13 ألف وجبة يوميا: تكية إبراهيم الخليل ملاذ الفقراء والمعوزين
نشر بتاريخ: 2020-05-03 الساعة: 11:48
الخليل - مراسل وفا- في اليوم العاشر من رمضان، ومع ساعات الصباح الأولى، غادرت الحاجة أم عبد منزلها برفقة عدد من جاراتها اللواتي يقطن أطراف المدينة العتيقة وسط مدينة الخليل، يحملن بأيديهم أواني لملئها بالطعام من تكية سيدنا ابراهيم الخليل.
أثناء سيرها في أحد أزقة البلدة القديمة، قالت الحاجة أم عبد التي فضلت عدم ذكر اسم عائلتها لـ"وفا"، "هذه بلد الأنبياء، الخير فيها أصيل، أهل الخير يجودوا بمالهم علينا، وبعين العطف والرحمة يمدوا لنا يد العون والمساعدة، انا لدي أسرة مكونة من ستة أفراد، زوجي تراكمت علي الديون، معيشتنا صعبة بسبب الاحتلال وزاد من صعوبتها الوباء، الدخل لا يكفينا حتى قبل الجائحة، فنصفه ندفعه أجار منزل، وها نحن نعتمد بشكل شبه يومي في طعامنا على التكية وما تقدمه لنا أيادي البذل والعطاء من خيرات".
مدير التكية لؤي الخطيب قال لــ"وفا": زيادة عدد رواد التكية هذا العام فاجأنا، حيث تضاعف العدد في بعض الايام، "خلال الاعوام الماضية كنا نعد ما بين 5 الى 6 آلاف وجبة يوميا، بينما رمضان هذا العام نُعِد ما بين 10 إلى 13 ألف وجبة يوميا، وهذا دليل واضح على تردي الوضع الاقتصادي العام للمواطنين في الخليل، وحجم المعاناة وصعوبة وضنك الحياة التي تعيشها هذه الأسر، بسبب إغلاق المحافظات والاسواق وكافة النواحي التجارية والاقتصادية، والتزام المواطنين منازلهم جراء هذه الجائحة التى عصفت بالعالم هذا العام".
ونوه الخطيب إلى أن رئيس الوزراء ومحافظ الخليل ووكيل وزارة الاوقاف وحركة "فتح" شددوا جميعا على أهمية استمرار عمل التكية في شهر رمضان لاغاثة الفقراء والمعوزين، وأردف قائلا "رمضان هذا العام شهد حالة استثنائية ايضا في العطاء بالمحافظة، فالمتبرعين من الأهالي ورجال الاعمال تسابقوا لحجز أيام لهم في التكية، وجادوا كما الاعوام الماضية في رمضان بكل خير وما يستطيعون، لإطعام الفقراء والمحتاجين الذين تضاعفت اعدادهم بسبب انعدام دخلهم في ظل هذه الجائحة".
وتابع، تقدر تكلفة المواد الغذائية التي تعد للطهي والتي توزع في كل يوم من أيام رمضان، ما بين 50 الى 70 الف شيكل تقريبا، وعادة تحجز كافة أيام الشهر الفضيل من قبل المواطنين المتبرعين قبل حلول الشهر المبارك.
وزاد: بسبب جائحة كورونا نبذل جهدا كبيرا في التعقيم، وخصصنا ملابس وقائية وكمامات للعاملين في التكية، واتبعنا اجراءات السلامة العامة للمواطنين بالتعاون مع حماة الحرم الابراهيمي ومفتشي المحافظة، وبسبب زيادة اعداد الاسر المحتاجة، طلبنا من المتبرعين هذا العام مضاعفة الكميات المطلوبة من المواد الغذائية واللحوم للتكية، وهم بدورهم لم يتوانوا وقدموا ما بوسعهم، وجادوا بافضل انواع الطعام لكسب الاجر والثواب في الآخرة.
واختتم الخطيب، تعددت أصناف الطعام التي قدمناها للفقراء والمعوزين خلال الشهر الفضيل، حيث قدمنا لهم الفاصولياء والبامية والبازيلاء واللحم والدجاج واللبن والأرز وغيرها، ولا زلنا نقدم الأفضل لتبقى محافظة الخليل كما عهدها الجميع منذ الازل "المدينة التي لا ينام فيها جائع"، وأشار إلى أن التكية تجاوز عمرها 1128 سنة وموضحا انها تعتمد على شقين من التبرعات وهي العينية كإحضار المواد الغذائية من اللحم والدجاج وغيره، أو التبرعات المالية النقدية".
مدير اوقاف الخليل جمال ابو عرام، قال لــ"وفا": التكية الابراهيمية تقوم بدورها تجاه روادها من الفقراء على مدار العام ويتضاعف عملها في شهر رمضان، غالبا الفقراء الذين يستفيدون من التكية هم الذين يقطنون في البلدة القديمة ومحيطها، وأوضح أن عدد من التكايا الأخرى جرى افتتاحها في محافظة الخليل خلال الاعوام القليلة الماضية، وهي التكية الابراهيمية في يطا، والنبي نوح في دورا، وتكية مخيم العروب، وهذه التكايا الثلاث تتبع لجان الزكاة، "أما أم التكايا تكية سيدنا ابراهيم الخليل فتتبع وزارة الاوقاف والشؤون الدينية مباشرة".
وذكر عضو اقليم وسط الخليل مسؤول ملف المناطق المغلقة مهند الجعبري لـ "وفا"، أن عشرات المتطوعين من حماة الحرم الابراهيمي يعملون بالتعاون مع مفتشي المحافظة على تنظيم دخول المواطنين الى التكية لضمان عدم تجمعهم وتجمهرهم على أبوابها وداخلها، وذلك حفاظا على سلامتهم في ظل هذه الجائحة، مبينا أنهم يعملون على إدخال المواطنين بشكل انسيابي ضمن مجموعات يسهل التعامل معها وتقديم الوجبات لها بطريقة مثلى من قبل العاملين في التكية.
يذكر أنه كان يطلق على التكية قبل ألف عام تقريبا اسم "الرباط"، ثم أصبحت تسمى "الطبلانية" وذلك لأن العاملين فيها كانوا عندما ينتهون من إعداد الطعام يقرعون الطبل، وتتكون التكية من مطبخ ومخزن وقاعة مخصصة للرجال وأخرى للنساء، وقاعتي انتظار، وتقع بمحاذاة الحرم الإبراهيمي الشريف وسط مدينة الخليل.
m.a