الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الطوارئ وتوازن الحياة الآمنة مع العمل

نشر بتاريخ: 2020-03-10 الساعة: 11:18

 موفق مطر الآن وبعد قرار الرئيس محمود عباس اعلان حالة الطوارئ لمواجهة خطر فيروس الكورونا ولمنع تفشيه، وتكليف رئيس الوزراء بتنفيذه وتطبيقه، وبعد القرارات التي اعلنها ارئيس مجلس الوزراء رئيس الحكومة د . محمد اشتيه، فإننا نعتقد بضرورة الاسراع لرسم خطط لضمان العمل عن بعد لضمان بقاء عجلة المؤسسات الرسمية في كل تخصصاتها في حالة دوران وإنتاج أيضا مع مراعاة مبدأ التوازن ما بين قدسية كل من حياة الانسان والعمل على حد سواء، فمقومات الحياة ستضعف وقد تتلاشى من دون عمل، ولا عمل دون حياة آمنة صحية مستقرة.
إن توفر الأدوات المكتبية الحديثة كالحواسيب وغيرها، وتوفر خط نفاذ على الشبكة العنكبوتية (الانترنت) لدى الغالبية العظمى من الموظفين، وتأمينها للموظفين الأساسيين إن كانوا لا يمتلكونها تعتبر مستلزمات اساسية للعمل عن بعد بالتوازي مع تأمين ايصال المستندات والوثائق الورقية في الاتجاهين (الموظف والإدارة) وتأمين أماكن إقامة للموظفين الذين لا يستطيعون العودة الى مساكنهم في مدن وبلدات اخرى وتفرض الاجراءات الوقائية بقائهم في مناطق عملهم وتكليف من لا ينطبق عليه العمل عن بعد بمهام اخرى متناسبة مع الظرف القائم الطارئ.
أهم ما يجب تطبيقه في فترة الطوارئ تطبيق مفهوم التعاضد الاسري وتحديدا فيما خص حضانة ابناء الموظف الذي لا بد من وجوده على رأس عمله في ظل اغلاق الروضات والحضانات والمدارس، وهنا يتجلى الاهتمام الرسمي والاجتماعي بالأسرة باعتبارها اللبنة الأولى في بناء المجتمع والدولة، والاهتمام بالراحة النفسية للموظف المطمئن على اوضاع أبنائه عندما يكون في موقع العمل في الحالة الطبيعية، فالموظف المطئمن منتج، اما القلق على عائلته فيستحيل عليه الانتاج حسب الاصول والمواصفات.

نستطيع وضع معادلة توازن بين مقدسين الأول حياة الانسان وأمنه وصحته في حالات الطوارئ والمقدس الآخر العمل، ونحصل على نتائج افضل عندما يصير العمل في عقل وقلب الموظف العامل المدير وحتى رب العمل او الوزير قيمة اخلاقية، وعندما نعمل على تنمية العلاقات الانسانية لتتفوق وتتقدم على المكسب المادي فقط، وهنا يتجلى دور المسؤولين المباشرين والمدراء المختصين في تجسيد النصوص والنظم واللوائح الادارية الناظمة للعمل وتحويلها الى نظام وعجلة انتاج رغم كل الظروف، فيما يجتهد كل عضو في هذا النظام لإثبات يقظة ضميره الشخصي وحسن انتمائه الوطني عبر المؤسسة، سنطمئن بأن مسارنا في الحياة يسير في الاتجاه الصحيح ونتقدم ونرقى بقوة دفع العقول الادارية الراقية عندما نطبق هذه المعادلة عمليا.. فالإنسان هو المكسب الرئيس الأول والآخر.

لا بد من تحقيق التوازن العاطفي والعقلاني ووجوب الحفاظ على العلاقة الجذرية بين أمان الفرد (الموظف) وأسرته وضمان حركة العمل باطمئنان في حالة الطوارئ، إذ يوفر كل منهما للآخر اسباب النجاح والتقدم والعطاء بلا حدود.

المؤسسة الحكومية الناجحة والخاصة ايضا ركن هام من أركان الدولة الناجحة الحضارية القوية القادرة على تجاوز الأزمات والكوارث الطبيعية وكل ما هو طارئ، وذلك لوجود خطط استراتيجية جاهزة في الأحوال العادية، وخطط للطوارئ ترسم فيها كل الاحتمالات وتهيأ لها كل المستلزمات والأدوات والإمكانيات المادية والبشرية، فالمؤسسة التي تعمل بقدرة وكفاءة عاليتين في الأحوال العادية، سنراها في حالة الطوارئ في اعلى درجات الجهد والقدرة مع اعتبار النسبة والتناسب بين الظرف الطارئ والحالة الطبيعية العادية، ولكن ذلك لا يتم إلا بوجود عقل مدبر، وضمير حر يسير ماكينة العمل، حيث يتم استغلال الممكن لتقديم افضل ما يمكن، قفي مثل هذه الظروف يعبر الفرد (الموظف) حسب موقعه ومرتبته على مصداقية ايمانه وصواب فلسفته ومنهجه في الحياة.

المؤسسات القائمة على عقيدة عمل متأصلة في منهج حياة الفرد والمجتمع، وتتجسد في القوانين واللوائح وقرارات الناظمة لمسارات حركة الحياة العملية اليومية ستتمكن من النجاح، والسبب هو الطابع الانساني العقلاني المعكوس على الخطط الاستراتيجية والطارئة الناظمة لحركة عجلة الحياة عندما نتحدث عن مؤسسات حكومة دولة، وعن مؤسسة لا حكومية خاصة، ومن دون هذه الميزة فإن دولا ومؤسسات عظمى قد تنكسر او تنهار أو قد تصل الى حد التفكك والإفلاس حتى لو كانت مصنفة تحت بند البلاد أو المؤسسات القوية، والسبب أنها لم ترتكز على رافعة اخلاقية انسانية، أما الأحداث والكوارث والمخاطر فإنها احسن امتحان لبيان قدرات الدولة أو المؤسسة على النجاح ونجاعة وجدوى المنظومة الأخلاقية الانسانية الفردية والجمعية في تكوين جبهة كمناعة وحماية.

anw
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024