الرئيسة/  مقالات وتحليلات

قانون حماية الاسرة من العنف .. ودعوى "الردة "!

نشر بتاريخ: 2020-06-09 الساعة: 12:14

موفق مطر

التقدير والثناء  والاحترام لكل من اجتهد لإخراج  قانون حماية الاسرة من العنف وقدمه للحكومة بعد جملة النقاشات والتعديلات ، لكن  هذا القانون لم يعد ملكا لشخص مناضل في مجال حقوق الانسان أو ملك  لمؤسسة او منظمة حقوقية ، فقد اصبح ملكا لكل المناضلين في حركة التحرر الوطنية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية ، والمسئولين في حكومة السلطة الوطنية ، وبمعنى آخر بات مشروع القانون ملكا للشعب الفلسطيني الذي يجب الا يتقدم عليه شعب عربي او اجنبي في قضايا حقوق الانسان وتطبيق ارقى اشكال العدالة والمساواة بين المواطنين ، فنحن اقدر الشعوب في العالم على الاحساس بالظلم والعنف والارهاب المادي والنفسي الواقع علينا من الاحتلال منذ حوالي مئة عام .
حركة التحرر القوية لا تسمح بمرور اجندات مشبوهة مرتبطة بمشاريع منظومة الاحتلال التدميرية ، وعليها ابداء العين الحمراء تجاه كل من يعمل على تخريب النسيج الاجتماعي ، واخذ المجتمع الى قوانين جماعة او حزب هنا او هناك ، وإلا فإننا نكون بذلك قد سمحنا لهؤلاء المرتبطين ببرنامج التخلف والظلم والاستعباد  المشتق من المشروع الصهيوني  بتفجير فكرة الحرية والتحرر والاستقلال في دماغنا الوطني ، ونعتقد أن افضل صورة يريد المحتلون الغزاة رؤيتنا بها هي صورة كان همجية وتسلط وعنف تسود اركان مجتمعنا ، تكون المرأة فيها الضحية رقم واحد ، فهؤلاء الظلاميون ومعهم الغزاة المستعمرون العنصريون يدركون جيدا أن المرأة الحرة ستنجب احرارا ، اما العكس فهو ما يعملون على تحقيقه فينا متضامنين .
نحن على يقين بان  حكومة السلطة الوطنية التي يرأسها اليوم عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، العمود الفقري لحركة التحرر الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية ، لقادرة على  اقرار القوانين وتنسيبها بعد اخذ حقها من النقاش والحوار من جهات الاختصاص ، لأن قيادة حركة التحرر تعمل  وتناضل من اجل رفع مقومات الصمود والمجابهة مع منظومة الاحتلال العنصري الذي يجنح نحو تطرف وعنف داخلي بسرعة هائلة وهو امر طبيعي في تركيبة مجتمع قام على اساس العنف والإرهاب الدموي ضد الشعب الفلسطيني ، فالقيادة ونحن معها لا نريد أن يرانا العالم بصورة مخالفة لصورة الشعب  الحر المستقل القائمة دولته على قوانين العدالة والمساواة والحرية ، الضامنة لحق كل فرد بالحياة الكريمة دون استثناءات أو استسلام للظروف أو تبريرات تحت بند العادات والتقاليد العشائرية العائلية المنغلقة ، فما يحكمنا ويسيرنا أن الله أراد للإنسان أن يكون بمشيئة حرة ، وأن ليس لإنسان على انسان أن يقهره أو يظلمه أو يسلبه حقه ، وان اعلى درجات الاجرام عند بني آدم من يفعلون ذلك باسم الله .
 
افظع جريمة على الاطلاق يرتكبها سلطويون ذكوريون ، لاحدود لمطامعهم الرغبوية الجنسية والمادية في الدنيا ، يستخدمون الدين ، ويتخذون من مصطلحات عقيدة سماوية روحية لهذا المجتمع او ذاك لإرهاب من يخالفهم  ولا يتبع اهواءهم ولا يطبق تعاميم شيطان جماعتهم ،  يشرعنون الحجر على انماط تفكير الناس وسلوكياتهم ، ويهدرون  تحت عنوان ( الردة ) دماء المؤمنين بحقوق الانسان المولودة معه طبيعيا ، والمشروعة في كتب السماء وقوانين  اهل الأرض الحكماء العقلاء .

 يباغتون شعبنا الفلسطيني في اوج صراعه الوجودي مع منظومة  الاحتلال والاستعمارالاستيطاني العنصري الاسرائيلي ، فيحملون بإرهابهم وعنفهم المتأصل فيهم والموروث من البشرية المتوحشة  على الذين اخذوا على عاتقهم تنوير دروب المجتمع بجنسيه ، وتحريره من شراك هؤلاء الذين لا هم لهم ولا عمل إلا ادامة  سطوتهم وسيطرتهم وسلطانهم على المجتمع وإخضاعه تحت ضغط الحرام  والكفر  احيانا ، والردة احيانا اخرى ، وتخويف الانسان المفكر الحر بالمقصلة كحل لنهاية خط النقاش والحوار معهم الذي هو في حقيقة ألأمر خط البداية دائما عندهم .

يسعى هؤلاء لسد منافذ ضوء الحرية والتحرر كلما استطعنا الوصول اليها في اطار كفاحنا الوطني مع منظومة الاحتلال ، فأصبحنا على يقين بشراكتهم مع المنظومة في هدف اذلالنا وقهرنا والسيطرة علينا وتسييرنا كعبيد مسخرين لخدمتهم وفي أحسن الحالات كريبوتات انيقة ، نطيع اوامرهم ، ونمجد سلطانهم الذي يخادعون به العامة من الناس بفرية انهم مكلفون من الله ، وأنهم كبار قوم وعشائر ، فينشرون ان الدعاة  لنظم القوانين  الحافظة الضامنة لحياة وحرية وحقوق الانسان  ملحدون ضالون مرتدون كفرة يحق اقامة الحد عليهم ، وللحد عند هؤلاء معنى واحد فقط  : اقتل واسفك دماء معارضيك فتسود وتتسيد.
لا يتورعون عن تهديد السلم الأهلي في المجتمع حتى لو ادى الأمر الى اشعال نسيجه  بشرارة التكفير والتخوين وكيل الاتهامات بالردة لكل من يفكر بنظم قوانين تحمي الفرد في مجتمع الدولة من التسلط والظلم والاستكبار والاستبداد  المستمد من الموروث المحرف والعادات والتقاليد المتناقضة مع تطور الانسانية ، والمنسوب ظلما وبهتانا للدين ..وهذا ما لمسناه في الأمس القريب في واحد من هؤلاء ممن تتأصل في نفوسهم هذه العقلية برفع دعاوى قضائية بتهمة الردة ضد كل من يقف وراء (  قانون حماية الأسرة من العنف ) نظما وتشريعا ومقررا  ، واختار الضحية لتكون حسب نظرهم وتقديراتهم شخصية حقوقية ( سيدة محامية حقوقية ) ظنوا أنها الحلقة الأضعف في المجتمع ، كعادتهم في تحقيق اهداف ارهابهم .
هدفهم الأكبر والأعظم حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ومنع ارساء المجتمع الفلسطيني على قواعد سيادة قانون العدالة والمساواة والحرية  واستقلالية القرار ابتداء من حرية وقرار الفرد الى حرية واستقلال قرار حركة التحرر الوطنية ودولة فلسطين ، اما استهداف المحامية خديجة زهران هذه المرة فإننا نراها بمثابة تجربة لالتقاط ردود الفعل ، والبناء عليها ، فغما التوغل اكثر للوصول الى عصب حركة التحرر الوطنية ونظام الدولة الفلسطينية ، او التوقف ومراجعة  اساليب الهجوم وأداوته وللتزود من خبرة منظومة الاحتلال في هذا المجال ما استطاعوا.

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024