الممتلئون فخرًا لا يفشلون
نشر بتاريخ: 2020-03-04 الساعة: 10:04بكر أبوبكر الأصل في التعامل مع روايات الآخرين في تاريخنا القريب الذي عشنا معظمه هو الثقة بالنفس والفخر بالذات وبالانجازات، والامتلاء بالهواء النقي، وهو ما يعبر عنه بحقيقة الانتماء والالتزام والتجذر الوطني.
وحينها تصبح قراءة الآراء أو وجهات النظر أو الروايات الأخرى المنتقِصة لنا ليست ذات مضرّة بقدر ما هي مادة -وإن كانت مسمومة أو كاذبة-يتم درسها والاستفادة منها وإعادة إلقائها شِواظًا في وجه الآخرين من الفاشلين.
يقع الضرر من وجهات نظر الآخرين الفاشلين في تاريخنا الذي مازلنا نعيشه من حالة التشكك أو التيه التي يعيشها البعض الضعيف الذي يتلقى الرواية، أو من محاولة التبرير للإنسحاب (انسحابه) أو الإنكفاء أو السخط وهي الحالة التي يكون عليها من لا يتنفس الهواء النقي، أو لم يكن يومًا منتميًا بحق أو ملتزما بوطنه أوحركته فيُحرّكه الشعور الدائم بالصِّغار (أنه أقل من الآخرين)، وشعور الانتقام الخفي من ذاته (روايته، حركته، رأيه، تاريخه...).
صدرت هذه الأيام السوداء ٣ كتب من ثلاثة فاشلين -لا يعرفون العرفان ولا النقد- تحاول تصغير وتحقير وتقليل شأن الانطلاقة للثورة وحركة فتح ومسارها وتجربتها الريادية والتقليل من رجالاتها العظام (تم الرد عليها من أسُود الحقيقة).
حفلت الكتب الفاشلة المذكورة بكمّ هائل من الأكاذيب والمغالطات كما حملت أنصاف الحقائق، هذا الى جانب حملها مشاعر سلبية ذاتية عكست نفسها على رؤية الاحداث، ووجهات نظر تعبر عن قائلها فقط،وتجربته الشخصية الفاشلة في إطار الثورة، ولا تعد تأريخا وإنما تنفيس عن حالة الغضب الذي التقط المرحلة السوداء الحالية ليرش الملح في الجرح، ولربما هو تعبيرعن الفشل الذاتي بمنطق التشفي ورغبة الانتقام لما طال الذات من النسيان والتهميش في مرحلة ما.
نحن مازلنا نعيش اللحظة والتاريخ القريب، ونحن جميعا عليه شهود فهل نشكّك بأنفسنا؟ واعيباه. ومع كثير النقد الذي مارسناه وما زلنا نمارسه، وكشف العيوب والمآزق إلا أننا ممتلئون بالفخر بثورة الأمة، وعن صيرورة الثورة لم نحيد؟
إن مثل هذه الآراء (الكتابات/الكتب) للقاريء المنتمي الصلب الواعي ذو المنهج العلمي ذخيرة يجعلها ترتد على نحر قائلها لأنه يمتلك القدرة على الفرز بين الحقائق والأكاذيب وبين الرأي والمعلومة، وبين الخبر والحقيقة، وهو ما لا يتمكن منه المشككون السوداويون الساخطون على أمهاتهم لأنها حملتهم، وعلى آبائهم لأنهم كانوا السبب في قلة حظهم!
من لا يمتلك من أدوات الفهم والإدراك والتفسير والمنهج العلمي شيء فلا يستطيع تمييز الغثّ الكثير من السمين القليل في مثل هذه الآراء الفاشلة. فكيف حين يتحالف عدم القدرة على التفسير وقِلة الفهم مع الضعف الذاتي والسخط والنفسية المريضة؟
لقد كان قادة فتح العظام لنا نورًا وفتحوا لنا في سماء الكون كوّة لولاها لبادت القضية ونُسي الشعب العربي الفلسطيني، ولولاها لكانت فكرة النضال والصلابة والثبات والرباط والجهاد والثورة بكافة أشكالها قد تحولت لاستسلام ونكوص.
ولما كانت فلسطين اليوم تُثبت نفسها -رغم عميق الجرح والألم- في كل العالم فإنك تراها في البرق والغيوم وفي تراب الأرض وحليب الأمهات وفي عين الشمس كما تراها على مائدة المؤمنين والكفار معًا.
القادة الأوائل عرفوا كيف يحولون ظُلمة الظلم الى بياض وبهاء الحق رغم قلة مرتادي سبيل الحق هذه الأيام.
نفخر ونثق ونمتلئ، وعن حب فلسطين وتقبيل تراب أرجل أمهاتنا ورجالها لانحيد، فكونوا على هذا الطريق فهو طويل وصعب ويحتاج لدم ودموع وصلوات، وكثير رصاص وحجارة وثورة أخرى قادمة وصرخات وهذا ليس كثيرًا الا على الفاسقين.
anw