الشائعات.. الفيروس الأخطر
نشر بتاريخ: 2020-03-09 الساعة: 14:25رام الله - مراسل وفا- لطالما ارتبطت الإشاعة بالرأي العام، فهي تبدأ من فرد ينشر معلومات تمس عادة قطاعات واسعة من المجتمع، ثم تتحول هذه الإشاعة لتشكل رأيا عاما جديدا وتسيّره للوجهة التي تريدها.
بدا الناطق باسم وزارة الداخلية غسان نمر حاسماً في مسألة التعاطي مع مروجي الإشاعات في ظل الظروف الاستثنائية التي نمر بها، خاصة مع إعلان إصابة 20 مواطنا حتى الآن بفيروس "كورونا" المستجد في مدينة بيت لحم، وجميعهم أصيبوا نتيجة اختلاطهم بوفد سياحي يوناني.
ويؤكد نمر أن مروجي الإشاعات سيتم التعامل معهم وفق القانون، الذي ينص بدوره على معاقبة أي شخص يهدد الناس بأي وسيلة كانت، وهذا ما سيتم العمل عليه في هذه الظروف، خاصة وأن التصدي لمنع تفشي هذا الفيروس لا يقتصر على الوسائل الوقائية الطبية، وإنما بمحاربة ومحاسبة مروجي الإشاعات.
ويؤكد بأن أي شخص يثبت أنه يروج لإشاعة فإنه سيتم تحويل ملفه إلى المستشار القانوني، الذي بدوره سيرفع مذكرة إلى النائب العام لاتخاذ المقتضى القانوني بحقه، مشيراً إلى أن أساس إعلان حالة الطوارئ في أي بلد هو الحفاظ على السلم الأهلي، ومنع إثارة حالات الهلع والذعر بين الناس.
وبين نمر أن جهات الاختصاص وضعت عدداً من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي والتي نشر بعضها شائعات خلال الأيام الماضية، تحت المتابعة، إلا أن جزءا منها أبدى حذراً في التعامل مع أخبار "كورونا" بعد إعلان وزارة الداخلية بأهمية توخي الحذر في نشر المعلومات، مستدركا أنها ستبقى تحت المتابعة، وسيتم التعامل مع أصحابها وفق القانون.
وحسب نمر فإن الشائعة في ظل الحالات الاستثنائية والطوارئ تدخل في سياق الحرب النفسية على الجمهور، وتفقده الثقة، وتساهم في شل حركة البلد، وهي ليست مجرد مزحة أو نكتة يتناقلها الناس بينهم.
ويتواجد 51% من الجمهور الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي، ويعتمد كثيرون عليها في معرفة الأخبار بحسب الاحصائيات التي صدرت مطلع العام 2020، وفق المحاضر في الإعلام الاجتماعي د. محمد أبو الرب.
وهذه الأرقام تعتبر نعمة ونقمة، حسب أبو الرب، فهي نعمة اذا تم استثمارها في مخاطبة الناس وتوعيتهم، لكنها تصبح نقمة في ظل الشائعات التي تنشرها بعض الصفحات التي تسعى للحصول على مزيد من التفاعل والتأييد على مواقع التواصل الاجتماعي.
واعتبر أن عدم توقف الشائعات على هذه الصفحات سيعني الوصول إلى حالة من عدم الاطمئنان عند المواطنين، وهنا يأتي دور الجهات المختصة للوقوف أمام الصفحات والأشخاص الذين يثبت بثهم معلومات مغلوطة، وفي حال لم تتدخل تلك الجهات لمكافحة الشائعات فسيصبح من الصعب التحكم بها.
ويرى أبو الرب أن تشكيل خلية أزمة إعلامية من صحفيين وخبراء وأطباء ومختصين، سيؤدي بالنتيجة إلى مراقبة وتوجيه وسائل التواصل الاجتماعي بالشكل الذي يخدم هذه الظروف الاستثنائية، كما يجب توجيه المحتوى بشكل لا يخيف الناس، وأن يتم التعامل مع الحالة بسياقها الطبيعي بعيداً عن الهلع والذعر، وهذا لا يعني بأن نصل إلى حالة من عدم المبالاة.
ويشير إلى أنه من واجب الخلية الإعلامية متابعة الصفحات المشبوهة، وأن تسبق هذه بنشر النصائح والإرشادات للتعامل مع هذه الظروف، وأحياناً فإن عدم نشر توضيح بخصوص معلومة ما نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فإن انتشارها سيتوسع وتصبح إشاعة متداولة بين الجمهور.
ويؤكد أبو الرب أن التعامل مع هذه المسألة باستخفاف ومهزلة وسخرية يحول الناس إلى لا مبالين، لافتاً إلى أنه من الأجدر أن تؤخذ المعلومة من مصدرها الرسمي، وفي حالة عدم تداول أي معلومة عبر المنصات الرسمية يجب إهمالها وعدم التعاطي معها.
وبالعموم فإن القواعد المهنية لمهنة الصحافة تؤكد أن على وسائل الإعلام المختلفة وصفحات التواصل الاجتماعي أن تتحقق من معلوماتها من خلال المصادر الرسمية والموثوقة، وأن لا تكون مصدراً لبث معلومات مغلوطة. وعلى الصفحات الإخبارية والنشطاء على المنصات الاجتماعية الإدراك أن أوقات الطوارئ ليس أوقاتا مناسبة لرفع عدد المتابعات والتفاعل.
m.a