اوراق القوة الفلسطينية
نشر بتاريخ: 2020-06-10 الساعة: 07:56عمر حلمي الغول
كثيرا ما تصدمك بعض النخب السياسية في تفكيكها، وتجزأتها أوراق القوة الفلسطينية، الأمر الذي يلقي بظلال رمادية على الموقف وجدارته، ومركزيته، وحتى قد يصل إلى حد التشكيك بقوة وصلابة الرؤية، وينتقص من منهجية ووحدة وثقل الخطاب السياسي الفلسطيني على المستويات المختلفة. مع ان اللحظة السياسية الراهنة تحتاج إلى تعزيز وحدة الموقف والرؤية، والتوقف عن تبسيط أو الإنتقاص من قيمة وثقل اوراق القوة من حيث يدري البعض، او لا يدري.
وبإختصار شديد، اين تكمن قوة ومركزية اوراق القوة الفلسطينية؟ هل في هذة الجزئية أو تلك على اساسيتها أو ثانويتها، أم في مجمل الأوراق الموجودة في اليد؟ ولماذا يُصر البعض على تقليم أظافر اوراق القوة؟ وعلى اي اساس يذهب إلى تغليف الأوراق بالضبابية بعد ان إتخذت القيادة قرارها في ال19 من مايو الماضي 2020، وحددت بشكل ساطع لا غبار عليه ولا لبس فيه، وهي التحلل من كل الإتفاقات دون ان تفصل أو تميز القيادة بين إتفاقية وأخرى، وبين عنوان وآخر؟
تتمثل أوراق القوة الفلسطينية في الآتي: اولا في الإمساك الثابت بورقة القضية الفلسطينية ذاتها، لإنها الورقة الأهم، ومحور الرحى في الصراع، ومن دونها لا وزن لإي قيادة مهما علا شأنها. وعدم السماح لكائن من كان من القوى المرتهنة والمتساوقة مع مشاريع الأعداء بالإمساك بها، او السماح لعرب الردة والخيانة بالتلاعب بها، وفضح وتعرية كل من يحاول العبث بها كائنا من كان موقعه ومكانته ملكا او رئيسا او اميرا أو شيخا؛ ثانيا التشبث والمحافظة على منظمة التحرير الفلسطينية، المرجعية الوطنية الفلسطينية الأساس، والممثل الشرعي والوحيد، والتي تعتبر من أهم إنجازات الثورة الفلسطينية المعاصرة، وحماية دورها ومكانتها كحاضنة أولى للتمثيل الفلسطيني، والعمل على تفعيل دورها في كل المحطات والمراحل الكفاحية بإعتبارها القيادة الأولى، وإعادة الإعتبار لها بعد التراجع الذي شاب رصيدها وطنيا وعربيا وأمميا، وتسليط الضوء عليها كصاحبة القرار الأول والأخير في الساحة؛ ثالثا إزالة الإلتباس والضبابية بينها وبين السلطة وحكومتها، ومنحها الثقل والأهمية. لا سيما وان السلطة بمثابة ذراعها في أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران 1967، وليست بديلا عن منظمة التحرير، أو ندا لها، او نقيضا لها، بل جزءا من ادواتها ودوائرها؛ رابعا ولتعميق دور ومكانة المنظمة، وبعد التحلل من كل الإتفاقات المبرمة مع دولة الإستعمار الإسرائيلية تملي الضرورة على قيادة المنظمة إعادة الأمور لنصابها لجهة تولي المنظمة المسؤولية المباشرة عن السلطة وحكومتها على الأرض، دون ان يعني ذلك حل السلطة، أو إلغاء حكومتها، والعمل على تشكيل الحكومة من داخل وأطر المنظمة (اللجنة التنفيذية والمجلسين المركزي والوطني) ويكون الرقيب والمشرع مجلس الدولة التأسيسي، الذي سيتكون من المجلس المركزي والأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، خاصة وان الدورة ال29 للمجلس المركزي رفعت شعار "الإنتقال من السلطة إلى الدولة"؛ خامسا الإلتزام من قبل شخوص ومكونات القيادة السياسية ونخبها بالموقف السياسي المعلن في التاسع عشر من مايو الماضي، القائل بوضوح "التحلل من كل الإتفاقات المبرمة مع إسرائيل والولايات المتحدة"، وعدم تشويه هذا القرار وتجزأته الى عناوين متفرقة، لإن هذا التحلل الجامع من كل الإتفاقيات يعتبر اهم أوراق القوة الآن؛ سادسا إقران القول بالفعل الوطني، والعمل على تعزيز المقاومة الشعبية على الأرض وفق خطة وسياسة مدروسة تخدم المشروع السياسي الفلسطيني، دون السماح للفوضى والفلتان الأمني وللقوى العميلة من العبث بمسيرة النضال الوطني التحرري. وما لم ترتقي القيادة بالمقاومة الشعبية الشاملة والمقترنة بالنضال السياسي والديبلوماسي والقانوني والإقتصادي والثقافي، سينعكس ذلك سلبا على مصداقية الموقف الفلسطيني وقوته؛ سابعا العمل بكل الوسائل والسبل لإعادة الإعتبار للوحدة الوطنية الفلسطينية، وطي صفحة الإنقلاب الأسود بموافقة او رغما عن حركة حماس، لإن بقاء هذة الخاصرة الرخوة والضعيفة في الجسد الفلسطيني، سيضع علامة سؤال كبيرة على قوة وسلامة الموقف الفلسطيني، وستبقى الحكومة الإسرائيلية المستفيد الأول من عملية التشرذم والإنقسام في الساحة الفلسطينية. وستستخدم هذة الورقة في وجه الشعب والقيادة والمشروع الوطني؛ ثامنا تعزيز وتطوير الموقف الفلسطيني في الأوساط العربية والإسلامية والأممية، وإستخدام كل الأوراق التكتيكية لصالح تعزيز الموقف. وبالمقابل عدم الصمت على اي موقف عربي متخاذل، أو متواطىء مع إسرائيل الإستعمارية. لإنه لم يعد على العين الفلسطينية قذى، ولا يوجد ما يخسره الفلسطيني او يخيفه من تعرية اصحاب المواقف المتواطئة على قضية العرب المركزية؛ تاسعا الإستفادة من اللحظة التاريخية التي تعيشها البشرية الآن، حيث تجري على الأرض تحولات دراماتيكية هائلة، والسعي الجاد للإنخراط في تحالفات أممية داعمة للحقوق الوطنية.
إذا القيادة بحاجة ماسة لتعزيز حضورها وثقلها في الصراع الدائر مع دولة الإستعمار الإسرائيلية ومن خلفها إدارة ترامب الأفنجليكانية من خلال تمثلها لمكانتها ودورها كقيادة حركة التحرر الوطني الفلسطينية، والممثل الشرعي والوحيد للشعب والقضية والأهداف الوطنية.
m.a