الرئيسة/  مقالات وتحليلات

(فيزياء البطيخ) في (امتحان الأغوار )

نشر بتاريخ: 2020-06-16 الساعة: 13:38

موفق مطر

 

 

 

لو فك كل واحد منا عقدة لسانه وسأل عن مصدر فاكهة الفقراء الصيفية ( البطيخ ) قبل ان يدفع ثمنها حتى لا يندم اذا علم ان مصدرها مزارع الاحتلال ، لو قررت وزارتا  الاقتصاد والزراعة التعريف بمصدر كل مادة غذائية وتحديدا الفاكهة والخضار، لو كثفت الضابطة الجمركية دورياتها وحواجزها وصادرتها ومنعت وقلبت منتجات المستوطنات على عين المكان  ، لكنا قد شكلنا جبهة مقاومة سلمية اقتصادية عريضة في هذا السياق على ألأقل ، ورفعنا قواعد المنتوج الوطني  ، وساندنا المزارع الفلسطيني في قضية تجذره في أرضه ، وساهمنا بتجسيد ما اسمته الحكومة (خطة العناقيد التنموية  ) .

 

لا يحق لأصحاب القرار والمواطن على رأس القائمة قبل الوزارات المسئولة في الحكومة تقديم المنتج الاسرائيلي على المنتج الفلسطيني تحت أي ظرف كان ، ومن يفعل فانا نعتقد انه بحاجة الى فحص لقياس المناعة الوطنية لديه ، ونتمنى ألا يفسر واحد يعيش على هذه الأرض الطيبة موقفه السلبي بذريعة  أن المنتوج الاسرائيلي أطيب وأجود وأحسن فهذا ليس صحيحا ولا مقبولا حتى ، ذلك ان العبرة في النتيجة ، حيث ان الواحد أمام خيارين إما أن ندفع تحت ضغط شهوة بطوننا ثمن الرصاص الذي يقتل بها جنود الاحتلال مواطنين من ابناء جلدتنا ، أو أن ندفع ثمن اسمدة وأدوات وفواتير نقل وشحن وأدوية للمزارع الفلسطيني لتطوير انتاجه لتصلنا ثمرات وخضروات وفاكهة أرضه الطيبة كالبلسم الى قلوبنا ، فقد آن الأوان لتقديم فكرة تغذية عقولنا وضمائرنا على سلوك املاء بطوننا .

 

تركزت ألأضواء في الأيام الماضية على حملات وبرامج ومتطوعين لإنقاذ ودعم موسم البطيخ في مناطق ألأغوار الفلسطينية ، وهذا أمر جيد وايجابي خاصة وأننا جميعا نعلم الخطر الوجودي القادم مع بداية شهر تموز القادم عندما تعلن حكومة منظومة الاحتلال عن ابتداء ضم مساحات من اراض ألأغوار وفرض القانون الاسرائيلي عليها ، لكن السلبي المثير في ألأمر ما كشفته شكاوى المزارعين عن تقاعس لدى جهات حكومية متخصصة ، ادت في بعض ألأحيان الى خسائر ، وفي احيان أخرى  بقاء الموسم على ألأرض بسبب السماح  للبطيخ الاسرائيلي بدخول ألأسواق الفلسطينية على حساب البطيخ المحلي ، وهبوط اسعاره الى حد أن المزارع لا يستطيع تحصيل تكلفة النقل، فكيف وقد دفع خلال العام الزراعي فواتير اسمدة وأدوات ومياه وغيرها ؟!!.

 

لا نشكك بصحة وصواب خطة العناقيد التنموية ابدا ، ومنها الزراعية التي طرحتها الحكومة ، لكن السؤال الذي يفرض نفسه لماذا ترك مزارعو البطيخ وحيدون في ارضهم مع منتوجهم بدون اجراءات عملية تجسد الأفكار والخطط النظرية للحكومة ، ومن المسؤول ، ولماذا لم تبادر وزارة الزراعة باعتبارها جهة الاختصاص الى اجراءات بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والضابطة الجمركية والجهات الأمنية المختصة وحتى البلديات الكبرى لضمان تسويق موسم البطيخ ، خاصة وأن نسبة منه زرع في أراض حكومية ؟!.

 

نعتقد بوجوب مراجعة الأسباب التي ادت لمنع المزارعين من الابتهاج بنجاح موسمهم وتجربتهم الأولى في زراعة اراض حكومية ، ليس هذا وحسب بل تحديد مكامن الخلل والمسئوليات ، ما يعني تجسيد مبدأ المحاسبة عند حدوث فقدان توازن او خسارة في نتائج الخطط ، وتكريس مبدأ استخلاص العبر من  التجارب الناجحة والبناء على الانجازات وتطويرها .

 

 تقصدنا وضع عنوان ملتبس لمقالتنا اليوم بما يعكس واقع الحال الذي لا يمكن التسليم به ، لأننا نعتبر ما يحدث لا يعكس عقلية رجل الدولة في شخص رئيس مجلس الوزراء  الدكتور محمد اشتية ولا برنامج الحكومة ولا خطة العناقيد التنموية التي استبشرنا بها خيرا . ومادمنا كتبنا عن النجاح والانجاز فإننا سنجد انفسنا قد دخلنا اغوار امتحانات الشهادة الثانوية لهذا العام وشكاوى الطلبة من الامتحانات ابتداء من نمطها وصعوبة انهاء حل مسائل الفيزياء والرياضيات ضمن الوقت المخصص وأمور اخرى نعتقد ان وزارة التربية والتعليم بات لديها ملف مكتمل حول اسباب هذه الشكاوى ، ويتوازى اعتقادنا هذا أنها بصدد دراسة وبحث الشكاوى بجدية سواء التي وصلت الوزارة مكتوبة او المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأساليب متعددة ، فدموع الطالبات المجتهدات ما كانت لتهدر في صور الشكوى لولا يقينهن أنهن بمستوى يؤهلهن للنجاح .

 

لابد اولا من تثبيت اعتقادنا بوجوب احداث ثورة في التعليم وتحديدا في آلية انتقال الطلاب الى مرحلة التعلم في الجامعة ، فقد ثبت انعدام جدوى هذا النظام ، لأنه بكل بساطة يتيح لفئة محدودة من الطلاب يملكون القدرة على حفظ المواد المطلوبة الامتحان عن ظهر قلب ، والحصول على درجات ومعدلات تلامس سقف المئة درجة مثل 99،95 مثلا ، فيما فئات اخرى من الطلبة لاتملك هذه القدرات لكن لا يمكن نفي وجود نسبة من هؤلاء تصل الى مستوى الابداع في مادة علمية أو ادبية  او مادتين وأكثر ، وبذات الوقت يجدون صعوبة في تجاوز الامتحانات او الحصول على معدلات تمكنهم من الالتحاق بالجامعة والتعلم البحث والدراسة في المادة التي يرى فيها شخصيته وقدراته على الابداع .

 

ربما تفيدنا دراسات أو بحوث لدى وزارة التعليم او قد تجريها ، لتبين لنا  مستوى البحوث والدراسات المحتوية على نظريات أو استكشافات أو خلاصات غير مسبوقة  وصل اليها الطلاب المتمتعين بذاكرة قوية وقدرة عالية على تخزين المعلومات في تلافيف ادمغتهم ، فلعل هذه الدراسات التي نطلبها من الوزارة برهان على صواب وصحة المنهج  المقرر ، ومنهجية الامتحانات ، لكن الى  ان نصل الى هذه النتيجة فإننا نعتقد بوجوب ظهور وزير التربية والتعليم عبر وسيلة الاعلام المرئية الرسمية ليشرح للطلبة انفسهم ولذويهم المنهج المعتمد في اسئلة امتحانات التوجيهي ، ويقدم اجابات واضحة على تساؤلات المواطنين بخصوص امتحاني الرياضيات والفيزياء بشكل خاص في الفرع العلمي .

 

لا نريد إلا نجاح الوزارة والحكومة في الارتقاء بمستوى التعليم ، وبمستوى المتعلمين ، لكن هنالك امر هام لابد أن تأخذه الوزارة والحكومة معا على محمل الجد وهو قطع السبل أمام أي واحد يسعى لتوظيف الامتحانات ومعاناة الطلبة في موقفه السياسي العبثي أصلا ، فهنا وهناك متربصون سيخرجون بألف رواية وفرية ، فيسهبون في أحاديثهم العجرة الحامضة المرة عن ( بطيخ الفيزياء ) وفيزياء البطيخ ، ( وأغوار الرياضيات ) ، وامتحان الأغوار !!.

m.a

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024