بناء النموذج النضالي من السويد الى المعتقل
نشر بتاريخ: 2020-06-08 الساعة: 09:40بكر أبوبكر
بلا شك أن جلسات التفاكر، أو خلايا التفكير حيث يكون للعصف الذهني مساحة واسعة للتحليق لا تشوبها شوائب المقاطعة والتبخيس تتصدر دورا هامًا بالحوارات وفي إثراء الأفكار من حيث الجِدة والتنوع والصلاحية.
ومن جلستنا في التعبئة الفكرية مؤخرا في فلسطين، أشرت الى فكرة وأهمية بناء النموذج النضالي الذاتي والجماعي ليحدث التأثير وليُقتدى به، والذي سأكثف الحديث عنه هنا بالقول:
أن بناء النموذج النضالي يتطلب -ضمن عوامل أخرى- توافق وتناغم المواقف الفكرية والسياسية مع المصلحية (للدول أو الاحزاب أو الأشخاص)، ويقتضي حُسن اختيار الأشخاص للمهمات والأعمال المناطة بهم، ويظهر من خلال المسلكيات البادية في تصرفاتهم من قول وفعل، وبهذه الثلاثية يبني النموذج النضالي، وضربت نماذج ثلاثة أعرفها ومثلها لدي ولدى غيري الكثير.
النموذج الأول تمثل في علاقة الثورة الفلسطينية مع الحزب الاشتراكي السويدي، وهي علاقة افتتحها الخالد ياسر عرفات في الثمانينات من القرن العشرين مع رئيس الوزراء الأسبق "أولوف بالمه، وقام الشهيد هاني الحسن كمسؤول للعلاقات الخارجية في فتح، ونحن ضمن مجموعة متصلة باستكمالها، وأشرت للقاء الأول لنا في ستوكهولم عام 1992 حيث وضع السويديون أمامنا نموذج ممثل جنوب افريقيا الذي أثبت بتواضعه ودأبه ومسلكه...مكتب متواضع وسيارة متواضعة وحركيّة عالية استحاق بلاده للدعم الذي صار يتعاظم حتى نالت جنوب افريقيا القسم الاكبر من الدعم السويدي.
وعليه وعلى مدار 40 عاما كان هدفنا كتدريب وشبيبة في حركة فتح ذات المنحي في بناء نموذج العلاقة النضالية التي وصلت اليوم للاخ الدكتور رائد الدبعي ممثلنا في الشبيبة الاشتراكية العالمية.
وكان المثال الثاني الواضح هو ما حصل في الانتفاضتين الكبريين الأولى والثانية من تلاقي المواقف والأهداف والجهود، وتناغم الايقاع بين القيادة السياسية وبين القيادة الميدانية والجماهير فحصل الاتصال الرأسي صعودا وهبوطا في حراكية تغيير وتأثير وتمتين للمشهد والعلاقة فكان للشعب قولته الواضحة.
وفي المثال الثالث ذكرت قصة أوردها الأسير راتب حريبات في مجموعته القصصية الحقيقية التي نعمل على نشرها قريبا، موضحا أثر المسلكية والتواصل بين الأفراد ضمن الجماهير من خلال ما حصل معه مع أحد الاخوة المرضى المعتقلين الذي اقترب منه الى الدرجة التي أشار فيها هذا المعتقل المريض للضابط الإسرائيلي حين سأله عن تنظيمه؟ أنه من تنظيم راتب حريبات!
بمعنى أن الفكرة والهدف شكّل مدخله بالقناعة الشخص بذاته ومسلكه، ومن هنا أهمية الرسالة بحَمَلَة الرسالة، فإما تطير بجناحين الى الآفاق، وإما تطيح برقبة أصحابها.
إن الفكر التعبوي العربي الفلسطيني رغم أنه يتجاوز الشخوص لكنه يعتمد عليهم، على حملة الرسالة، ورغم ثباته بحيث لا يهزه تغير السياسات ولا المراحل الزمنية، إلا أنه يحتاج لثلاثية تناغم المواقف مع الشخوص والمسلكيات لنصنع النموذج النضالي ونحن في مقدمته.
m.a