لنجعل ترامب لا يستطيع أن يتنفس..
نشر بتاريخ: 2020-06-07 الساعة: 15:29رامي مهداوي
لقد مر 155 عامًا فقط منذ إلغاء العبودية في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن صورة العبد ظلت باقية وبنسب متفاوتة، والدليل البسيط على ذلك الكم الهائل من الإنتاج التلفزيوني والسينمائي وأيضاً الإنتاج الثقافي مازال يحاول الخروج بحلول ولو كانت تجميلة في تحسين صورة الأبيض.
ما نُشاهده من امتداد الاحتجاجات في شوارع المدن عبر الولايات المتحدة؛ في أعقاب مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد على يد ضابط شرطة أبيض إلى ما وراء مدينة مينيابوليس، له دلالات أكبر بكثير حسب وجهة نظري من الحدث نفسه، هذا هو غضب المواطنين ويمارسون سلطتهم للدفاع عن حقوقهم. احتجاجات "لا أستطيع أن أتنفس" - كانت الكلمات التي قالها فلويد لضابط الشرطة خنقه في ركبته – استهدفت ليس فقط وحشية الشرطة وظلمها وإنما العنصرية المُمأسسة على مستوى الولاية والمستوى الفيدرالي، وخاصة وكالات إنفاذ القانون.
المتابع للشأن الأمريكي سيكتشف بسهولة أن العنصرية ازدادت منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض فنجد خطابه العنصري على سلفه باراك أوباما، ويدعوه إلى العودة إلى كينيا مسقط رأس والده ويلقي الشك على صحة شهادة ميلاده. وأيضاً عنصريته اتجاه المسلمين ونساء الكونغرس الملونين إلى تفاقم التمييز العنصري في بلد يدعي أنه سيد الديمقراطية!! تشير تقارير مكتب التحقيقات الفدرالي إلى أن حالات العنف بدوافع عنصرية على أساس العرق أو الدين قد زادت بنسبة 12 في المائة منذ أن أصبح ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في عام 2017. ما رأيته من خلال مشاهدتي لما يحدث هو أن روح مالكوم إكس و مارتن لوثر كينغ ما زالت تحلق فوق المتظاهرين.
بعيداً عن العاطفة لنقرأ ماذا تقول لغة الأرقام وفقًا للإحصاءات الرسمية، فنجد أن أوضاع 43 مليون أمريكي أسود من أصل أفريقي لا تتوافق مع الدعاية الأمريكية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان. على سبيل المثال يشكل السود الأمريكان 12.7 في المائة من مجموع السكان في الولايات المتحدة، ولكن لم يكن هناك سوى رئيس أسود واحد للولايات المتحدة من أصل 45. أيضاً نجد أن 1 في المائة فقط من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي هم من السود. كذلك فقط 9.5 في المائة من أعضاء مجلس النواب هم من السود، والأخطر أنه لا يوجد حاكم واحد من الولايات الخمسين أسود!! ومن الناحية الاقتصادية؛ 20.8 في المائة من الأمريكيين السود يعيشون تحت خط الفقر مقارنة بـ 8.1 في المائة من المواطنين البيض.
بناءً على هذه الإحصائيات والأرقام يمكن القول إن أمريكا على شفا ثورة ضد العنصرية، وترامب يكشف وجه الولايات المتحدة العنصري والقبيح الغير مقبول في القرن الحادي والعشرين. لكن علينا أن لا ننسى الولايات المتحدة دولة مبنية على الإبادة الجماعية للسكان الأصليين والرق ، والعنصرية عميقة في النفس الأمريكية البيضاء يعكس الحالة المؤسفة للمجتمع الأمريكي ومستوى التمييز العنصري الذي لا يزال يواجهه السود كل يوم.
آن الأوان أن يستيقظ المجتمع الأمريكي من سباته، وأن يُحاسب ترامب الذي قام بتدمير الحلم الأمريكي، فهو لم يُشوه صورة الولايات المتحدة الأمريكية على الصعيد العالمي فقط؛ وإنما قام بتفتيت مكونات الحلم الأمريكي الذي يستند على المواطنين المهاجرين من كل أنحاء العالم، على كافة مكونات هذا الحلم أن يجعلوا ترامب لا يستطيع التنفس سياسياً ومحاسبته على كافة الإنتهاكات التي قام بها ضد الديمقراطية وحقوق الإنسان على الصعيدين العالمي والأمريكي.
m.a