الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الخروج من تحت الرماد

نشر بتاريخ: 2020-02-04 الساعة: 10:01

يحيى رباح كل وعينا الفلسطيني ،وكل تراكمات تجربتنا الفلسطينية التي راكمناها بألم كبير وعذاب يفوق الوصف ، يجب أن تتجسد الآن في عنوان واحد وهو رفض كل إغراءات التلاوم فيما بيننا ، والخروج من تحت أكوام الرماد تماما مثل أصلنا الفلسطيني ومثل تراثنا الفلسطيني الذي تغذينا عليه من أول لحظة في مأساتنا الفلسطينية التي أحدثها فينا أعداؤنا وظنوا وقتها أننا سنتحول إلى مجرد بقايا شعب سيئ حظ فقط ، وأننا مجرد بقايا حكايات حزينة ليس إلا، لأن الأعداء الذين صنعوا مأساتنا بأقصى درجات التعمد والإصرار ،هم أعداء كبار وأقوياء .
في يوم السبت الماضي ، حيث ألقى رئيسنا ورأس شرعيتنا أبو مازن خطابه النوعي والتاريخي وأعلن فيه رفضنا الفلسطيني الشامل والمطلق لخطة السلام الأميركية التي كان قد أعلنها ذلك الشخص المحقون بالغباء والكراهية دونالد ترامب ، الخطة القذرة بمعنى الكلمة والمحقونة بالعداء والكراهية ،فأصبح رفضنا الفلسطيني رفضا عربيا كاملا بل أصبح رفضنا واقعة عالمية شاملة ،فإننا دخلنا في طور أعلى من أطوار نضالنا ،وتعمدت قضيتنا الفلسطينية المقدسة بوعي عميق بأنها قضية عالمية ،قضية حق ليس يتيما،بل حق وراءه مطالب واع وعنيد هو شعبنا الفلسطيني ،وبأن هذه القضية من خلال ما تكشف عنه كل مرة من أعماق وأبعاد وتداعيات هي قضية لاتموت ولايمكن الخطو من فوقها وتجاهلها ،موعودة دائما بالقيامة ، موعودة دائما بأبهى لحظات الانطلاق.
ولعل اللا الفلسطينية التي أعلنها قائد الشعب الفلسطيني قد أصبحت لاعربية ولا إسلامية ولا عالمية ،لأن هذا الرجل المضطرب عقليا والمضطرب أخلاقيا وهو دونالد ترامب ، لم يجد من شعبه من يردعه ويعيده إلى جادة الصواب ،ولعل وقفتنا الشامخة ضد خطة ترامب الزائفة والمخادعة تكون قوة جديدة في إسقاطه فهو لايليق به سوى السقوط لأنه لا يعرف إلا الشر والعدوان ،وقد وجد في الشعب الأميركي ونخبه السياسية صدى عميقا للشذوذ واحتقار للتاريخ ،ولكننا لن نفقد الأمل فما زال الصراع في أوجه ومازال صراعنا مع أعدائنا هو الأولوية الأولى ،ومازال شعبنا هو سادن النضال المستمر.
أكثر من ربع قرن مر على اتفاق أوسلو ،ذهبنا للمشاركة فيه في أعتى الظروف ،واستطعنا أن نشكل فيه علامة بارزة ، وقد كشفت إسرائيل عن نفسها وعن حقيقتها ،حين قامت ضمن ترتيبات سوداء باغتيال إسحق رابين الذي وقع معنا الاتفاق ، لأنها قرأت في خفايا هذه الدولة الأميركية مايوحي بأنها أكثر مباركة للعدوان الإسرائيلي من الإسرائيليين أنفسهم ،وقد جاء ترامب أخيرا بما لا يشبهه سوى الجنون الأسود ،بأنه يستصغر الشعب الفلسطيني ولايواجهه إلا بالكراهية ،وقدرنا الكبير اليوم هو الرد على هذه الكراهية الأميركية بإعلاء معنى فلسطين ،بانها هي الحق والسلام والامل وليست هلوسات ترامب المريض عقليا واخلاقيا ،حيث تصور له هلوساته بانه هو الذي يأمر والآخرون يطيعون ، فتقول له المفاجأة التي أذهلته لا ... ولن تكون يا ترامب سوى الوهم الأسود والوعد الملعون.
في تجربتنا العربية الجديدة التي أعلناها من الجامعة العربية برفض خطة ترامب ، ننفتح على العالم بمنظور أوسع ،هناك دول كثيرة وشعوب كثيرة قالت لترامب لا في مواضيع أخرى ، نحن لسنا وحدنا ، نحمي ثوابتنا ،حقوقنا المقدسة ، تقول لنا في عز المعركة ، انهضوا من تحت الرماد ،وحلقوا من جديد.

anw
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024