الرئيسة/  تقارير

شتوة نيسان.. بتسوى العدّة والفدّان

نشر بتاريخ: 2020-04-10 الساعة: 18:24

طوباس - مراسل وفا- يبتهج الفلسطينيون منذ قديم الأزمان بأمطار شهر نيسان، والتي أخذت حيزا كبيرا من العرف والتراث الشعبي، وترجموا أهميتها بالعديد من الأمثال المتناقلة عبر الأجيال، للدلالة على دورها الرئيس في مجال الزراعة التي تعتبر العمود الفقري لدى العديد من المواطنين الفلسطينيين.

الحاج سمير الحمود، وهو من أقدم المزارعين في منطقة الفارعة جنوب طوباس، يتحدث عن الأهمية الكبيرة للمطر في شهر نيسان، وقال عنه الفلاحون قديما العديد من الأمثال، ويوضح أنها تعود بالنفع بالدرجة الأولى على المحاصيل البعلية مثل القمح الذي يكون في هذه الفترة في طور النضوج.

 

أما المحاصيل المروية مثل الخضار، تفيد أمطار نيسان في تنظيفها من بعص الأمراض والحشرات التي قد تلحق ضررا بها، وخاصة محصول الخيار الربيعي الذي ينمو في هذه الفترة.

 

بدوره، يؤكد المهندس الزراعي ماهر صلاحات من مديرية زراعة طوباس، أهمية هذه الأمطار للقطاع الزراعي بأكمله، "وبشكل علمي هذا المطر مهم جدا للمحاصيل البعلية التي تكون في مرحلة ما قبل النضج وتكوُّن الحبوب، فإذا كانت النبتة في هذه المرحلة في ظروف بيئية مناسبة تعطي منتوجا ممتازا من حيث الكمية والنوعية، بينما إذا تعرضت لإجهاد وعطش فهذا يؤثر على كمية الإنتاج ونوعيته.

 

ويضيف: "كما تنعكس هذه الأمطار بشكل إيجابي على المحاصيل الصيفية لأنها تزيد من معدل الرطوبة في التربة، ما يساعد الأشجار التي تنضج ثمارها صيفا على البقاء بأفضل حال، وهي مهمة لأشجار اللوزيات والزيتون بشكل كبير".

 

"لا تقتصر أهمية أمطار نيسان على الثروة النباتية فقط، بل تتعداها إلى الثروة الحيوانية من خلال إطالة عمر المراعي وتؤخر جفافها، وبالتالي تأخذ المواشي فترة رعي أطول"، يقول صلاحات.

 

بدوره، يشير الباحث في التراث الشعبي حمزة العقرباوي إلى أن الموسم المطري حسب مناخ فلسطين وبلاد الشام يبلغ سبعة أشهر تمتد من تشرين الأول وحتى نيسان، وبالتالي يعتبر شهر نيسان شهرا مطيرا، ونزول الأمطار فيه أمر طبيعي، لكن الناس يستغربون هذه الأمطار لأن الجو اعتبارا من منتصف شهر آذار يكون قد استقر، والأعشاب نمت، وبدأت درجات الحرارة بالارتفاع، فيعتقدون أن الشتاء انتهى.

 

تكمن أهمية أمطار نيسان، كما يقول العقرباوي، بدورها في دعم الزراعة والمحاصيل الصيفية، فالفلسطينيون منذ قديم الأزمان يزرعون محاصيلهم مرتين في العام، أحدها صيفي والآخر شتوي، المحصول الصيفي يزرع في أواخر شهر آذار، وهذه الزراعات تحتاج لري حتى تنمو.

 

ولأهمية أمطار نيسان لنمو المحاصيل الصيفيةـ سطر أجدادنا الأمثال وقالوا: "النقطة في نيسان بتسوى كل سيل سال"، لأهميتها في بعث الحياة بالبذور والأشتال.

 

كما أنها مهمة للأشجار المثمرة كالفواكه، فيقال في المثل الشعبي: "شتوة نيسان بتسوى العدة والفدان"، أي تعادل في أهميتها معدات الحراثة والدابة التي كان الاعتماد الأساسي عليها قديما لحراثة الأرض وتهيئتها للزراعة.

 

كما قال الأجداد: "لو حطوا الدريس على الدريس لا بد من شتوة الخميس"، والمقصود بالخميس في العرف الشعبي شهر نيسان.

 

ويضيف العقرباوي أن كل الأمثال التي قيلت في هذه الأمطار ذات معاني وأبعاد كبيرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بحياة الفلاح، فيقال أيضا: "نيسان بلا شتا زي العروس بلا جلا" أي أن شهر نيسان الذي لا تمطر فيه السماء يكون خاليا من البهجة كالعروس دون طرحتها.

 

لا يخفي شعبنا فرحته بهذه "الشتوة" رغم تطور الزمن والتكنولوجيا الزراعية، وفقا للعقرباوي، "شعبنا متعلق بعاداته وموروثه، وهطول المطر يجعلهم يخرجون مخبوء أنفسهم من الأمثال والعادات والبهجة، لأنهم يشعرون أن تراثهم حي.

 

 

ورغم تطور الزمن وتوافر وسائل الري إلا أنه لا غنى عن المطر في شهر نيسان، لأنه أساس استمرارية الزراعة البعلية، فعموم الفلاحين في الريف الفلسطيني يعتمدون على الزراعة البعلية.

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024