الاحتلال يهدم وعائلة مغامس تفتخر

رام الله-وفا-على أطراف بيرزيت- بدايات برهام، شمال رام الله، وفي تمام منتصف الليل، ريح خفيفة وأجواء باردة نسبيا، وبضعة شبان يسهرون أمام بيت الأسير يزن مغامس، على ضوء خفيف منبعث من كشاف ضوئي وإنارة من هاتف خلوي، يحيطون بنار صغيرة تدفئهم، وسط تطاير نوار اللوز في المحيط، وتساقطه على الأرض.

بعد ذلك بنصف ساعة، أي في تمام الـ12:30 من فجر اليوم الخميس، اقتحمت أكثر من 25 آلية عسكرية احتلالية، ترافقها جرافتان عسكريتان، واحدة لتمهيد الطريق وإزالة السواتر، والأخرى، لهدم بيت مغامس، الشبان أشعلوا الإطارات ونصبوا المتاريس، لإعاقة تقدم الآليات، ولو قليلا، وكي لا يكون الحدث "عابرا".

الجرافات داست شجرة لوز وثلاث داليات عنب، وحوض صبار، بعد أن هدمت السلك الشائك المحيط بالبيت، بينما تكفل الجنود بتفريق الشبان بإطلاق الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت.

والدة يزن مغامس، سناء أبو عواد، قالت لـ"وفا": "الجرافة الضخمة كانت وحشا ينهش جسد البيت".

وتابعت: "لا يهمنا هدم البيت، ما يهمنا أننا قلنا "لا" وسنظل نقولها. غدا يتحرر يزن، ويبني بيتا أجمل".

كان يزن، يحب أكل البازيلاء الخضراء المزروعة في بيتهم، ويطعمها لأصدقائه، وكان "بريا" يتجول في الأرض، خاصة بعد المطر الغزير، يتفقد الشلالات الصغيرة، وكان محبا للقراءة خاصة في الأشهر الأخيرة، وعززها بداخل سجنه تقول سناء.

وأضافت: اعتقل يزن ثلاث مرات، الأولى عام 2012 وقضى عاما داخل الأسر، ثم أعيد اعتقاله في 2015 وقضى عاما ونصف العام، واليوم يقبع للمرة الثالثة في سجون الاحتلال.

"لدي ولد وبنت فقط، هما يزن وشقيقته، كانا يصطفان قرب شجرة اللوز ليقيسا طولهما". تقول سناء وهي تسرد ذكريات البيت المهدوم.

وقال والد يزن: "فقدنا جزءا منا، كان ارتباطنا كبيرا بهذا البيت، لكننا نظل مشدودين للعودة لبيتنا الأصلي في الحديثة التابعة لمدينة الرملة، والتي هجرنا منها عام 1948، البيت الذي هدم كان "مؤقتا" ووجودنا هنا بكامله مؤقت، سنرجع يوما إلى بلدتنا وأرضنا".

وتابع أبو يزن وهو يتفقد الدالية الكبيرة أمام البيت، والتي دمرتها الجرافات: احتلال يعاني من هزيمة عميقة، وإلا ما حاجته لتدمير حجارة. دمر البيت لكنه لم يدمرنا.

بالأمس، كانت طرق ترابية ضيقة، وأخرى مبلطة بحجارة ملساء، تقسم حديقة البيت العتيق، بينما تتوزع أشجار اللوز والزيتون والتين والإجاص والليمون، ودوالي العنب، وأحواض الزعتر، وأصناف شتى من الورود، في جميع نواحي البيت وجوانبه، وفي الزوايا الضيقة للحديقة نبت الفول والبازيلاء.

يشار إلى أن يزن مغامس (21 عاما) طالب في جامعة بيرزيت، اعتقل بتاريخ 11-9-2019، وصدر قرار بهدم منزل عائلته بتاريخ 20-2-2020، بتهمة مشاركته في تنفيذ عملية "عين بوبين" غرب رام الله في 23 آب 2019.