في غزة.. الزهور طعام للأغنام
نشر بتاريخ: 2020-04-20 الساعة: 15:49غزة - مراسل وفا- دفعت الإجراءات الاحترازية وإغلاق المعابر ووقف التصدير، التي رافقت انتشار فيروس "كورونا" المستجد، بالمزارع لباد حجازي لإطعام الزهور في مزرعته للأغنام.
لباد ورث المهنة عن والده غازي، الذي هو أول من زرع الزهور في قطاع غزة عام 1991، وكان يصدره إلى هولندا، وحصل على المرتبة الأولى محليا فيها، والمرتبة الثانية في بورصة الزهور العالمية، ولديه عشرة دونمات مخصصة لهذا النوع من الزراعة، في المنطقة الغربية من مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
يقول حجازي (20 عاما) لـ"وفا"، إنه في ظل أزمة "كورونا" الحالية، نضطر لإتلاف الزهور وإلقائها في النفايات، حيث يقوم مربو الأغنام والماشية بأخذها وإطعامها لأغنامهم وماشيتهم، وينقلونها إلى الحظائر، وهذا يؤسفنا كثيراً لأنه ما باليد حيلة".
ويضيف: "الخسائر التي تكبدناها تقدر بأكثر من 150 ألف شيقل، حيث أن الدونم الزراعي الواحد من الزهور يكلفنا 30 ألف شيقل، ودونم الورد الجوري يكلفنا قرابة 50 ألف شيقل ما بين أجرة عمال، وأسمدة، ومبيدات، وأشتال، وكهرباء، ومياه للري، ومصاريف ثابتة يوميا 800 شيقل للري ورش مبيدات وأسمدة عضوية لتقوية الشتلة، كما أن هناك أشتالا تحتاج لإنارة لأنها تنمو عليها وتكون منذ لحظة غروب الشمس وحتى ساعة الفجر، ثم يتم إطفاء هذه الإنارة".
ويوضح حجازي، الذي يعيل أسرة مكونة من 25 نفرا، يقتاتون من وراء زراعة الزهور، إضافة إلى نحو 6 عمال لديهم 14 نفراً: "يوجد لدينا أكثر من 14 صنفا من الزهور، وفي هذه الفترة من العام كنا نشهد إقبالا على الزهور خاصة للمناسبات والاحتفالات ومهرجانات وفعاليات في المدارس وللسوق المحلي، وقبل شهر رمضان، لكن للأسف أزمة كورونا ضربت الموسم، كما أن التسويق الخارجي متوقف منذ عام2011 تقريباً".
وعبر المزارع لباد حجازي، الذي يقطن في منطقة شارع الزر غرب رفح، عن أسفه لعدم التفات الجهات المسؤولة لمعاناته، حيث لم يتفقد أحد منهم أوضاع المزارعين وأحوالهم، ودعاهم للاهتمام وتقديم المساعدة والتعويض عن الخسائر التي تكبدوها.
كما عبر عن امتعاضه من قيام شركة كهرباء غزة بقطع التيار الكهربائي عن مزرعته لعدم قدرته على تسديد الفاتورة، قائلاً: "بالأمس جاء عمال الكهرباء وقطعوها على المزرعة، وقالوا أن علينا أن ندفع الفاتورة وبعدها قطعوا الكهرباء، ونحن لا يوجد لدينا أموال للدفع حالياً، اضطررت للاستدانة من أحد أقاربي والدفع لهم".
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي مدير عام العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع لـ"وفا" : "كانت زراعة الزهور في قطاع غزة كانت تشكل مصدراً أساسياً للعديد من المزارعين والمصدرين، وكان يتم تصدير أكثر من خمسين مليون زهرة سنوياً، لكن مع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وإغلاق المعابر وتكاليف الإنتاج تراجع هذا القطاع بشكل كبير، إلا أن بعض المزارعين الكبار عادوا مؤخرا مرة أخرى للاستثمار في هذه الزراعة وتسويقها في الأسواق المحلية".
ويشير الطباع إلى أن أزمة كورونا أثرت على كافة الأنشطة الاقتصادية، وقطاع الزهور من بين القطاعات التي تضررت، إذ أصبح منتِج الزهور غير قادر على تسويقها محلياً، ولا يوجد إمكانية لتصديرها للخارج، حيث توقف التصدير محلياً نتيجة لتوقف الأفراح وإغلاق صالات الأفراح، وإلغاء بيوت العزاء التي كان يتم فيها شراء اكاليل من الزهور.
ويؤكد أنه في حال انتهاء أزمة كورونا "يجب أن يكون هناك دعم لهؤلاء المزارعين، وكل القطاعات التي تضررت".
وقد عرفت زراعة الزهور في فلسطين منذ القدم، إلا أنها اقتصرت على الزراعة المنزلية، وفي الحدائق العامة؛ أما زراعة الزهور لأغراض تجارية، فقد عرفت في قطاع غزة على وجه الخصوص عام 1991، واتسع نطاقها في عام 1998؛ إذ وصلت إلى أكثر من 100 مشروع على ما مساحته نحو ألف ومئتي دونم، معظمها يتركز في بيت لاهيا في أقصى الشمال، وكذلك في رفح أقصى الجنوب.
وتراجعت زراعة الزهور بعد عام 2000؛ بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وإغلاق المعابر أمام عمليات التصدير أو تعقيدها، بالإضافة إلى عمليات تجريف وقصف الأراضي الزراعية؛ ما أدى إلى خسائر فادحة مني بها المزارع؛ أدت إلى تحوله عن زراعة الزهور، لتتقلص المساحة المزروعة من 1200 دونم إلى 180 دونمًا؛ أي ما نسبته 6.5 % من حجمها الكلي، معظمها انحصر في محافظة رفح جنوب القطاع.
وتكلف زراعة دونم الزهور الواحد، الذي يعد محلياً من المتطلبات الكمالية- وفق الإحصائيات المتوفرة لدى المزارعين وأصحاب الاختصاص- نحو 8 آلاف دولار تقريباً، ويبقى الرقم مرشحاً للزيادة في حال تعرض الأرض الزراعية لأوبئة، أو لعوامل طقس غير مناسبة للشتلات، ويحتاج دونم الزهور الواحد يوميا 3-5 كوب ماء.
ورغم التكاليف الباهظة التي يتكبدها مزارعو الزهور؛ إلا أن هذا القطاع يبقى من القطاعات الإنتاجية الزراعية المهمة في قطاع غزة؛ إذ يسهم بحوالي 25 مليون دولار سنوياً من الدخل القومي، ويبلغ عدد العمال الذين يعملون في قطاع الزهور 4500 عاملا، وذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.
ويمتد موسم تصدير الزهور خلال الفترة ما بين 15 تشرين الثاني/نوفمبر ولغاية 25 نيسان/ابريل؛ حيث كان يصدر كل إنتاج القطاع منها إلى دول غرب أوروبا، وبالتحديد هولندا، ومن ثم إلى الأسواق الأوروبية الأخرى.
وكان قطاع غزة يصدر 60 مليون زهرة سنوياً إلى أوروبا، حيث أن زراعة الزهور وقطفها تستغرق 11شهراً؛ فتبدأ في شهر حزيران/يونيو، وتستمر العناية بالمحصول حتى بداية شهر كانون أول/ديسمبر، حيث يحين القطاف الذي يستمر بدوره حتى شهر أيار/مايو.
وتزرع في قطاع غزة أكثر من مئة صنف من الزهور؛ لكن زهرة القرنفل هي الزهرة التي يفضلها المزارع الغزي في أرضه؛ لتحملها عوامل الطقس المتقلبة، إذ يصنف القرنفل حسب لونه إلى: - الزهري يسمى "فريدة" والأخضر يسمى "جوبلن" والأحمر يسمى "جوري" والعنابي يسمى "دارك تشاو" والأحمر المختلط بالأصفر يسمى "تشاو" والبرتقالي فيسمى "أورانج جيفون".
m.a