التعليم في زمن "كورونا"
نشر بتاريخ: 2020-03-07 الساعة: 11:18نابلس - مراسل وفا – كان ينظر في السابق للتعليم عبر الانترنت بأنه تطور يتماشى مع التقدم التكنولوجي والتحولات الرقمية المتسارعة حول العالم، لكن اليوم مع ما يشهده العالم من تفشي فيروس كورونا "كوفيد 19"، فقد بات التعليم الرقمي ضرورة ملحة للحفاظ على استمرارية التعليم، وفق ما يرى مختصون ومراقبون.
ووفق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، فإن نحو 300 مليون طالب على مستوى العالم قد يبقون في منازلهم لأسابيع بسبب إغلاق السلطات للمدارس في أكثر من 30 دولة حول العالم، في محاولة لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجد.
وانتشر الفيروس من الصين إلى نحو 92 دولة، وأصاب أكثر من 100 ألف شخص وأودى بحياة أكثر من 3400 شخص.
وفي فلسطين التي أعلنت وزارة الصحة فيها رسميا عن إصابة 16 شخصا بالفيروس في محافظة بيت لحم، أعلنت حالة الطوارئ، والتي تضمنت إغلاق المؤسسات التعليمية لمدة شهر، وذلك في إطار الجهود المبذولة لعدم تفشي المرض.
ودفع المرسوم الرئاسي، نشطاء ومهتمون لطرح مبادرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تهدف للتشجيع على التعليم عبر الإنترنت للحفاظ على المسيرة التعليمية، كما دفع جامعات ومدارس خاصة للإعلان رسميا عن خططها في هذا المجال.
جامعة النجاح الوطنية كانت إحدى تلك الجامعات التي سارعت إلى إعلان إغلاق الجامعة لمدة 30 يوما، والعمل على وضع خطة للتعليم الإلكتروني بناء على توصيات لجنة الأزمات في الجامعة.
ومن بين النماذج للمدارس الخاصة، كانت مدرسة فلسطين الأميركية ومقرها رام الله، قد أعلنت للأهالي والطلبة التدابير الاحترازية لضمان استمرار العملية التعليمية في حال تطبيق الحجر الصحي على مدينتي رام الله والبيرة، مؤكدة "أن هذه التدابير تشكل حلقة لبقاء التواصل مع الطلاب مع علمنا بأنها لن تكون كافية، إلا أن الهدف منها عدم انقطاع الطلاب التام عن موادهم الدراسية".
ووفق خطة المدرسة، فإنها ستستمر بإعدد الخطط الأسبوعية الشاملة لما يجب على الطالب دراسته في البيت، كما سترسل المدرسة أوراق عمل تدريبية للطلاب مع روابط مساعدة تساعدهم بالبقاء على تواصل مع موادهم التعليمية، وذلك للصفوف من الأول إلى السادس.
ووفق وزارة التربية والتعليم، فإن عدد الطلبة في المدارس الفلسطينية يبلغ حوالي مليون وثلاثمئة وعشرة آلاف طالب/ة، منهم قرابة 854.390 طالبا/ة في المدارس الحكومية، و150 ألفا في المدارس الخاصة والبقية في مدارس وكالة الغوث.
وتشير إلى أن عدد المدارس للعام الدراسي 2019/2020 في كافة أرجاء الوطن بلغ 3079 مدرسة؛ منها 2267 حكومية بواقع 1852 في الضفة، و415 مدرسة في غزة، مبينة أن عدد المدارس الخاصة 436 مدرسة، وعدد مدارس الوكالة 376 مدرسة، و5 مدارس خارج الوطن، فيما بلغ عدد رياض الأطفال 1795 روضة، وعدد شعب رياض الأطفال الحكومية 341 شعبة منها 100 جديدة هذا العام.
ويرى مختصون ونشطاء أعلنوا عن تطوعهم لتقديم التعليم الالكتروني عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، أن التعليم الالكتروني هو السبيل الأنجح لإنقاذ الموسم الدراسي، خاصة إذا تفشى المرض بشكل أوسع، وجرى تمديد إغلاق المؤسسات التعليمية لأشهر إضافية.
من بين هؤلاء، المدونة التقنية وخريجة علم الحاسوب من جامعة بيرزيت مريم شاهين، التي طرحت مبادرة "التعليم في زمن الكورونا"، تطالب فيها الجهات المختصة وأصحاب القرار، بالعمل على توفير حلول رقمية لمسألة التعليم، كالحصص والمحاضرات الافتراضية عبر الانترنت.
وقالت شاهين لمراسل "وفا": "سأبدأ بنفسي لأعلن أنني أستطيع التطوع طوال هذه الفترة لتعليم المدرسين والمدرسات على استخدام هذه التقنيات، وتوفير أية معلومات تحتاجها المدارس والجامعات للتعامل مع الحصص الافتراضية عبر الانترنت، وكيفية نشرها للطلاب وحجز وتنظيم أوقات الحصص والمحاضرات دون أي تداخل او اعتراض".
ودعت طلبة الجامعات والخريجين وكافة المواطنين القادرين على التطوع في المجال للانضمام للمبادرة حتى تحقيق ما هو أفضل للمجتمع، مؤكدة أن مبادرتها تهدف لإيجاد أكبر عدد ممكن من المتطوعين القادرين على مساعدة المعلمين على استخدام التكنولوجيا لإعطاء المحاضرات والحصص عبر الانترنت.
وأضافت ان المبادرة تهدف كذلك لمساعدة الطلبة الذين لا يتوفر لديهم انترنت أو حواسيب في المنزل، من خلال تقديم متطوعين لدروس خصوصي في كافة المواد وتقديم أوراق العمل المطلوبة، مشددة على أهمية رقمنة المنهاج التعليمي الفلسطيني وتنظيم المحاضرات عبر الانترنت.
وأشارت شاهين إلى أنه منذ إطلاق المبادرة يوم أمس تواصل معها العشرات من كافة التخصصات والأعمار لتطبيق المبادرة والتطوع على أرض الواقع، بينهم محاضرون جامعيون ومعلمون ومعلمات.
وتابعت: فور حصولنا على موافقة من الوزارة وتعميم التزام المدارس بهذه الحصص الافتراضية سنجهز خطة عمل للبدء بالمبادرة بالتعاون مع شركة "طلابكو" أو باستخدام منصات عالمية أخرى، إضافة لعمل مجموعات للمتطوعين بكافة المحافظات والمدارس والجامعات.
المهندس أحمد ادكيدك المدير التنفيذي لشركة "طلابكو"، الناشئة منذ قرابة عامين، والتي تعمل في مجال التعليم الالكتروني، سارع منذ اللحظة الأولى لإغلاق المؤسسات التعليمية في محافظة بيت لحم ثم بقية الوطن، لطرح مبادرة "صفوف طلابكو الافتراضية" على وزارة التربية والتعليم، بهدف تبينها وتطبيقها على المدارس الحكومية.
وأوضح ادكيدك لـ"وفا"، أن الشركة كانت تعمل على التعليم اونلاين منذ عامين قبل اكتشاف المرض، إلا أن إغلاق المؤسسات التعليمية دفع الشركة لطرح مبادرتها ضمن مسؤوليتها الاجتماعية، موضحا أن الشركة تعمل "على تطوير نظام يستوعب الأعداد الكبيرة من طلبة المدارس في الضفة الغربية التي ستشارك في التعليم عن بعد، وأنه سيبدأ تطبيق الفكرة في مدرسة أو أكثر في بيت لحم، ثم ستتوسع لتشمل مدارس المحافظة ثم الانتقال للمحافظات الأخرى".
وحول آلية العمل، قال ادكيدك "بكل بساطة، يبدأ المدرس من خلال متصفح على اللابتوب الخاص به عبر الولوج لرابط معين على منصة طلابكو وبعث الرابط للطبة ثم يولج جميعهم لهذا الرابط، ومن خلال الموقع يستطيع المدرس رفع كتاب وفيدوهات للشرح ويستطيع الطلبة تقديم مداخلاتهم من خلال ميكروفون وكاميرا، وتوفر تجربة مريحة للطلبة والمدرس".
وأضاف ان المبادرة سهلت التطبيق، وفي حال واجهت مشاكل تقنية يمكن التوجه للشركات الاتصالات العاملة في الوطن للمساعدة في زيادة سرعات الانترنت اللازمة.
وكتب المدرس ثامر سباعنة الذي يعمل بإحدى المدارس الحكومية في بلدة قباطية جنوب جنين، منشورا على صفحته على موقع "فيسبوك": "نظرا لقرار إغلاق المدارس وحرصا مني على استمرارية العملية التعليمية: سأقوم بشكل دوري بنشر فيديوهات لي وأوراق لشرح الدروس، على صفحتي وصفحة المدرسة، ستكون هناك أوراق عمل لكم إضافة الى طلب كتابه تقارير مرتبطة بمنهاج العلوم، ومستعد لتلقي اي اسئلة او استفسارات للاجابة عنها سواء عبر التلفون او النت، واتمنى منكم عدم الانشغال بالالعاب الالكترونية، واعداد برنامج مناسب لاستغلال فترة الطوارئ بشكل مفيد".
m.a