الرئيسة/  مقالات وتحليلات

تناقضات نتنياهو مع الاموال

نشر بتاريخ: 2020-06-25 الساعة: 13:52

 

د. جهاد الحرازين

فى حالة جدلية متناقضة يواصل نتنياهو رئيس حكومة اليمين المتطرف بدولة الاحتلال التعامل مع موضوع الاموال وخاصة الفلسطينية منها وبسياسة مقصودة ومدروسة ينفذ المخطط الهادف للحفاظ على حالة الانقسام الفلسطينى الذى نتج عن انقلاب حركة حماس عام 2007 وللتضيق على السلطة الفلسطينية بكل مؤسساتها فى استراتيجية بعيدة المدى يقودها نتنياهو منذ ان تسلم رئاسة حكومة الاحتلال والتى تتلخص بضرورة تقويض السلطة الوطنية بالضفة الغربية والقدس والابقاء على حكم حماس فى قطاع غزة وتعزيزه ايماناً منه بعقيدة وايدلوجيا تتمثل بان الصراع يتركز مع الفلسطينيين فى الضفة الغربية والقدس وان مشروع الامارة او الدويلة او أي مسمى اخر اقل من دولة تحت السيطرة الاسرائيلية بغزة وان الضفة الغربية والقدس تأتى فى سياق الايدلوجيا الصهيونية التى تعمل للسيطرة على هذه المناطق وجعلها جزءاً من ارض اسرائيل وامام هذا التحدى الماثل منذ سنوات وجد نتنياهو ضالته بممارسة سلوك المبتز مستغلاً موضوع الاموال الفلسطينية (اموال المقاصة) وهى الاموال التى يتم جبايتها من قبل اسرائيل لصالح السلطة فكلما اراد الضغط على القيادة الفلسطينية نتيجة المواقف الوطنية التى تتخذها القيادة للحفاظ على الحقوق الفلسطينية سواء بالانضمام للمعاهدات والاتفاقيات والمنظمات الدولية او اتخاذ قرارات وطنية لمواجهة الاحتلال لجأ نتنياهو الى اسلوب القرصنة على الاموال تارة ومنعها تارة اخرى والاقتطاع والخصم منها كما يشاء فعمل على تشريع مجموعة من القوانين عبر الكنيست اليمينى المتطرف فاقر قانون الحجز على مخصصات الاسرى والشهداء وقانون التعويض للعائلات الاسرائيلية وقانون حجز الاموال الفلسطينية ومنع ادخالها او تحويلها وهذا يجرى بسياسة مدروسة ومخطط لها من قبل نتنياهو وحكوماته المتعاقبة مستغلاً الظروف والاوضاع الاقتصادية التى تمر بها السلطة الوطنية والعالم باسره فى محاولة لتقييد السلطة ومؤسساتها واخضاعها وابتزازها وفق رؤية نتنياهو وفريقه المتصهين وهذا جاء بدعم من قبل ادارة الرئيس ترامب التى مارست نفس السلوك والاسلوب مع القيادة الفلسطينية فأوقفت دعمها للسلطة والمستشفيات ولوكالة الاونروا بل ايدت نتنياهو فى اجراءاته بالقرصنة على الاموال الفلسطينية املاً فى رضوخ القيادة الفلسطينية وموافقتها على ما يسمى بصفقة القرن ولكن امام تلك التحديات وقفت القيادة الفلسطينية متمسكة بموقفها محافظة على ثوابتها .

اما على الشق الاخر من سياسة واستراتيجية نتنياهو كان يتمثل بضرورة ادخال الاموال الى قطاع غزة لحركة حماس بالاتفاق بين حماس وقطر واسرائيل وهنا وجد نتنياهو ضالته المنشودة لكى يحافظ على حالة الانقسام بضرورة العمل للحفاظ على استمرار حركة حماس باختطافها وحكمها لقطاع غزة وهو ما اعلنه مراراً وتكراراً فى اكثر من مناسبة حتى يستطيع التهرب من اية التزامات قد تفرض عليه مستقبلاً متذرعاً بعدم وجود شريك فلسطينى قادر على التفاوض معه لان حماس تسيطر على قطاع غزة وفتح تسيطر فى الضفة اذن لا وجود لشريك فلسطينى ولم يتوقف الامر عند ذلك بل بدا الترويج بالاتفاق مع بعض العواصم لفكرة البديل واستعداد حماس لتكون بديلاً ولديها القدرة على ان تحل محل المنظمة وتنفذ أي اتفاق وهذا يعيد بنا الذاكرة الى ان دولة عملت عراباً لتنظيم جماعة الاخوان المسلمين واقنعت الادارة الامريكية وبعض الدول بان الاخوان المسلمين قادرين على الحكم وتنفيذ المخطط الدولى كما يريدون ولكن المشروع تكسر وفشل بعدما تيقظت الشعوب لذلك المخطط وبمساندة قواتها استطاعت ان تسقط تلك المؤامرة ولكن بقيت احلام المشروع المتبقية بسيطرة حماس على قطاع غزة وامل وجود امارة منشودة هناك تقودها حماس قادرة على التعايش مع اية اشتراطات او اية اتفاقات دون النظر لأية ثوابت او حقوق الامر الذى اعجب صناع المشروع التدميرى فكان الامر بضرورة الابقاء على الوضع وتقديم كل الدعم اللازم من اموال ومساعدات ففى الوقت الذى تحتجز فيه الاموال الفلسطينية اموال المقاصة تنقل ملايين الدولارات بحقائب عبر المطار الإسرائيلي الى قطاع غزة وتصرف بموافقة ومتابعة جهاز المخابرات الاسرائيلية الذى اخذ بصمات وكشوف اسماء من ستصرف لهم هذه الاموال وتقدم لحركة حماس منها رواتب لعناصرها وجزء مساعدات لأحبابها ومؤيديها وفى الوقت الذى تقطع الادارة الامريكية التمويل عن السلطة والمستشفيات فى القدس يبنى المستشفى الأمريكي فى غزة بأيدي الجنود الامريكان ويعقد مؤتمراً بالبيت الابيض لدراسة الاوضاع الانسانية بقطاع غزة وتقديم الدعم المادي والإنساني للقطاع لتنفيذ الجزء الاقتصادي والممهد له سياسيا من صفقة القرن بان مشروع الدولة هو قطاع غزة وفى الوقت الذى ترفع فيه قضايا لعائلات اسرائيلية نتيجة العمليات الفدائية للمطالبة بالتعويض يتم الحجز على اموال المقاصة وتنقل الاموال القطرية لحماس هنا المفارقة والتناقض فى التعاطى مع الموقف وبأكثر تحليلا وعمقا نجد ان اولويات المواقف السياسة والفعلية على الارض لدى القيادة الفلسطينية اصبحت تتجه للمواجهة مع الاحتلال لحماية الحقوق الفلسطينية والحفاظ على الثوابت الوطنية وافشال المخطط الاسرائيلى الهادف للتهويد والضم وانهاء حلم الدولة الفلسطينية المستقلة وهذا يشكل العقبة الرئيسية فى احلام وتطلعات نتنياهو واليمين الإسرائيلي  وما يجرى الان من اعدادات وتعبئة لمواجهة مخطط الضم الاسرائيلى المراد تنفيذه من قبل نتنياهو وما اتخذ من قرارات حاسمة وحازمة من قبل القيادة فى توقيت هرب فيه البعض من تحمل المسؤولية الوطنية او حتى تسجيل موقف وطنى بهذا الخصوص وعلى الجانب الاخر كانت المطالبة بتنفيذ التفاهمات التى جرت مع الاحتلال اثر استغلال مسيرات العودة لتحقيق بعض المكاسب الحزبية والفئوية الضيقة وضرورة ادخال اموال المنحة القطرية والا ستشتعل البلالين الحارقة او سينفجر صاروخا على السياج الحدودى فكان الاهم من مواجهة مخطط الضم ومن قبلها القدس واللاجئين والمستوطنات هو تنفيذ التفاهمات وادخال الاموال القطرية كل شهر لصالح حركة حماس أي بمعنى اخر لن نعلق على شيئا تفعلونه طالما الاموال تأتى الينا.

وبنظرة مبسطة نجد بان نتنياهو وجد ضالته فى ذلك حجب الاموال عن السلطة وادخالها لحركة حماس بتناقض غريب ولكنها سياسة المحتل بضرورة استمرار الفرقة وعدم تحقيق الوحدة خدمة لمخططاته وسياساته العنصرية.

ملاحظة: الجميع يدعو لتحقيق الوحدة وانهاء الانقسام وانا منهم ولكن الانقسام الذى نتج عن الانقلاب له طرف واحد يستطيع انهاؤه خلال ساعات ولكن يبدو الاجندات الخارجية والاحلام الوردية والمطامع الحزبية والخاصة لا زالت مسيطرة فالانقلاب والسيطرة والانفصال تمت من قبل طرف واحد وهو من يملك العودة عن ذلك.

 

 

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024