الإمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان . تدور حول أمرين : الأول هل من الأفضل تطبيق ما يسمونه " السيادة الاسرائيلية " أولاً على المستوطنات القريبة من القدس بدلاً من تطبيقها على نحو 30٪ من الضفة الغربية ، والثاني ، هل يساعد الضم على جلب الفلسطينيين الى طاولة المفاوضات ، في تجاهل كامل بأن السيادة على كل شبر من الاراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان حزيران 1967 هي للشعب الفلسطيني وحده دون غيره وبأن الشعب الفلسطيني سوف يدافع عن حقه في ممارسة سيادته هذه بكل قوة وعزم وحسم وتصميم.
[12] قال حينها -أي عام 2018- عضو الكنيست عن “المعسكر الصهيوني”، نحمان شاي ]أكتفي بالقول: “لقد ظهر الشيطان المعادي للسامية لأبي مازن ومن الأفضل أن يتخلص منه. وأن يعرف أن إسرائيل ستظل خالدة إلى الأبد[. وقال الرئيس الإسرائيلي -وعلى ما يبدو مخاطبا العقل الغبيّ والجاهل لدى بعض العرب والمسلمين- ردا على خطاب الرئيس حينها، واصفا كلمات خطابه المفعمة بالحق العربي الفلسطيني أنها "رهيبة"! وأضاف ]هل يعقل القول إن إسرائيل هي نتيجة مؤامرة من العالم الغربي لتوطين اليهود في مناطق تابعة للسكان العرب، والقول إن الشعب اليهودي لا علاقة له بأرض إسرائيل؟ على ما يبدو لقد نسي ـ عباس ـ الكثير من الأشياء وقال بالضبط ما اتهم به منذ سنوات بمعاداة السامية وإنكار المحرقة[. وزعم ريفلين أنه بسبب هذه التصريحات، لا يوجد حوار بين الجانبين قائلا: ]في كلامه، ينكر عودتنا إلى وطننا، رغم أن أبو مازن يعلم جيدا أن القرآن نفسه يعترف بأرض إسرائيل كأرضنا. وبدون هذا الاعتراف الأساسي، لا يمكننا بناء الثقة والتقدم[.
من مقال سابق لنا تحت عنوان الضم وصرير الأقلام.[13]
[14] لا قيمة لخرافات نتنياهو ورئيس كيانه-او لاوهام الرئيس الامريكي- أنهم كانوا شعبا أو أنهم ورثة قبيلة إسرءيل القديمة المندثرة! فهذه مجرد أوهام توراتية تاريخية سقطت بالعلم، فالقدماء اندثروا واختلطوا بغيرهم من كل القبائل عبر التاريخ، وما هؤلاء في بلادنا الا يهود الديانة من مختلف الاعراق والقوميات في العالم، ولا صلة وراثية جينية قومية لهم بالقبيلة المندثرة، قبيلة إسرءيل المذكورة بالقرآن الكريم، بل أن غالبهم من وسط آسيا (الخزر) ومن اوربا. وما خرافة "الشعب اليهودي" إلا كخرافة "الشعب البوذي" مثلا، فالديانة لا تؤسس شعب بتاتا، والكيان القائم استند لقرار التقسيم فقط لا غير، وليس لاحلام دينية عنصرية بشعب مختار مهيمن على العالم!؟
[15] طرحت العديد من الأفكار للخروج من أزمة الافتراق الفلسطيني عبر عديد الاتفاقيات منذ الانقلاب عام 2007، كما طرحت الفصائل الفلسطينية، وبعض مراكز الدراسات الفلسطينية أوراقا بهذا الشأن مثل ورقة المؤتمر السنوي التاسع لمركز مسارات في فلسطين، ما يعني أن التأصيل النظري للوحدة قائم ويترقب إرادة الوحدة لدى الطرف المعطل للوحدة.
[16] قامت مجموعة من القيادات الفلسطينية بعمل نداء للمجتمع الدولي ضد مخطط الضم من نقاط عشر ركزت على: رفض الضم، وإقرار مبدأ التمييز بين الأراضي استنادا للقانون الدولي، وحثت على اتخاذ اجراءات ضد المستعمرين والمستعمرات ومنتجاتهم، وضرورة الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، التزاما بالتقسيم والالتزام بالقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة، والقرارات الاممية ذات الصلة. وطالبت المجتمع الدولي بضرورة الوقوف ضد ما أسمي صفقة ترامب والهادفة لتحقيق "اسرائيل" الكبرى وانكار الحقوق الفلسطينية بل والوجود الفلسطيني ذاته، ومطالبة بدعم السلطة والمنظمة والدولة والحرية والاستقلال.
[1] منحت الجمعية العامة للأمم المتحدة فلسطين في 29/11/2012 صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، في خطوة تعد انتصارا دبلوماسيا ومكسبا قانونيا للفلسطينيين. وصوتت 138 دولة لصالح مشروع القرارالذي منح دولة فلسطين هذه الصفة، في حين عارضته تسع دول، وامتنعت عن التصويت 41 دولة.ونص مشروع القرار الذي تم التصويت عليه على منح فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو" في الأمم المتحدة، كما دعا مجلس الأمن إلى النظر "بشكل إيجابي" إلى قبول طلب دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، الذي قدمه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في سبتمبر/أيلول 2011. ويدعو المشروع إلى ضرورة التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين والوقف الكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. وكان الرئيس عباس قد قاله في خطابه بالامم المتحدة: "أعد شعبنا الفلسطيني باستمرار الكفاح الوطني حتى رفع علم فلسطين على مساجد وكنائس القدس الشريف".
[2] (الأمريكيون ينظرون إلى "إسرائيل" على أنها شديدة الشبه بأمريكا. أمة مهاجرة، ودولة مهاجرين، وملاذ مضطهَدين ومظلومين، ومجتمع روَاد استيطان، بلد قوى، وشجاع، عازم على النضال فى صف الحق، ونظام ديمقراطى، تظلله سيادة القانون (الوحيد فى الشرق الأوسط)، وواحة ثقافة استهلاكية غربية، فى صحراء قاحلة، تحيط بها من كل جانب. فالروابط بالغة المتانة، إلى درجة أن "إسرائيل" ليست، بنظر عدد غير قليل من الأمريكيين، سوى ولاية حادية وخمسين- كلاريد برستوفتر، الدولة المارقة: الدفع الأحادى فى السياسة الخارجية الأمريكية).
[3] التراث اليهودى للمسيحية الأمريكية، كما يقول بول فندلى: «جعل الكثيرين من المسيحيين الأمريكيين يشعرون بأن إنشاء دولة (إسرائيل) عام 1948 جاء كتحصيل للنبوءات التوراتية، وأن الدولة (اليهودية) ستظل تلعب دورا مركزيا فى مخطط السماء، والأرض-عن مقال أحمد الدبش المعنون: امريكا الطفل المدلل "لاسرائيل"!
[4] يطرح مركز دراسات الامن القومي الإسرائيليINSS سيناريوهات "الضم" الثلاثة كالتالي:
(1) ضم غور الأردن بمعناه الواسع ، الذي يشكل 22% من الضفة الغربية .
(2) نهج يتبنى خطة الرئيس دونالد ترامب ويدعو إلى ضم نصف المنطقة "ج" التي تشكل حوالي 30٪ من الضفة الغربية .
أو (3) نهج محدود يسعى إلى تأمين المستوطنات الإسرائيلية القائمة ومنع إخلائها مستقبلاً.
[5] البروفيسور "يورام يوفال" عالم الاجتماع الإسرائيلي في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت عام 2019 قال عن نتنياهو أنه:بخيل، كذاب، فاسد، جبان، متباكٍ. ووصفه (ناحوم برنياع) في (يديعوت) 2 يناير 2020 أنه مجرم وجبان لطلبه الحصانة، بل وهناك من وصفة بمجرم تسلسلي، ونذكر ما قاله الرئيس الفرنسي السابق "ساركوزي" عام 2011 للرئيس الامريكي السابق "اوباما" أن نتنياهو كذاب.
[6] وأضاف المتطرف والإرهابي "إلحياني"- وهو ناشط في حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو - أن "رئيس الحكومة حاول الاحتيال علينا. وقال لنا إن "هذه (الدولة الفلسطينية) ليست دولة. إنها أقل من دولة. وهذه دولة من دون جيش’. وقلت له إن الدولة هي دولة. الآن بدون جيش، وإذا قامت فإني أفضل أن تكون دولة مع جيش. والجيش الإسرائيلي يعرف مواجهة جيش ولا يعرف مواجهة الإرهاب."
[7] أنظر مقال عمر الرداد في موقع مركز واشنطن للدراسات تحت عنوان: صراع الإرادات والرهانات بين الأردن و"إسرائيل".
[8]يقول السفير البريطاني لدى لبنان "توم فليتشر" إن الإعلام الاجتماعي أصبح أمرا لا غنى عنه في العمل الدبلوماسي الحديث، وإنه لا يمكن إهمال مواطني الشابكة "الإنترنت" الذين أصبحوا جزءا من المناقشات المتعلقة بالسياسة الخارجية. ويضيف توماس فريدمان، الكاتب الصحافي المعروف بصحيفة «نيويورك تايمز»، أن شبكات التواصل الاجتماعي أجبرت أغلب السياسيين على الانخراط في حوار ذي اتجاهين مع الجمهور الأجنبي.
[9] مقال دلال عريقات على الشابكة تحت عنوان: ما بين الدبلوماسية والسياسة.. ما المطلوب من الدبلوماسي الفلسطيني ؟
[10] سفير فلسطين في اليونان مروان إميل طوباسي 18/06/2020 في مقاله: بين الدبلوماسية العامة والرسمية والدور المطلوب.
[11] تيسير خالد يعلق على اللقاءات التي تجري في واشنطن بين وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ، ومستشار الرئيس جاريد كوشنر ، ومبعوث الادارة الى الشرق الأوسط آفي بيركوفيتش ، بالسفير الإمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان . تدور حول أمرين : الأول هل من الأفضل تطبيق ما يسمونه " السيادة الاسرائيلية " أولاً على المستوطنات القريبة من القدس بدلاً من تطبيقها على نحو 30٪ من الضفة الغربية ، والثاني ، هل يساعد الضم على جلب الفلسطينيين الى طاولة المفاوضات ، في تجاهل كامل بأن السيادة على كل شبر من الاراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان حزيران 1967 هي للشعب الفلسطيني وحده دون غيره وبأن الشعب الفلسطيني سوف يدافع عن حقه في ممارسة سيادته هذه بكل قوة وعزم وحسم وتصميم .
[12] قال حينها -أي عام 2018- عضو الكنيست عن “المعسكر الصهيوني”، نحمان شاي ]أكتفي بالقول: “لقد ظهر الشيطان المعادي للسامية لأبي مازن ومن الأفضل أن يتخلص منه. وأن يعرف أن إسرائيل ستظل خالدة إلى الأبد[. وقال الرئيس الإسرائيلي -وعلى ما يبدو مخاطبا العقل الغبيّ والجاهل لدى بعض العرب والمسلمين- ردا على خطاب الرئيس حينها، واصفا كلمات خطابه المفعمة بالحق العربي الفلسطيني أنها "رهيبة"! وأضاف ]هل يعقل القول إن إسرائيل هي نتيجة مؤامرة من العالم الغربي لتوطين اليهود في مناطق تابعة للسكان العرب، والقول إن الشعب اليهودي لا علاقة له بأرض إسرائيل؟ على ما يبدو لقد نسي ـ عباس ـ الكثير من الأشياء وقال بالضبط ما اتهم به منذ سنوات بمعاداة السامية وإنكار المحرقة[. وزعم ريفلين أنه بسبب هذه التصريحات، لا يوجد حوار بين الجانبين قائلا: ]في كلامه، ينكر عودتنا إلى وطننا، رغم أن أبو مازن يعلم جيدا أن القرآن نفسه يعترف بأرض إسرائيل كأرضنا. وبدون هذا الاعتراف الأساسي، لا يمكننا بناء الثقة والتقدم[.
من مقال سابق لنا تحت عنوان الضم وصرير الأقلام.[13]
[14] لا قيمة لخرافات نتنياهو ورئيس كيانه-او لاوهام الرئيس الامريكي- أنهم كانوا شعبا أو أنهم ورثة قبيلة إسرءيل القديمة المندثرة! فهذه مجرد أوهام توراتية تاريخية سقطت بالعلم، فالقدماء اندثروا واختلطوا بغيرهم من m.a