الرئيسة/  مقالات وتحليلات

لا تنخدعوا .. لا تصدقوه .. وهذا بياننا لكم

نشر بتاريخ: 2020-02-02 الساعة: 09:43

موفق مطر لا تنخدعوا ..لا تصدقوا وعود وأقوال وتعهدات رئيس الادارة الأميركية الحالي دونالد ترامب ..فهو من سلالة المنظومة الاستعمارية التي صنعت وعد بلفور الذي ابتدأوا به المشروع الاستعماري للسيطرة على فلسطين كقاعدة انطلاق للتوسع في الوطن العربي.
خطاب الرئيس أمس امام مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية موجه لقادة الدول العربية رؤساء وملوكا وامراء ، وقادة احزاب وقوى سياسية ، وموجه لكل من يرتبط بعلاقة ما مع إدارة ترامب أيا كانت جنسيته وقضاياه.
خطاب الرئيس درس للتاريخ ، وخلاصة تجربة واقعية، حيث وضع الرئيس كل تفاصيلها تحت عدسة مكبرة في مجهر العقل العربي الرسمي والشعبي على حد سواء، درس مسنود على معلومات وبينات وحقائق و وقائع.
يراهن الرئيس محمود عباس على حياته إن قدم واحد في هذا العالم ما يثبت خلاف ماطرحه على الهواء مباشرة على اسماع جماهير الامة العربية وقواها الحية قبل الجماهير الفلسطينية وقواها الوطنية .. فالرئيس قدم ما يكفي لفتح بوابات سجن محكمة كان الهدف ان تبقى فيها بصيرة الانسان العربي حبيسته الى الأبد، ما يؤكد أن قائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية معني بتحرر الذهن العربي والذاكرة العربية، وبصيرة الانسان العربي سواء كان في موقعه الجماهيري أو المسؤول العربي في موقع القرار والأمانة على مصالح الناس.
يشهد كل رؤساء وملوك وقادة العالم على مصداقية الرئيس وكلامه ومواقفه، فالحقيقة عنده ليس لها إلا وجه واحد في السر والعلن، لذا فإن كلامه كان اكثر من خطاب، فهو بيان ليس للمسؤولين العرب على طاولة وزراء خارجية لحكومات عربية وحسب، بل بيان للأشقاء العرب في المواقع الرسمية أولا باعتبارهم اصحاب القرارات العليا والمصيرية، وللأشقاء في القواعد الجماهيرية المنظمة والمؤطرة وغيرها، وبذات الوقت بيان تاريخي للأحرار في العالم بأن قرار دولة الاحتلال (اسرائيل الناقصة) ليس بيد منظومتها الحاكمة وإنما بيد الدولة الاستعمارية التي صنعتها وأنشأتها في فلسطين قلب هذه المنطقة الحضارية من العالم وفي قلب منطقة المصالح والثروات الاساسية في الشرق الاوسط.
خطاب الرئيس وثيقة تاريخية لم يسمع الاشقاء العرب الرسميون والمواطنون العاديون قبله خطابا غنيا بالمعلومات التي يبنى عليها، أو بهذا الوضوح والمصداقية الخالية من الانفعالات والشعارات والكلمات الانشائية، حتى أننا نقولها بأمانة إن المعلومات التي وردت فيه كانت مفاجئة لكثير من محترفي العمل السياسي المحلي والعربي والدولي أو لمن يعتقدون في انفسهم القدرة على معرفة خفايا ما يحدث بين طرفي الصراع الفلسطيني والإسرائيلي والذي صار واجبا تسميته الصراع الفلسطيني الاميركي بعد كل ما بينه الرئيس ابو مازن حول دور الولايات المتحدة الرئيس في الصراع منذ وعد بلفور وحتى مؤتمره الصحفي الاخير قبل ايام ..فالرئيس أبو مازن رغم معرفة العالم له كرائد للواقعية السياسية والدبلوماسية إلا أنه قدم برهانا بالأمس على أن الواقعية السياسية الفلسطينية ما كانت منفصلة أبدا عن عقلية مناضل قائد لحركة تحرر وطنية فلسطينية تمتد جذورها في الزمان الى مدى مئة عام ونيف، وامتدت في المكان حتى تجاوزت فلسطين وبلغت قارات الأرض كافة.
قدم الرئيس ما يقنع كل باحث عن الحقيقة ان اسرائيل ليست اكثر من مستخدم منفذ للخطط الاستعمارية، لا تملك الحد الادنى مما يسمى في العلوم السياسية القرار المستقل ..ليس لأن اسرائيل ضعيفة، وإنما لأنها منشأة استعمارية يجب ان تكون قوية قادرة على حماية ذاتها لكنها اولا وأخيرا يجب ان تبقى خاضعة لأوامر وتوجهات الرأس الاستعماري العنصري اصلا، الذي كما كشف الرئيس انه كان ومازال في واشنطن .. ولعلنا نستخلص في هذا السياق ان عملية قتل رئيس الحكومة الاسرائيلية الأسبق اسحاق رابين قد تمت بعد علم الرأس الاستعماري الأميركي بتوصل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي الى اتفاق ينتهي بقيام دولة فلسطينية مستقلة كنتيجة لمفاوضات سرية دامت بينهما لمدة ثمانية اشهر دون علم الرأس الاستعماري الاميركي .. ما يعني بالنسبة لنا أن رابين قد دفع حياته ثمنا لخروجه ولو لمدة قصيرة عن قرار الرأس الاستعماري، وهذا ما يجب ان ينظر اليه الاسرائيليون بجدية إن ارادوا سلاما حقيقيا .. وان عليهم أن يفهموا أن المستخدم رقم واحد في اسرائيل بنيامين نتنياهو صاحب اشد المواقف عدائية للسلام لا يفعل ذلك ارتكازا على مبدأ تأمين مصالح اسرائيل كما يدعي، وانما انقيادا وتبعية لمصالح الولايات المتحدة الأميركية الاستعمارية وادارة ترامب تحديدا ..وإلا كيف يكون السلام خلال عهد حكومة اسحاق رابين وشمعون بيريس مصلحة لإسرائيل ويصبح في عهد نتنياهو المتكرر ثلاث مرات عكس ذلك؟! وبذلك يمكنهم فهم حرص ترامب على تقديم كل القرارات والخطط الاستعمارية المتعلقة بالقدس وشرعنة احتلالها والاستيطان فيها وفي الأراضي المحتلة منذ العام ٦٧ في هذا الوقت كرشوة لجمهور الاحزاب اليمينية المتطرفة على مشارف الانتخابات وفي هذا الاطار نحن على يقين ان نتنياهو سيجد نفسه خارج اللعبة السياسية في اسرائيل وداخل زنزانة في سجن كفاسد، إن فشل في تكوين جبهة خدامين وعملاء لمشروع ترامب الاستعماري، جبهة متطرفين معادين للسلام تكون موالية بلا نقاش لمصالح الولايات المتحدة خاصة في ظل تطورات ومتغيرات تكاد تكون مصيرية في المنطقة.
خطاب الرئيس ابو مازن بيان حق فلسطيني مؤيد بنصوص الشرائع السماوية، وبقوانين ومواثيق وقرارات الشرعية الدولية التي هي نتاج العقل الجمعي للإنسانية، وأنه على الاحرار في امة الانسان تحرير ضميرها الفردي والجمعي من رواية المستعمرين القدامى والجدد ، فالقدس عربية فلسطينية وهي مدينة الله، وليس حرا ولا إنسانا من يرتضي ان تكون مدينة الله مستباحة من اتباع الخرافة والعدوان.

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024