يعبد .. حكاية صمود بوجه الاحتلال
نشر بتاريخ: 2020-05-12 الساعة: 14:33جنين - مراسل وفا- فجر الثلاثاء، كان أهالي بلدة يعبد جنوب غرب جنين يستعدون لتناول "سحورهم" قبل الآذان، وبدل أن يسمعوا صوت "المسحراتي"، كان صوت رصاص وقنابل جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومداهمة المنازل الآمنة هو الحاضر.
فلا تكاد تمرّ ليلة واحدة على يعبد، دون أن يعكّر صفوها جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه، الذين يتناوبون على تنغيص حياة أهل البلدة، بقتل أبنائها أو اعتقالهم أو الاستيلاء على أرضهم.
وكعادتهم، هبّ شبان البلدة للدفاع عن يعبد بصدورهم العارية، وتصدوا لجنود الاحتلال بالحجارة والزجاجات الفارغة التي اقتحمت منازلهم وروعت أطفالهم، واعتقلت عددا من المواطنين قبل انسحابها.
وأعلنت قوات الاحتلال إصابة أحد جنودها بحجر في رأسه، قبل أن تعترف بمقتله، فيما سارع قادتها، إلى إطلاق التهديدات بحق بلدة يعبد وأهلها.
وأعادت قوات الاحتلال في ساعات الصباح، اقتحام البلدة والتنكيل بأهلها، بدعوى التحقيق في مقتل الجندي، لتقتحم منازل المواطنين وتعتقل مزيدا من الشبان بينهم نساء، وتطلق رصاصها العشوائي، قبل أن تنسحب.
وفي حصيلة الاقتحام، أصيب شابان بالرصاص، والعشرات بحالات اختناق جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع الذي أطلقه جيش الاحتلال، واعتقل 18 مواطنا من البلدة، بينهم أم وطفلتها، ليضافوا إلى نحو 50 أسيرا من البلدة يقبعون في سجون الاحتلال.
البلدة التي يعتمد أهلها في معيشتهم على زراعة الزيتون الذي يكسو أكثر من 7 آلاف دونم من أراضيها، إلى جانب عملهم في صناعة الفحم الطبيعي، وزراعة وتصنيع التبغ المحلي، تتعرض لاقتحامات يومية من قوات الاحتلال، وتنكيل من الجنود على الحواجز والبوابات التي نصبها في محيط البلدة المحاطة بالاستيطان من كل الجهات.
يقول الصحفي محمد أبو بكر، ابن البلدة، إن "هذه هي صورة للمعاناة اليومية للمواطنين في يعبد، ليلا ونهارا، في ظل الاعتداءات المتكررة من الاحتلال ومستوطنيه".
وتجثم على أراضي البلدة 7 مستوطنات هي: "مابودوثان 1"، و"مابودوثان 2"، و"حرميش"، و"شاكيد"، و"حنانيت"، و"ريحان"، و"تل منشيه"، كما يعزل جدار الضم والتوسع العنصري ما يزيد عن 20% من أراضيها، عدا عن الشوارع الالتفافية التي تعزل آلاف الدونمات".
ويعاني أهالي البلدة عند الدخول إلى البلدة والخروج منها، حيث تنصب قوات الاحتلال على مدخلها الشرقي الحواجز باستمرار، اما المدخل الغربي فمقام عليه بوابة مغلقة منذ سنوات.
ويضيف أبو بكر: هناك حاجز عسكري ثابت، وهو حاجز "دوثان" الذي يفصل بين محافظتي جنين وطولكرم، وعلى امتداد الطريق من جنين إلى طولكرم، توجد ثلاث مستوطنات، وثلاث أبراج عسكرية.
لا يستطيع أهالي البلدة الوصول إلى أراضيهم خلف الجدار، دون الحصول على تصاريح مؤقتة مربوطة ببوابات محددة وبوقت محدد.
ويوضح: "يتكلف المزارعون مصاريف مالية كبيرة للدخول إلى أراضيهم، اضافة الى خوفهم من اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين".
ولا يتوانى الاحتلال عن محاربة أهالي "يعبد" في قوت يومهم، من خلال الاستيلاء على المواد والمعدات التي يستخدمونها في تصنيع الفحم الطبيعي، بهدف القضاء على هذه المهنة التي تشتهر بها.
ويرى أصحاب "المفاحم" أن الاحتلال وبضغط من قطعان مستوطنيه يحاول إزالة منشآتهم بذريعة تسببها بتلوث البيئة، وفي المقابل يغض الطرف عن المصانع القائمة في المستوطنات، ومياه الصرف الصحي التي تنساب منها إلى أراضي المزارعين، واقتلاع الأشجار".
ويتعرض العاملون بالمهنة لمضايقات مستمرة من الاحتلال، بعد إقامة جدار الضم والتوسع العنصري، ونشر البوابات الحديدية على مقاطع الجدار، وما خلّفه ذلك من صعوبات كبيرة في استيراد الحطب، وتسويق الفحم داخل أراضي الـ48، إلى جانب عمليات التفتيش والاقتحام التي تتعرض لها "المفاحم" باستمرار.
ويبلغ عدد سكان بلدة يعبد وقراها أكثر من 30 ألف، وتضم 11 قرية، منها أربع قرى داخل الجدار وهي: برطعة، وخربة عبدا لله اليونس، وظهر المالح، وأم الريحان، وخربة الردعية، والتي تحتوي محمية "عمرة"، أكبر محمية طبيعية في الأراضي المحتلة عام 1967
m.a