الرئيسة/  مقالات وتحليلات

أدوات هجوم نتنياهو- كوشنير المعاكس على الرئيس

نشر بتاريخ: 2020-02-06 الساعة: 10:17

باسم برهوم من دون شك أن الموقف الصلب للرئيس محمود عباس والقيادة، وتحركهم السريع لعزل صفقة القرن، قد أزعج كثيرا واضعي هذه الصفقة، وهو أمر واضح عليهم. هؤلاء- والمقصود نتنياهو ترامب كوشنير والسفير فريدمان- كانوا يعتقدون أنهم حاصروا الموقف الفلسطيني وعزلوه عربيا وبدرجة أقل دوليا، لأن الموقف العربي هو الأساس.
الموقف الفلسطيني، سواء مواقف القيادة أو الفصائل والشعب، جاء قويا صلبا واضحا، وهنا لا بد من كلمة للتاريخ. بأن الرئيس أبو مازن بإدراكه العميق لخطورة الصفقة وموقفه الصلب منها جاءت كل المواقف العربية والدولية التي تراوحت بين الرفض القاطع، كالموقف العربي العام، والمنتقد للصفقة من زاوية أنها لا تنسجم مع قرارات الأمم المتحدة ومرجعيات عملية السلام، ومن زاوية أخرى أنها لن تقود لحل الدولتين بالمعنى المتعارف عليه دوليا.
أصحاب الصفقة وجدوا أنفسهم في مأزق لأن الطرف المعني مباشرة رفضها، والعالم العربي، الذي كانت تعول عليه أن يقبل ويضغط ويمول، لذلك من المؤكد أن يشن هؤلاء هجوما معاكسا مركزا على الرئيس والقيادة الفلسطينية الذين أفشلوا لهم مسعاهم.
السؤال: ما هي الفكرة الرئيسية لهذا الهجوم؟ كيف؟
بالنسبة لهم الرئيس نجح في خلق التفاف شعبي فلسطيني من حوله وحول موقفه، وحقق إجماعا عربيا وإسلاميا يرفض الصفقة، إذا الفكرة، فكرة الهجوم لابد أن تنطلق من إحداث شرخ، وأن هذا الالتفاف والإجماع الذي تحقق داخليا ستعيد اسرائيل وإدارة ترامب تكثيف العمل ودفع الأدوات التقليدية وغير التقليدية والقيام بحملة تشكيك متعددة المستويات بهدف عزل القيادة الفلسطينية داخليا وعربيا ودوليا.
كيف؟
النفخ مجددا بوصم السلطة الوطنية بالفساد والفشل، وهنا علينا ألا ننسى أن الماكنة الصهيونية روجت في الماضي مباشرة وعبر أدوات عدة هذه الصورة النمطية عن السلطة الوطنية وذلك تمهيدا لعزلها عن شعبها وفرض التنازلات عليها. وإذا نظرنا إلى نتيجة ذلك نراها قد استخدمت هذه الصورة النمطية في صفقة القرن عندما وصفت الوضع الفلسطيني بوجود حكم إرهابي في غزة، وسلطة فاشلة وفاسدة في الضفة. كما ستحاول اقناع الفلسطينيين والعرب أن هذه السلطة شاخت وهي مفصولة عن الواقع، وبالتالي هي تفوت الفرص.
بالنسبة لمسألة الفشل والفساد، وأنا هنا لا أدافع ولا اغمض عيني عن بعض مظاهر الفساد، ولكن أليس نتنياهو نفسه فاسدا والطبقة السياسية في اسرائيل في معظمها فاسدة؟؟! ثم نسأل أنفسنا: هل لسلطة فاسدة فعلا قدرة على أخذ موقف وطني، موقف بهذا الحجم وهذه القوة، وفيه هذا التحدي لأكثر دولة في العالم؟؟ بالطبع سنرى في المرحلة القادمة كل الاشاعات والفبركات المطعمة بشيء من الحقائق والمعلومات المعروفة أصلا لكي تأخذ مصداقيه كاذبة.
المشكلة لدينا ليست في ماكنة العدو فهو عدو ولكن المشكلة فيمن سيركبون الموجة من داخلنا ومن العرب ولكل سببه وأهدافه، وأن يتجند بعضهم لإضعاف السلطة وموقفها بهدف إرضاء نتنياهو وترامب وكوشنير لتمرير الصفقة. إنني استغرب هنا لبعض العرب الذين يهبون لنجدة نتنياهو في الانتخابات، فهو يواجه ملفات الفساد، ولا يفلح حتى مع صفقة القرن بتحسين وضعه، ليهب بعض العرب لنجدته؟!
والمشكلة الأخرى هي في الحقيقة حماس، التي تتصرف بعشرة وجوه. فهي تعتقد أنها المستفيدة دائما من إضعاف السلطة، وإضعاف أبو مازن وفتح، لذلك هم يتبنون أي إشاعة، وأي فبركة، وأي تصريح اسرائيلي يهاجم السلطة الوطنية، فهي، أي: حماس، وعندما يتعلق الأمر بالرئيس وفتح، تتحول كأنها بوق إسرائيلي، إلى جانب بوقها الإخواني الأصفر المتواصل. الغريب في الأمر أن حماس أعلنت رفضها للصفقة، وهذا ممتاز بحد ذاته، ولكن السؤال لماذا كل إعلام حماس مكرس للتشكيك ونشر الاشاعات على الرئيس، ونادراً ما يتناولون الصفقة واسرائيل وترامب؟؟
والمشكلة الأخرى هي في بعض منظمات المجتمع المدني، التي ستحرف البوصلة الوطنية عن الصفقة للتركيز على مسائل داخلية ليس وقتها الآن.
من دون شك أننا بحاحة دائما للنقد بهدف الاصلاح والحكم الرشيد، وهذا فعل متواصل لا يجب أن يتوقف، ولكن علينا أن نميز بألا نقع في شرك المخطط الاسرائلي أميركي ونصبح إحدى أدواته، وأن نختار التوقيتات المناسبة وليس في لحظة التصدي الوطني لصفقة القرن.
الجميع يعلم كم الواقع صعب وخطير، والجميع يعلم أن نتنياهو وترامب سيعملان المستحيل لتمرير الصفقة وإرضاخ الشعب الفلسطيني، لذلك وجب التحذير من هجومهم المعاكس.

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024