لبنان.. الفساد ومن بعده كل الأوبئة
نشر بتاريخ: 2020-03-12 الساعة: 09:53هلا سلامة في زمن الكورونا تتلاشى آمال اللبنانيين في بلاد تلقت الضربات على التوالي، فبدا المرض متمما لأزمة اقصادية واجتماعية لم تجد لها حلا، أدت إلى تفاقم المخاطر وارتفاع منسوب اليأس عن الهلع.
الجوع وكورونا مرض واحد لا تبدد مخاوف أحدهما الآخر في شارع يبدو مستاء من تعاطي أهل السلطة في كل الملفات التي تعني المواطن في صحته وعمله وكل جوانب حياته.
إن الثواني الأخيرة لا تستلحق ميتا كان يمكن إنعاشه أو تدارك حتى إصابته بالمرض، ولكن عبثا فإن السياسات في وطننا تتقدم على الانسان.
أدين اللبناني على انتفاضته بوجه الفساد وعوقب في الشارع "ملاذه الأخير" للتعبير عن ألمه فلم يترك له أهل الحكم تهمة ولا وسيلة تعقب على كلمة قالها أو موقف سجله.
وبصعوبة تحاول الحكومة الجديدة لملمة أخطاء الأمس، وتفشل بسبب حجم المشكلة من جهة والالتزام بمنطق السياسة التي تتبعها من جهة أخرى فلا استقلالية حتى اليوم ولا تفرد بالرأي ولا نأي بالنفس عما يضر لبنان افتصاديا وماليا واجتماعيا ولا حتى صحيا.
فلولا تسجيل حالتي وفاة بفيروس كورونا واتساع دائرة خطره ربما لم نلحظ أي تطور في قرارات الحكومة ومنها ما أعلنه امس رئيسها حسان دياب عن وقف جميع الرحلات الجوية والبحرية والبرية مع إيطاليا وإيران وكوريا الجنوبية والصين، وجميع الدول التي تشهد تفشيا لفيروس كورونا.
قرارات أتت متأخرة جدا في بلد صغير مثل لبنان يتمتع بروابط عائلية واجتماعية كفيلة أن تضعه بأكمله في دائرة الإصابة بالفيروس.
لم يعد مستشفى رفيق الحريري المصدر الرسمي الوحيد على مستوى لبنان لعدد الاصابات رغم أنه ما زال يصدر نشرة يومية عن ذلك من داخله وآخرها ليل امس، تبين أن العدد الإجمالي للحالات التي تم استقبالها في الطوارئ المخصّص للكورونا خلال الساعات الـ 24 الماضية بلغت 133 حالة، احتاجت 14 حالة منها إلى دخول الحجر الصحي، فيما يلتزم الباقون الحجر المنزلي.
وصدر أيضا عن مستشفى سيدة المعونات الجامعي بيان يوضح أنه وبعد الانتهاء من إجراء الفحوصات المخبرية على العاملين فيه الذين كانوا على تواصل مباشر مع أحد المرضى المصابين بفيروس كورونا، تبيّن إصابة 10 أشخاص من طاقمه جميعهم بصحة جيدة وتم استقبالهم في قسم جُهّز لهم خصيصا وتم عزله نهائيا عن المستشفى.
تطورات الفيروس في لبنان استدعت يوم امس اتخاذ سلسلة قرارات من قبل بعض الوزارات والنقابات وبعض المؤسسات.. نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرامي الذي وصف الكورونا بالضربة القاضية على آخر أمل بعد الضربات المتتالية التي تلقاها القطاع من عدة جهات، دعا إلى الاقفال لفترة زمنية من أجل مصلحة الجميع، على أن يشمل هذا الإقفال كل الأراضي اللبنانية دون استثناء، حفاظًا كما قال على صحة الرواد والموظفين وصحتنا وصحة أولادنا وفي ذات السياق أصدر وزير السياحة قراراً بإقفال عدد من المؤسسات والمرافق السياحية.
وتفاديا لانتشار المرض أكد نقيب الاطباء البروفيسور شرف أبو شرف وقف التجمعات والاجتماعات الكبيرة من ندوات ومؤتمرات ونشاطات للجمعيات العلمية، وذلك بصورة مؤقتة، وحتى اشعار آخر، على أن تستمر المعاملات اليومية والروتينية.
بدورها نقابة المعلمين واتحاد النقابات العمالية للمصالح المستقلة والمؤسسات العامة أعلنوا الاقفال اعتبارا من صباح يوم الخميس ولغاية مساء الأحد نظرا للتطورات الصحية.
بعض المراجع الدينية أبدت حرصها على الأخذ بمبدأ الوقاية ريثما ينحصر خطر الوباء فقد أعلن العلامة السيد علي فضل الله في بيان "التوقف عن إقامة صلاة الجمعة والجماعة في المساجد كافة التي تشرف عليها مؤسسات العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله".
وفي خضم الهلع والضائقة الاجتماعية لا يتوانى البعض عن المتاجرة فتشهد بعض المحال التجارية ارتفاعا جنونيا في الاسعار لا يقوى عليها المواطن ويصل الأمر إلى الغش والتلاعب بالوسائل الوقائية المطلوبة في الأسواق، يتبين ذلك في ما أعلنته وزارة الصناعة بعد اجراء فحوصات مخبرية لدى معهد البحوث الصناعية على عيّنات من المعقّمات والمنظّفات المصنّعة أو المركّبة محلّياً تباع في مختلف نقاط البيع، تبيّن أن العديد منها غير مطابق للمواصفات القياسية الالزامية مما استدعى مطالبة المخالفين بسحب هذه السلع من الأسواق خلال 48 ساعة او اتخاذها الاجراءات القانونية بحقّهم وصولاً إلى اقفال مصانعهم، والادّعاء عليهم قضائياً.
لبنان ..الضائقة الاجتماعية وعداد الكورونا الذي لا يتوقف.. لبنان.. الفساد ومن بعده كل الأوبئة.
* صحفية لبنانية