حمقى في البيت الأبيض
نشر بتاريخ: 2020-02-02 الساعة: 09:41عمر حلمي الغول قبل وأثناء وبعد نشر صفقة العار الأميركية ردد قادة الإدارة والملف الفلسطيني الإسرائيلي بدءا من الرئيس دونالد ترامب، ووزير الخارجية، بومبيو، مرورا بكوشنير وصولا لغرينبلات وخليفته مواقف توحي للمتلقي، بأن الفلسطينيين "لم يقرأوا" الصفقة المشؤومة، أو كأنهم أطلقوا مواقف الرفض لها قبل أن يعرفوا ما تحمله، ولم ينتبهوا لـ"إيجابياتها" و"مميزاتها غير المسبوقة"، ولم يعرفوا "قيمتها" كـ"هدية" نزلت عليهم من السماء، وبلغ بشخص صهر الرئيس الأميركي، جارد كوشنير، أن اتهم الفلسطينيين قيادة وشعبا، بأنهم "حمقى"، "يجهلون" مصالحهم، وذهب وزير الخارجية إلى الادعاء، أن الصفقة "مجرد" اقتراح، ومن حق الفلسطينيين أن يدلوا بدلوهم بشأنها، ولكن لا يجوز رفضها.
مجموع ما طرحه المسؤولون الأميركيون حول الموقف الفلسطيني من الصفقة مجرد هراء، وتضليل، والتفاف على حقائق الصفقة الجريمة، وقفز عن الحقائق الراسخة قبل الإعلان الرسمي عنها بسنتين، وما تضمنته في نصوصها وخرائطها، وبسرعة فائقة أعود لأذكر حمقى البيت الأبيض الأميركي بصفقتهم، التي على ما يبدو أنهم لا يعرفون تفاصيلها، لأن من صاغها هو ائتلاف نتنياهو: أولا الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل؛ ثانيا نقل السفارة من تل ابيب للقدس؛ ثالثا تجفيف المساعدات الأميركية لـ "لأونروا"؛ رابعا إسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين؛ خامسا وقف كل المساعدات لموازنة السلطة؛ سادسا ضم 40% من الأغوار لدولة الاستعمار الإسرائيلية؛ سابعا السيادة على الجو والبر والبحر والمعابر لإسرائيل على كل فلسطين؛ ثامنا يحق لإسرائيل التدخل في أراضي ما أسموه مجازا الدولة الفلسطينية؛ تاسعا "تعويض اللاجئين" اليهود؛ عاشرا عدم وجود حدود للدولة المسماة فلسطين، ولا يوجد لها تماس مع أي دولة جارة؛ حادي عشر عدم انسجام أي بند من بنود الصفقة مع مرجعيات عملية السلام، أو قرارات الشرعية الدولية، ولا مع التزامات الإدارات الأميركية السابقة على إدارة ترامب ... إلخ من الهرطقات والجرائم، التي تعكس استهتارا واستباحة للحقوق الفلسطينية.
ونسأل كوشنير: ماذا بقي حتى يعرفه الفلسطينيون؟ ولماذا لا يعلنون موقفهم دفاعا عن حقوقهم؟ وإذا لم يعلنوا موقفهم الآن، متى يمكنهم فعل ذلك، بعد ذهاب مالطا؟ وعلى ماذا يمكن أن يعولوا؟ هل يراهنون عليكم: أنت، أم رئيسك، أم على فريدمان، أم على "نزاهة" نتنياهو؟
فعلا تنطبق مقولة "إن لم تستحِ فافعل ما شئت"، وهذا منطق وسلوك أركان إدارة الرئيس ترامب المسكونة بالحروب الدينية والأساطير والخرافات اللاهوتية البائدة، وتلاقت ميولهم وعنصريتهم مع عنصرية وفاشية ائتلاف اليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل بقيادة نتنياهو، والتي ترفض السلام من حيث المبدأ، ولا تقبل القسمة إلا على الحرب والإرهاب والعنف والفوضى لتتغول على الشعب الفلسطيني، وتنفذ نكبتها الجديدة عبر عملية تطهير عرقي أوسع وأشمل مما حصل عام النكبة الأولى 1948.
بالرغم مما تقدم، سنعيد على قادة أميركا الترامبية الموقف الفلسطيني الثابت: أولا: التمسك بخيار السلام وحل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 1967؛ ثانيا: القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية؛ ثالثا: حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194؛ رابعا: المساواة الكاملة لأبناء الشعب الفلسطيني في مناطق 1948؛ خامسا الالتزام بخيار المفاوضات السياسية، دون التخلي عن أشكال النضال السياسي والدبلوماسي والشعبي والاقتصادي والثقافي وصولا للسلام الممكن والمقبول والمنسجم مع قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام.
إذا من الأحمق...؟ المتمسك بخيار السلام الممكن والمقبول، والمنسجم مع الشرعية الدولية، ام صناع الحروب والفوضى المشعوذين في البيت الأبيض؟.
[email protected]