لأول مرة.. الاتحاد الأوروبي يناقش عقوبات ضد إسرائيل حال ضمها أراض فلسطينية
نشر بتاريخ: 2020-05-16 الساعة: 17:45
رام الله - مراسل وفا- لأول مرة، شهد مجلس وزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أمس الجمعة، نقاشا واسعا بشأن فرض عقوبات على اسرائيل في حال أقدمت على تنفيذ خططها بضم أراض فلسطينية، بدءا من منع منتجات المستوطنات كليا من دخول دول الاتحاد، مرورا بإعادة النظر في اتفاق الشراكة وخفض التبادل التجاري، وانتهاء باعتراف جماعي بدولة فلسطين.
المؤكد، بحسب وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، الجمعة، وسفير فلسطين لدى بروكسل عبد الرحيم الفرا، وجود اجماع لدى الدول الأعضاء الـ27، على رفض ضم اسرائيل لأي من الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967 واعتبارها خطوة غير قانونية ومخالفة للشرعية الدولية وللمبادئ التي قام عليها الاتحاد الاوروبي، "لكن كان هناك تباين في المواقف بشأن الاجراءات العملية المطلوبة لمنع ذلك"، قال الفرا.
الكتلة الكبرى في الاتحاد، وتضم: فرنسا، واسبانيا، وايطاليا، وبلجيكا، وايرلندا، والبرتغال، ولوكسمبورغ، وفنلندا، دعت بوضوح الى اتخاذ اجراءات عملية للضغط على اسرائيل لمنعها من تنفيذ مخططاتها بالضم، من بينها عدم الاكتفاء بقرار صدر عن المفوضية في العام 2015 بوسم منتجات المسوطنات الواردة الى دول الاتحاد، وانما منعها من دخول دول الاتحاد كليا.
كذلك، من بين الاجراءات التي طالب بها بعض وزراء الخارجية ونوقشت في الاجتماع، اعادة النظر في اتفاقية الشراكة التجارية بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي، المعلقة اصلا منذ سنوات لعدم التزام اسرائيل ببنودها بما يخص الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال الفرا: التعليق جاء لخرق اسرائيل البند الثاني من الاتفاقية الذي يلزمها بعدم اتخاذ أية اجراءات مخالفة للقانون الدولي في الاراضي المحتلة عام 1967، وهو ما لم تلتزم به اسرائيل، ما دفع الاتحاد الى تعليق العمل بالاتفاقية، وبعض وزراء الخارجية طلبوا صراحة خفض التبادل التجاري بين دول الاتحاد واسرائيل.
وتابع: ذهبت بعض الدول، وهي: لوكسمبورغ، وايرلندا، والبرتغال، الى ابعد من ذلك، بالمطالبة بمعاملة اسرائيل كما تعامل الاتحاد مع روسيا في ضمها لجزيرة القرم من اوكرانيا، وأن يكون الرد على اسرائيل اعترافا جماعيا لدول الاتحاد الـ27 بدولة فلسطين.
ويعتبر الاتحاد الاوروبي الشريك التجاري الاكبر لاسرائيل، بحجم تبادل يتجاوز 50 مليار دولار سنويا، منها حوالي 20 مليار دولار صادرات اسرائيلية الى دول الاتحاد (منها 200-300 مليون دولار من المستوطنات)، فيما تبلغ قيمة الواردات الاسرائيلية من دول الاتحاد نحو 30 مليار دولار سنويا.
وتشكل الصادرات الاسرائيلية المحرك الاساسي للنمو الاقتصادي، نظرا لصغر حجم السوق الاسرائيلية، وبتصديرها إلى أوروبا والولايات المتحدة، تضاعف اسرائيل حجم السوق لمنتجاتها بأكثر من 100 ضعف.
في المقابل، دعت كتلة أقل حجما في الاتحاد الاوروبي الى التريث في مسألة فرض عقوبات على اسرائيل، وانفاذ الجهود الدبلوماسية، وتضم هذه الكتلة: ألمانيا، وهولندا، والتشيك، وبولندا، وبلغاريا، فيما اقتصر عدد الدول التي دعت الى عدم بحث أية اجراءات عقابية ضد اسرائيل على دولتين فقط، هما: هنغاريا، والنمسا.
وقال الفرا: الدول الداعية الى التريث في اتخاذ اجراءات عقابية أكدت موقفها الرافض لضم اسرائيل أي أراض فلسطينية، وتعتبر أن ذلك انتهاك للقانون الدولي، لكنها ترى ضرورة التركيز على الجهود الدبلوماسية، في الوقت الحالي على الأقل.
ولم يصدر بيان عن اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، امس لمعارضة دولتين، وينص النظام الداخلي للاتحاد على أن القرارات تتخذ بالاجماع، وبين الفرا أن "المشاورات لا تزال مستمرة للتوافق لى صيغة، ونأمل أن يصدر البيان هذا الاسبوع".
وقال الفرا: إن هناك متابعة فلسطينية حثيثة سبقت اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، من بينها تسليم رسائل من وزير الخارجية رياض المالكي لنظرائه في دول الاتحاد، واتصالات أجراها أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، اضافة الى اتصال هاتفي بين رئيس الوزراء محمد اشتية ووزير خارجية الاتحاد جوزيب بيرول، "وكان تأثير كل هذه الجهود على مجريات الاجتماع واضحة".
وأضاف: القيادة الفلسطينية كانت صريحة وواضحة في كل هذه الرسائل والاتصالات، اذا لم يقف العالم في وجه اسرائيل (لمنعها من ضم اراض فلسطينية)، فكل شيء سينهار.
كما كان لموقف العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، بحسب الفرا، أثر واضح في التأثير على مجريات اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، وقال في مقابلة نشرتها صحيفة "دير شبيغل" الالمانية، أمس، إن ضم اسرائيل لاراض فلسطينية "سيقود الى تصعيد كبير مع الاردن".
وأكد الفرا أن الجهود الدبلوماسية الفلسطينية ستتواصل، في مسعى لتطوير مواقف دول الاتحاد، باتجاه اتخاذ اجراءات عملية ضد اسرائيل لثنيها عن تنفيذ خطط الضم.
وقال: الآن، هناك كتلة مهمة من الدول، مندفعة ومتحمسة، سنتابع معها لتثبيت مواقفها وتصليبها، كما سنتابع مع الدول الداعية للتريث، والبناء على موقفها الواضح برفض الضم واعتباره انتهاكا للقانون الدولي، والعمل مع هذه الكتلة على تعزيز موقف الكتلة الاولى، وحتى الدولتين الرافضتين لاية اجراءات ضد اسرائيل، سنتابع معهما، ولو عن طريق طرف ثالث.
وتابع: سنتواصل مع الدول العربية التي ترتبط بعلاقات مهمة مع هاتين الدولتين، وسنظل نضغط عليهما لتغيير موقفهما.
بدورها، أعلنت بريطانيا، الخارجة للتو من الاتحاد الاوروبي، موقفا متقدما بخصوص خطط اسرائيل لضم اراض فلسطينية محتلة في العام 1967، وقال السفير الفلسطيني في لندن حسام زملط: إن المملكة المتحدة "على درجة عالية من التنسيق مع الاتحاد الاوروبي في هذا المجال، رغم خروجها من الاتحاد الاوروبي.
وأضاف: في نقاشاتنا معهم نطلب استمرار التنسيق مع الاتحاد الاوروبي، وهو ما يجري بالفعل على مستويات مختلفة: مستوى بين بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وآخر يضم ايطاليا، وثالث يضم اسبانيا".
في مطلع أيار الجاري، قاد السفير البريطاني في تل أبيب تسعة سفراء آخرين في تقديم احتجاج رسمي للخارجية الإسرائيلية على نية حكومة بنيامين نتنياهو– بيني غانتس، ضم مناطق في الضفة الغربية، والدول هي إضافة إلى بريطانيا: ألمانيا وفرنسا وايرلندا وإيطاليا وإسبانيا والسويد وبلجيكا، وسفير الاتحاد الأوروبي.
وأوضح الدبلوماسيون الأوروبيون أن الهدف من الاحتجاج هو قلقهم "الشديد من بند في الاتفاق الحكومي الذي يمهّد لضم أجزاء من الضفة الغربية"، مبينين أن "ضم كل جزء من الضفة الغربية يشكل خرقا واضحا للقانون الدولي، وأن اية خطوات أحادية الجانب كهذه ستضر بجهود تجديد مسار السلام، وسيكون لها تأثير بالغ الخطورة على الاستقرار في المنطقة، وعلى مكانة إسرائيل في الساحة الدولية".
وتزامنت هذه الخطوة مع رسالة موقعة من نحو 130 عضوا في مجلس العموم البريطاني لرئيس الوزراء بوريس جونسون، تطلب، لأول مرة، فرض عقوبات اقتصادية على اسرائيل اذا اقدمت على ضم أراض فلسطينية محتلة، تبعها رسالة مماثلة من اعضاء في مجلس الشيوخ (اللوردات)، ورسالة ثالثة من المعارضة طلبت فيها من الحكومة "موقف واضح، بما في ذلك فرض عقوبات" على اسرائيل.
وقال زملط: الحراك الاكبر كان في بريطانيا، حيث اعلن جونسون رسميا أن عملية الضم غير قانونية، ومخالفة كبيرة للقانون الدولي، والحكومة البريطانية تدرس اتخاذ خطوات في حال نفذت اسرائيل خططها.
وأضاف: لأول مرة تتضمن الوثائق الدبلوماسية في بريطانيا كلمة عقوبات ضد اسرائيل.
m.a