لا وقت ولا مجال للتردد !!
نشر بتاريخ: 2020-02-11 الساعة: 09:43موفق مطر تراهن منظومة الاحتلال الاسرائيلي على عدم قدرة جماهير شعبنا على التعايش مع وضع معيشي منخفض ماديا واقتصاديا ، خاصة وأن سلطات الاحتلال قد حرصت وعملت وفق خطط على ربط نمونا الاقتصادي ورفاهيتنا بها الى حد يصبح مجرد تفكير الفلسطيني المواطن والمسئول على حد سواء بالتحرر منها أمرا مستحيلاً ، حتى ذهب في اعتقاد المحتل الذي خطط ورسخ هذا المنهج أن الفلسطينيين قد استبدلوا الحرية برغيف خبز على طبق الرفاهية .
ستشدد حكومة منظومة الاحتلال حصارها الاقتصادي علينا ، بالتوازي مع توسيع دائرة حملاتها الاستعمارية الاستيطانية للسيطرة على ما تبقى من ارضنا التاريخية والطبيعية ، لكننا بالمقابل نمتلك سلاح الصبر والصمود والتضحية برفاهية العيش وإعادة رسم منهجنا في الاستهلاك على المستويين الفردي والجمعي ، وتقنين احتياجاتنا الأساسية والتقشف وترشيد الاستهلاك وضبطه فعليا الى الحد الأدنى الكافل والضامن لديمومة مقومات الصمود ، وقد تشكل اجراءات الحكومة لتجسيد هذه الرؤية مثالا حيا للجماهير تتبعه بكل قناعة ومسئولية .
الآن وفي هذه اللحظات المصيرية وجب علينا تحويل هذا الاعتقاد لدى منظومة الاحتلال الى وهم وسراب ، ودفعهم الى اعادة حساباتهم معنا ، و نسف افكارهم المخزنة في أذهانهم عنا ، حى يقتنعوا بأن لا جدوى من الحلول الاقتصادية كبديل عن الحلول السياسية التي وافقنا عليها كسبيل لاسترجاع حقوقنا .
قررت حكومتنا التحرر من قيود مافيا لحوم العجول الاسرائيلية ، ومنتجات المستوطنات ، وحظرت منتجات اسرائيلية محددة فقابلتها سلطات الاحتلال بقرارات منع استيراد الخضار والفواكه من فلاحنا الفلسطيني ، وزادت عليها بجريمة منع تصديرها ، ما يعني ان عملية اخضاعنا عبر افقار فلاحنا ، وكسر ظهر اقتصادنا الوطني قد دخلت المرحلة قبل النهائية من خطة الاحتلال ، التي يتجلى هدفها النهائي في اسقاطنا بمستنقع اليأس والإحباط ، ثم يزيد ضغوطه علينا لإجبارنا على ترك أرضنا وهجرها ، فيستولي عليها .
لا مجال للتردد ، فنحن أمام مفترقين ، الأول يؤدي للحرية والاستقلال ، لكنه صعب ، ويستلزم الحكمة والتخطيط والتنظيم والانضباط ، وتقمص شخصية القائد ، والعطاء بلا حدود ، والاستعداد للتضحية المحسوبة بمعيار الأهداف ، ما تحقق منها والمطلوب لتحقيق التالي منها ، أما السبيل الآخر فهو ارتضاء رفاهية وبحبوحة عيش في ظل الاحتلال الاستعماري العنصري وتفضيلهما على الكرامة الانسانية المتأصلة فينا ، ونزوع انسانيتنا نحو الحرية والكرامة والاستقلال والسيادة .
الطريق الأول بلا نهاية حيث نهيئ محطات المستقبل لأجيالنا ونسلمهم آفاقا مفتوحة بلا حدود لإثبات جدارتهم في حقهم بوطن آمن ، يعيشون فيه بسلام ، يعملون على رفع مؤشرات نموه وتقدمه وتجسيم ديمقراطية حضارية يحتذى بها .
الطريق الآخر سهل ، مزين ، يبدو كأنه في ذروة الأمان ، تتوفر فيه ما تحتاجه النفس من رغبات وشهوات ومكاسب معنوية ومادية ، وكذلك سلطات ذكورية لو شاء المرء واجتماعية وسياسية مدجنة ايضا !! اقصر طريق عرفته مقاييس الانسانية ، وأسرع مما نتصور في عالم حسابات السرعة ، تتبخر تلقائيا شخصية الفرد والمجتمع والشعب ، فيبقى مجرد كائن حي بلا هوية ، يعتبر متخلفا جدا بالقياس مع عالم الحيوان ، ذلك أن كل المخلوقات في عالم الحيوان ابتداء من المفترسة التي تعيش في نمط عائلات ، وتلك الماشية التي تعيش في نظام قطيع ، والطيور المقيمة والمهاجرة التي تعيش في نظام اسراب ، أو تلك التي تسبح في البحار والأنهار فرادى وجماعات أو بالملايين ، فإنها لا تحيا إلا في اوطان خاصة معلومة حدودها وبيئتها وثرواتها ، فحتى لو هاجرت فان مرجعها الى وطنها حتمي ، حيث لا حياة ولا ديمومة إلا في أوطانها الموروثة مذ خلقت على الأرض .
سنكون عند حسن ظن خالقنا بنا ، سنكون نعم الوريث لهذه الجنة ( فلسطين ) ولن نرتكب معصية او خطيئة تخرجنا منها ، فنحن بدونها بلا اسم ولا معنى ولا هوية ، وهي لا مقدسات فيها بدوننا .
anw