الرئيسة/  مقالات وتحليلات

دويخة الضم من عدمه

نشر بتاريخ: 2020-06-16 الساعة: 13:46

عمر حلمي الغول

مازالت دويخة الضم تلف دولة الإستعمار الإسرائيلية بإرباكاتها، وتخيم حسابات القوى المتصارعة داخل الحكومة وخارجها على الموقف الإسرائيلي، وحتى أصابت إدارة ترامب بطراطيشها وشظاياها، رغم وجود 10 خرائط لسيناريوهات العملية، غير ان التباينات بين الفسيفساء الحزبية والحكومة تثقل كاهل رئيس الحكومة الفاسد، لا سيما وان عدم الضم لحوالي 34% من اراضي الضفة الفلسطينية يفقده ورقة هامة مع أقطاب اليمين المتطرف، وخصوصا قطعان المستعمرين، الذين ذكروا أمس الإثنين (15/6/202) نتنياهو بأنه نجح بأصواتهم، وان دعمهم له جاء على ارضية تنفيذ الضم، ورفضوا صفقة ترامب نفسسها، مما اربك بيبي ورونالد.

لكن تعقيدات عملية الضم لا تقف عند رفض العالم كله بما في ذلك أميركا بإستثناء أركان إدارة ترامب، انما في الخلاف مع صاحب صفقة القرن، الذي ربط الضم بنقطتين، اولا بالحصول على موافقة حزب "مناعة إسرائيل" عليه، الذي وفق المصادر الإعلامية الإسرائيلية سجل في الإجتماع المشترك مع رئيس الوزراء، نتنياهو، ورئيس الكنيست، ياريف ليفين، والسفير الأميركي ديفيد فريدمان أول امس الأحد الموافق 14/6/2020 تخفظات على التوقيت والأليات، والمساحة المقرر ضمها، مما اربك الحاوي مؤقتا؛ وثانيا ضرورة حدوث ذلك بعد الإتفاق مع الفلسطينيين، وهذا الجانب لن يحدث نهائيا. لإن الموقف الفلسطيني حازما وواضحا منذ الإعلان عن ضم القدس العاصمة الفلسطينية في 6/12/2017. وضمنيا أعتقد ان إدارة الرئيس الأفنجليكاني ليست متعجلة الضم في الظروف الداخلية الصعبة، التي تمر بها، رغم رغبه ترامب بالإمساك بورقة أو نصف ورقة رابحة، كما ورقة الضم، التي هي جزء من الصفقة المشؤومة، الآن في ظل إحتدام الإستقطاب الداخلي والخارجي، لكسب الصهاينة واليمين الأميركي المتطرف لصالحه، خاصة وان الإنتخابات باتت تقترب أكثر فأكثر، وكونه يمني النفس بالبقاء في سدة الحكم لإربع سنوات أخر، وعليه لا يريد ان يخسر الولاية الثانية.

لهذا الموقف الإسرائيلي يعيش حالة من التشوش، والإرباك الناجمة عن عدم وحدة الموقف داخل البيت الإسرائيلي، ولشعور قطاع واسع في المؤسسة الأمنية الحاكمة، وفي اوساط الجنرالات الإحتياط، وقادة الأجهزة الأمنية السابقين، وايضا في اوساط النخب السياسية والإعلامية بما في ذلك داخل اوساط الليكود نفسه، لإعتقادهم جميعا، أن الضم يضر بمصالح دولة إسرائيل، ولا يخدمها، ويسقط من ايديها اوراق عربية وعالمية رابحة، ويهدد علاقاتها بالعرب المطبعين قبل الرافضين له. وعليه يعيش نتنياهو تحت ضغط  القوى المعارضة، رغم انه يعتقد انها ورقته الرابحة الآن، والتي يمكن من خلالها حماية موقعه في رئاسة الحكومة، وحتى التصدي للقضاء، الذي شرع بمحاكمته. لكن خصومه في الموالاة والمعارضة ليسوا مستعدين لتعريض مصالح إسرائيل للخطر كرمال عيون الفاسد، المتهم ب3 قضايا، وهناك قضايا أخطر سيتم الكشف عنها عما قريب، وللخروج من عنق الزجاجة حاليا، اثيرت اسئلة مطروحة على طاولة الحكومة الآن: هل تذهب للضم بشكل كلي ومباشر في مطلع تموز/ يوليو القادم، كما جاء في الإتفاق المبرم بين الليكود و"حصانة إسرائيل"؟ ام تكتفي بضم الكتل الإستعمارية الثلاث؟ ام يتم التأجيل لشرط سياسي أنسب؟

على ما يبدو ان رئيس وزراء إسرائيل إقتنع أمس بضرورة الضم التدريجي للأغوار والمستعمرات والقدس العاصمة، وهو ما اعلنه في لقاء جمعه مع عدد من النخب امس. وهذا التراجع حسب ما اعتقد، تراجع مؤقت وتكتيكي من وجهة نظر نتنياهو، فهو يناور لإلتقاط الأنفاس، وللتحضير للتخلص من عبء غانتس وإشكنازي وحزبهم، والذهاب لإنتخابات قبل نهاية العام، أو مع مطلع العام القادم للتحرر منهم. لا سيما وانه يعلم ايضا، انهم يعملون من تحت الطاولة للتخلص منه، وللتسريع في نشر قضايا الفساد الجديدة، وهي حسب ما نشر أخطر من قضايا سوء الأمانة، والإحتيال والرشوة، وخاصة قضية الغواصات الألمانية، وقضية البورصة .. وغيرها، وبالتالي التسريع في وضعه في السجن، لإنه عندئذ بكل براعته والاعيبه وأوراقه لا يستطيع الإفلات من زنزانة السجن.

لكن اي كانت المواقف الإسرائيلية من عملية الضم، فإن الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي يفترض ان يصعد من كفاحه الشعبي والسياسي والديبلوماسي وعلى الصعد كافة لفرض إستحقاقات السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بدعم من دول واقطاب العالم. 

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024