الرئيسة/  مقالات وتحليلات

استعدوا للجولة الرابعة

نشر بتاريخ: 2020-03-12 الساعة: 09:50

عمر حلمي الغول أزمة تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة ما زالت قائمة في اعقاب انتخابات الكنيست الـ23. فلا الليكود وائتلافه اليميني المتطرف قادر على تجاوز الـ58 مقعدا في البرلمان، ولا تكتل كاحول لافان قادر على تشكيل حكومة ضيقة بدعم خارجي من قبل القائمة المشتركة، لأنه يواجه أزمة داخلية، حيث اعرب كل من يوعاز هندل، وتسفي هاوزر رفضهما دعم هكذا حكومة، وابلغا كلا من غانتس ويعلون بموقفهما. كما أن أورلي ليفي ابيكاسيس، زعيمة غيشر من تكتل "العمل غيشر ميرتس"، القت بقنبلة جديدة أمام عربة الحكومة المؤملة لغانتس، عندما رفضت دعم هكذا حكومة، فأسقط في يد كل من عمير بيرتس، زعيم التكتل، وايضا بيني غانتس. وبالتالي حتى لو افترضنا في احسن الأحوال دعم كل مكونات القائمة المشتركة فلن يتمكن زعيم تكتل أزرق ابيض من تولي رئاسة حكومة جديدة.
الاستعصاء في تشكيل الحكومة يضاعف من ازمة الدولة الإسرائيلية، وهذا يعود لكون التكتل المقابل لليمين المتطرف بقيادة الليكود، ليس اقل يمينية، ولا اقل تطرفا وعدائية للفلسطينيين عموما، وممثليهم في القائمة المشتركة. مع ان الأمر سيكون مختلفا تماما لو كان بنيامين نتنياهو يحتاج لأصوات نواب المشتركة، عندئذ سيمد يده لهم، ويناور حتى يحصل على اصواتهم. لأنه مستعد ان يتخذ اي خطوات دراماتيكية ومتناقضة مع الأيديولوجيا والثوابت والشعارات، التي رفعها، ويرفعها اقرانه مقابل البقاء على رأس الحكومة.
بالمقابل هو الآن يعمل على سيناريوهين، الأول استقطاب بعض اعضاء تكتل أزرق ابيض مقابل جوائز ترضية، وعلى ما يبدو انه استمال ابيكاسيس، التي أطربها تصريح كاتس، وزير الخارجية الحالي، عندما قال، إنها الأنسب لتولي وزارة الصحة. ويقال ان شقيقها ليفي زار نتنياهو قبل ايام، حتى لو لم يتمكن من تشكيل الحكومة، رغم استماته ببلوغ ذلك. ولكن في حال لم يبلغ مراده، لا يقبل لخصمه برئاستها؛ الثاني الذهاب لجولة رابعة، والحؤول دون تمكن غانتس من تشكيل اي حكومة. لأنه يدرك ان خروج مقود الحكومة من يده، يعني ذهابه للسجن، أو الاعتزال السياسي بالحد الأدنى، وهو ما لا يقبل به.
لذا ما زال يناور لخلط الأوراق داخل التكتل المنافس، وقلب حساباته رأسا على عقب. واعتقد انه نجح على الأقل حتى اللحظة الراهنة في نصب الحواجز والمتاريس امام طموحات الجنرال حديث العهد في السياسة، ومنعه من الوصول لتولي رئاسة الحكومة الجديدة مهما كلف من امر. وهو في ذات الوقت مطمئن لتكتله اليميني المتطرف، حيث قيدهم بروابطه الديماغوجية والنفعية، بعكس تحالف ازرق ابيض غير المتجانس، والقابل للاختراق.
ولا اريد هنا مناقشة دعم المشتركة من عدمه لغانتس. بقدر ما ساحاول استشراف الأزمة الإسرائيلية القائمة، واي السيناريوهات أفضل لمستقبل السلام والمنطقة، والعلاقة بين القيادتين والشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. كما ذكرت في مقالة اول امس أزمة إسرائيل عميقة عمق ولادة الدولة المشروع الصهيوني، وليست حديثة العهد. لكن الأزمة الحالية لها خاصية ونكهة مختلفة، لأنها تصب الزيت على الرماد المتقد في المجتمع الإسرائيلي، وتعمق الكراهية والبغضاء، وتولد العنف من خلال تصاعد عمليات التحريض، التي بدأت مباشرة بعد الانتخابات بإلباس قيادات تكتل ازرق ابيض الكوفية الفلسطينية، وهو ما يعني إشهار عملية الاغتيال، كما حصل مع إسحاق رابين عام 1995. وأما عن السيناريوهات الافتراضية الممكنة إسرائيليا، وايهما افضل، هل إزالة وإسقاط نتنياهو عن الحكم افضل، أم الذهاب لجولة رابعة وخامسة وسادسة للانتخابات حتى لو بقي بيبي على رأس حكومة تصريف الأعمال؟
على اهمية إسقاط نتنياهو، ودخوله اقبية الزنازين بتهم الفساد الثلاث التي تلاحقه، وإسدال الستار على حقبته السوداء في حكم إسرائيل، وقتل آفاق السلام، إلا ان الذهاب لجولات جديدة للانتخابات يكون افضل، وأكثر اهمية. لأن السيناريو الأخير سيصدم الشارع الإسرائيلي، ويعمل على إيقاظ بعض نخبه للخروج من عباءة نتنياهو واليمين المتطرف بشكل كلي، ودفعها للتمرد على الواقع المجنون، ويكون مردوده أكثر ايجابية على الشارع الإسرائيلي. بعكس سقوطه الآني، مع اني أعتقد جازما، انه سقط، ولم يعد حاكما فعليا لإسرائيل منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، رغم كل براعته ودهائه ومكره. وبقاؤه على رأس الحكومة بقدر ما يحرره من قبضة السجن راهنا، بقدر ما سيضاعف ويزيد من مستقبله الأسود في قادم الأيام.
[email protected]

anw
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024