العالم بعد الكورونا ليس كما قبلها
نشر بتاريخ: 2020-03-16 الساعة: 11:00باسم برهوم لا شك أن البشرية ستواصل حياتها، وتتأقلم وتتكيف مع فيروس الكورونا كما تأقلمت مع غيره. ولكن وكما توقع الرئيس الفرنسي ماكرون، وكما يتوقع الكثير من الخبراء، فإن العالم لن يكون كما كان بعد الكورونا، وربما الإنترنت هو النعمة الحقيقية في هذا الزمن، لأنه سيمثل حلا للكثير من المشاكل، وسيصبح الوسيلة الأكثر استخداما في حياتنا العملية وبديلا لكل أنماط التواصل التقليدية.
العالم بعد الكورونا سيصبح افتراضيا أكثر، التعليم، العمل عن بعد، صيغ التعليم القديمة ستتلاشى، وكذلك الكثير من الوظائف، حتى العديد من المصانع ستدار وتشغل عن بعد. والأمر ذاته ينطبق على أنماط التسوق والذهاب إلى المجمعات، كل شيء سيتم عن بعد. والطائرات بدون طيار ستلعب دورا رئيسيا في حياة ما بعد الكورونا في إيصال المأكولات والبضائع الى كل بيت.
الحدود بين الدول والمطارات والمعابر سيتغير شكلها، وكل مسافر سيكون له سجل إلكتروني معولم ويتنقل الناس في مسارات حسب واقعهم الصحي. كما أن المواصلات العامة داخل المدن ستتراجع أهميتها وتستبدل بعربات تنقل الأفراد كل على حدة، فالحياة العملية ستتحول علاقات عن بعد. الاجتماعات المؤتمرات لن تعود كما كانت. حتى الصلوات في الكنائس والمساجد والحج في كل الديانات، فالصلوات يمكن أن تتم عبر الدائرة الإلكترونية المغلقة وبأوقات محددة. العالم قبل الكورونا كان ينتقل تدريجيا إلى هذا النمط الجديد للحياة ولكن الكورونا ستعجل من الأمر وبسرعة لا تتوقعها. حتى الحروب ستنطور بحيث لا تعود فيها المواجهة المباشرة بين الجيوش عاملا حاسما، بل حروب ستشتعل وتنتهي ويحسمها الطرف الأكثر تطورا، والأكثر استخداما للتكنولوجيا لا البشر بشكل مباشر.
التأقلم سيأخذ معنى مختلفا عما مضى، وبالتالي فإن الأكثر تطورا هو الجاهز لحالة التأقلم الجديدة لما بعد الكورونا. وهنا فإن نظرية دارون تثبت صحتها مرة أخرى بأن البقاء للأقوى والأفضل سواء على صعيد الفرد البيولوجي أو المجتمع والدول الأكثر تطورا.
على أية حال وقبل أن نصل إلى مرحلة ما بعد الكورونا على البشرية أن تتعاون وتتكاتف وتتكافل لمواجهة هذا الفيروس اللئيم، بالرغم أن ما نراه من عدد كبير من الدول، وخاصة الكبرى منها بأنها لا تزال تتصارع وتناكف بعضها بعضا بدلا من أن تتعاون.
دعونا أولا ننتصر على هذا الوباء وأن نكيف حياتنا مع وجوده، فلا بديل إلا الاستمرار بالحياة البشرية.