الفلسطيني والانفعالات.. الفقدان، الغضب، الخوف
نشر بتاريخ: 2020-02-24 الساعة: 10:09باسم برهوم قد يكون التساؤل عن انفعالات الإنسان الفلسطيني غريبا بعض الشيء، فالبشر جميعهم لهم ردات فعل متشابهة، فهم يفرحون ويحزنون ويغضبون ويتألمون، بمعنى أن الجميع ينفعل بمقدار الحدث أو المنبه الذي يسبب الانفعال. ومع ذلك فإن السؤال مبرر ومشروع لأن واقع الفلسطيني واقع مختلف، وأكثر من ذلك أن هذا الواقع لم يعد شيئا عابرا وإنما نمط حياة منذ أكثر من قرن.
من دون شك أن الفلسطيني يمر بكل تجربة الانفعالات ولكن أي المشاعر والانفعالات التي يواجهها أكثر من غيرها مقارنة بالشعوب الأخرى الأكثر استقرارا وتعيش حياة عادية وتواجه مشاكل اجتماعية تقليدية. وبهدف تقريب الفكرة هل حجم غضب الفلسطيني حجم الغضب نفسه عند البريطاني أو السويدي أو أي جنسية أخرى، وهل حجم الألم لدى الفلسطيني هو ذاته عند غيره ، والمقصود تكرار الغضب والألم والإحباط والقلق.
يكفي أن نشير هنا إلى فكرة الفقدان، لتصبح الفكرة أكثر وضوحا، فالشعب الفلسطيني يعيش حالة فقدان عامة ومستمرة، فهل هناك أكثر قسوة من فقدان الوطن والمواطنة المتساوية، فالفقدان ليس حالة فردية، وبالرغم أن فقدان الأب أو الأخ أو الأم أو الابن الشهيد قد يبدو حالة فردية ولكنه لكثرة تكراره في المجتمع يتحول إلى حالة يتألم لها الجميع، والأمر ذاته بالنسبة للأسير. أما الغضب فقد تحول إلى حالة مصاحبة للفلسطيني. فكل ممارسات الاحتلال هي منبه كبير لهذا الغضب، الاستيلاء على الأرض، الاستيطان، التهويد، الحواجز العسكرية وسياسة العقاب الجماعي والاقتحامات والاعتقالات، فهناك حالة غضب متواصلة، فنحن شعب أما مشرد ولاجئ، أو تحت الاحتلال أو أنه يعاني من التمييز العنصري وغياب والمساواة.
والفلسطيني في العموم يعيش حالة قلق وعدم استقرار، فهو راكم ذكريات مؤلمة قبل النكبة وبعدها، عندما تحول الأمل بأن يكون له وطن مستقل ليجد أن بلاده قد أعطيت لشعب آخر ويجري تشريده أو أن يكون تحت الاحتلال.
والملفت، وهذه إيجابية قد تكون نادرة. أن الشعب الفلسطيني وبالرغم مما تعرض ويتعرض له من ظلم وألم وترقب متواصل، لم يتحول إلى شعب مصاب بعمى الحقد والتطرف، خصوصا أن العدو أعمى بالعنصرية وناف للآخر، عدو يعمل كل شيء للاستيلاء على أرض ومقدرات الشعب الفلسطيني. كما أن هذا الشعب وعندما يتاح له الفرح يفرح ويعبر عن فرحه مثله مثل كل البشر يرقص يغني ويملأ بيئته بالفرح.
وما يميز الفلسطيني هو قدرته على تحمل الضغوط، وقدرته على التمييز الدقيق بين من هو العدو ومن هو الصديق، بالرغم من مرارة التجربة مع الأشقاء والأصدقاء، فهو حافظ على توازنه ورباطة جأشه، وهي عوامل ساعدته على الصمود والاستمرار في نضاله الوطني وطول النفس وهي عوامل مهمة تمنح الأمل.