"صبر" آل البرغوثي
نشر بتاريخ: 2020-05-11 الساعة: 14:57
رام الله - مراسل وفا- تصعد وداد البرغوثي أعلى ركام منزلها الذي دمرته جرافات الاحتلال في قرية كوبر شمال رام الله فجرا، وسوته بالأرض، ممسكة بما تبقى من نبتة الصبار التي كانت مزروعة إلى جانبه، وحفرت الأرض وغرستها بين التراب من جديد.
"نزرعها من جديد لنقول إننا قادرون على أن نصبر، وأن الاحتلال لن ينال من عزيمتنا وإصرارنا شيئًا مهما كانت ممارساته"، قالت البرغوثي.
هذه "الصبرة" زرعها قسام البرغوثي نجل وداد، عندما كان صغيرا عند زاوية البيت، تشير الأم إلى أنه "رعاها وانتبه لها حتى كبرت وأثمرت وأكلنا منها لسنوات طويلة، آلان اقتلعها المحتل، ونحن نزرعها من جديد".
فجر اليوم الاثنين، اقتحمت أكثر من 25 آلية عسكرية إسرائيلية، ترافقها جرافتان عسكريتان، واحدة لتمهيد الطريق وإزالة السواتر، والأخرى لهدم منزل عائلة الأسير قسام البرغوثي، الذي تقدر مساحته 200 متر مربع، بحجة تنفيذه عملية قرب عين عريك غرب رام الله عام 2019.
عملية الهدم التي استمرت أكثر من ثلاث ساعات، رافقها مواجهات عنيفة مع الأهالي أسفرت عن إصابة شاب بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط في الوجه، والعشرات بحالات الاختناق، جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الاحتلال بكثافة خلال عملية الاقتحام.
بعد انسحاب قوات الاحتلال من كوبر، تكشّفت آثار الجريمة التي اقترفتها بحق المنزل الذي تناثرت حجارته في كل زاوية، وتقطعت أشجار الصبار والخروب والتين والخوخ والليمون التي زرعتها وداد وزوجها في محيطه.
تقول وداد والدة الأسير قسام "هذا هو الوجه الحقيقي للاحتلال، فهو يقتل ويذبح ويهدم بدم بارد، ومهما حاول تجميل صورته فإنه لن يستطيع بفعل جرائمه وبشاعته التي تظهر في كل شبر يتحرك فيه".
وتضيف "قبل نحو شهرين تم إخطارنا بالهدم دون تحديد موعد، ولذلك كنا نعلم أن الاحتلال سيأتي في أي لحظة ويهدم المنزل، لذلك قمنا منذ فترة بإخلاء البيت وأخدنا أمتعتنا وانتقلنا للعيش في منزل شقيق زوجي، وعندما اقتحموا القرية فجرًا، كنا نتوقع انه سيهدم".
"نحن نسكن في البيت منذ أكثر من 25 عاما في الطابق الثاني، في حين أن شقيقتي تسكن في الطابق الأول، وجاء قرار محكمة الاحتلال العليا بالهدم دون إلحاق أي ضرر بمنزل شقيقتي، وذلك بعد التماس قدم للمحكمة، ولكن حتى منزلها لم يسلم وتشقق، وهدم أجزاء من مدخله وأغلق بفعل الحجارة والأشجار"، تضيف البرغوثي.
وتتابع "كل ذكرياتنا هنا، الحجارة تشهد على ذلك، هنا كان ملاعب الطفولة للأطفال، وكان الصبا لنا، وفيها درسنا وتعلمنا وعملنا ومارسنا حياتنا اليومية، والتقينا بأحبائنا وأصدقائنا، وفارقنا أناس، حتى الأشجار تشهد، كيف كنا نهتم بها ونرعاها حتى تكبر".
"أنت يا قسام مصدر فخرنا واعتزازنا، والبيت فدى فردة حذائك"، تقول.
عبد الكريم البرغوثي والد قسام، راح يتنقل بين الركام وهو يتفقد جذوع الشجر المقطع والمدمرة يقول "كل حجر من حجارة البيت وكل شجرة من أشجار البيت هي بحد ذاتها حياه وقصة، والآن انا أتخيل الحياة التي كنا فيها، وأتخيل قسام عندما مسك القلم لأول مرة وكتب، وكتاباته على الجدران".
رئيس مجلس قروي بلدة كوبر عزت بدوان، قال لـ "وفا" إن كوبر شهدت في العامين الأخيرين تصعيدًا في جرائم الاحتلال، أدت الى استشهاد شابين وهدم خمسة منازل واعتقال عشرات، واليوم يسجل الاحتلال جريمة أخرى بهدم منزل عائلة الأسير قسام.
وأشار الى أنه لا يوجد دولة في العالم تمارس الإجراءات التي تمارسها دولة الاحتلال، ولكن هذه عقلية العقاب الجماعي وإبادة شعبنا الفلسطيني، ولكن أمنيته هذه لن تتحقق، ومعنويات أهالي البلدة عالية جدًا، وكل بيت يهدم نقوم ببناء بيوت أفضل منها، وهذا واجب علينا.
m.a