هل من وسطية بين إيران والمحيط العربي؟
نشر بتاريخ: 2020-03-09 الساعة: 09:50بكر أبوبكر وقفت الثورة الفلسطينية مع الثورة الإيرانية وهذا مشهور، فأول من زارها والخميني لم يسترح من وعثاء السفربعد كان ياسر عرفات، ثم توترت العلاقات في ظل الاحتراب مع العراق ل8 سنوات وحاولت فلسطين أن تظل على ذات المسافة بالوسطية والواسطة بين الطرفين، ولما كان هذا مستحيلا في النهاية فلقد وقفت الثورة الفلسطينية وحركة فتح الى جانب الأمة العربية لا سيما في ظل دعوات تصدير الثورة (الايرانية) المحمولة للأسف على المذهب.
دارت دورة الزمن ودُمّرت العراق عسكريا واقتصاديا وسياسيا بل ومجتمعيا كما نرى، وتضعضعت أوضاع غالب دول العرب شرقا وغربا، وعاث الأمريكان والاسرائيليون فينا فسادًا، وتمدد الإيرانيون (المقصود السلطة) في 4 عواصم عربية كما قالوا! فحققوا تصدير الثورة (الشيعية: حيث أن المذهب منصوص عليه بالدستور بلا أي جدال، وليس الاسلام عامة).
نحن في الثورة الفلسطينية ليس لنا أي مشكلة مع الأديان عامة أو المذاهب طُرّا، ولكن الاستغلال للأديان أو المذاهب للانقضاض والانحراف، وفي ذات السياق الاستغلال لقضية فلسطين هو ما لا نقبله، وهو ما حصل في كثير من تيارات "السلفية القتالية"، ومن تيارات "الشيعة القتالية" في العراق.
علاقات الثورة وحركة فتح اليوم الباردة مع النظام الايراني تأتي ليس للتدخلات الإيرانية في الجسد الفلسطيني فقط كما كانت تفعل الدول العربية قبلها، وليس لأن الحركة قد حسمت أمرها مع المحيط العربي فقط، ولكن لأن (الثورة الايرانية) التي من المفترض أنها ضد أمريكا (الشيطان الأكبر) وضد الاحتلال الصهيوني -ولو نظريا- كما يقول دعاة الدولة الايرانية في فقه ولاية الفقيه قد انحرفت بوصلتها لتصب جام غضبها نحو قلب الأمة.
أحاطت (الثورة الايرانية) بنا من الشرق والغرب حيث التدخلات الايرانية المؤسفة -ولا أقول "الاحتلال" الايراني كما يحاول البعض تصوير ذلك ليكونوا هم والاحتلال الصهيوني بذات العداء ما هو غير صحيح-التي مزقت أشتات الأمة شر ممزق، وأعادت الصراع المذهبي العثماني-الصفوي القديم للواجهة!
القول أن التمدد الإيراني هو من أجل فلسطين كلام عارٍ عن الصحة بالحقيقة، فهو يأتي كما يعلم الجميع لمصلحة الهيمنة والاستغلال والتوسع الامبراطوري المتمذهب، وكما الحال مع الفعل التمددي التركي.
التناحر على جسد الأمة بسكاكين أبنائها هو بحق يعدّ انتصارا عظيما ل"بن غوريون" وأكثر، و"أكثر" أقول لأن "بن غوريون" الصهيوني رأي أن ابتلاع فلسطين لن يتم الا بتفتيت جيوش الأمة العربية، و"الأكثر" هو الدخول الإيراني والتركي على حلبة التفتيت والهدر لمقومات نهضة الامة بسخاء غير معهود.
بلا شك أن صلابة "الجمهورية الاسلامية في إيران" وقوتها في مصلحة قضية فلسطين، وكذلك الأمر مع المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصرالعربية وتركيا...الخ، ولكن والحال أسود كئيب كما نرى! فكيف لا نرى "بن غوريون وشارون ونتنياهو" يتفاخرون أن لهم علاقات مع كل الدول العربية إلا ثلاثة، وبالطبع مع إيران (عبر يهودها على الأقل) وتركيا!
المسافة المتساوية ما بين الأمة العربية والاعتداءات الايرانية على الأراضي العربية لا يمكن أن يكون وسطية او اعتدالا، بقدر ما يكون إخلالاً بالمعادلة التاريخية التي حافظت على العلاقة المتوترة، ولكن المستقرة بين الجارين اللدودين!
إن الصراع العربي الفارسي أو العربي التركي أو التدخلات الايرانية في قلب الامة العربية تحت أي حجة بلا شك هو تدخل غير محمود، وهو بلا شك مما يقوي دولة الاحتلال التي أصبحت دولة صديقة! فالكل يخطب ودها! سواء من ذاك الذي يدعو (نظريا) لتدميرها أو ذاك الذي يلتقيها من تحت الطاولة أو من فوقها.
anw