صحف لبنانية تجمع على رفض "صفقة القرن" وتصفها "بجريمة العصر"
نشر بتاريخ: 2020-01-29 الساعة: 11:21بيروت-وفا- أجمعت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء، على إدانة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن بنود "صفقة القرن" ووصفتها "بجريمة العصر".
وعنونت صحيفة "الشرق" على صفحتها الأولى: "جريمة العصر" وفي تعليقها على ما ورد على لسان ترمب كتبت في افتتاحيتها: "مهرّجاً كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وقد وقف إلى جانبه المجرم بنيامين نتنياهو على منبر البيت الأبيض وهو يعرض "صفقة القرن" التي أراد منها تصفية قضية فلسطين تحت ادعاء كاذب بإقامة السلام في المنطقة… وطبيعي أن يصفقوا له، وأن يصفق لنفسه وأن يشارك نتنياهو في التصفيق".
وأضافت "المشهد الذي سيبقى علامة على الظلم والقهر والتعسّف والاستبداد وقوة الغلبة ضد أصحاب الحقوق… وهو المشهد الذي سيظل وصمة عار مرتسمة في الأفق الأميركي والعالمي عموماً، مع يقيننا بأنّ الشعب الفلسطيني لن يستكين، ولن يقبل، ولن يرضخ مهما تألبت قوى الشر عليه وعلى قضيته المحقة. لا الرئيس الأميركي ترمب ولا أبوه ولا جدّه ولا جحافله كلها يستطيعون أن يفرضوا على الشعب الفلسطيني أن يتخلى عن وطنه، طالما أنّ هناك أما فلسطينية واحدة تنجب أطفالاً في فلسطين".
من جهتها قالت صحيفة "نداء الوطن" في افتتاحيتها "نزعت واشنطن أمس قفازات "الوسيط" في عملية السلام ونفضت يدها من "حل الدولتين" لتضعها بيد تل أبيب، كطرف منحاز إلى الشروط الإسرائيلية من دون أي مواربة أو التباس على طاولة المفاوضات، وما على الفلسطينيين إلا الرضوخ لهذه الشروط ضمن إطار "صفقة" وضعها ترمب، في إطار ما وصفه بـ"الخطوة الكبيرة نحو السلام وإنهاء المغامرات الإقليمية، ومواجهة الإرهاب والتطرف الإسلامي في شرق أوسط يتغيّر بسرعة".
وأضافت الصحيفة "أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي لم يكفّ عن التصفيق طيلة المؤتمر الصحفي في واشنطن محتفيا بإبرام "الصفقة"، فقد تعامل مع الحدث بوصفه إنجازا "توراتيا" يشرعن السيطرة الإسرائيلية على الأرض، ليؤكد في هذا السياق العزم على استثمار هذه "الصفقة" في معاركه الداخلية، عبر رفعه لواء تكريس ضم الضفة الغربية، والاستحواذ على غور الأردن، تمهيدا للمضي قدما في تطبيق الخطة "بصرف النظر عن الموقف الفلسطيني".
وختمت: تتجه الأنظار خلال الساعات المقبلة إلى سيل الردود المتوقعة إزاء "صفقة القرن" لا سيما لناحية مقاربة خطر التوطين المتأتي عنها، في وقت توقعت مصادر مطلعة لـ"نداء الوطن" أن ينضم هذا الخطر إلى قائمة المخاطر التي ستواجه حكومة حسان دياب، وهو ما قد يفرض تعديلاً في فهرس بيانها الوزاري لتأكيد التمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم".
الى ذلك عنونت جريدة النهار صفحتها الأولى "صفقة القرن... رقص على أنقاض فلسطين" وجاء فيها "بعد طول انتظار وأمام جمهور مؤيد لإسرائيل وفي أجواء احتفالية طوال ساعة، أعلن الرئيس الاميركي دونالد ترمب وإلى جانبه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، تفاصيل "صفقة القرن".
وأوضح أنها تشمل قيام دولة فلسطينية مكبلة بالشروط، بعد مرحلة انتقالية تستمر أربع سنوات، وأن إسرائيل وافقت على تجميد الاستيطان خلال هذه المرحلة، وأكد أن القدس ستبقى العاصمة الموحدة للدولة العبرية".
من جهتها، كتبت صحيفة الأنباء الالكترونية "خطف الإعلان الأميركي عن "صفقة القرن" الأضواء من كل المشاكل والأزمات التي يختنق بها العالم، كما لبنان؛ وانشغلت مراكز القرار الإقليمية بالتعليق على الخطة الأميركية، فيما خفتَ في الداخل اللبناني حديث الأزمة المستعصية، وعلا صوت موحّد يدين الصفقة بوصفها محاولة يائسة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتخفيف من هول الاتهامات التي تواجههما، الأول لتجنب محاولة عزله عشية وصول ولايته الرئاسية الى نهايتها وتصميمه على إعادة انتخابه لولاية ثانية، والثاني لتجنّب تهم الفساد التي تلاحقه منذ سنوات وبدأت بسحب البساط من تحته مع اقتراب موعد الانتخابات لديه المرة الثالثة في أقل من سنة".
أما صحيفة الديار فقالت في افتتاحيتها "أعلن الرئيس الأميركي ترمب الغبي الذي لا يعرف شيئاً عن "صفقة القرن"، التي وضعها غيره من اللوبي اليهودي الى صهره كوشنير الى نتنياهو الى مستشارين يهود".
وأضافت الصحيفة "جمع في الحفل الذي أعلن الخطاب فيه اليهود فقط، كي يصفقوا له كثيرا خاصة بعدما سقطت شعبيته وأحيل للمحاكمة لعزله أمام الكونغرس وكاد يطير في مجلس الشيوخ، ولكن بما أن اللوبي اليهودي يسيطر على الرأي العام في أميركا، أعلن "صفقة القرن" كي يستعيد جزءا من شعبيته ويجدد ولايته".
ورأت الصحيفة أن خطاب ترمب خروج على القانون الدولي، وقيام دولة واحدة هي الولايات المتحدة، وحتى ليس الولايات المتحدة بل الرئيس ترمب بإعلان "صفقة القرن" التي تغير الشرق الأوسط كله، وأعلن بصراحة أن إسرائيل ستكون الدولة العظمى في المنطقة، وقدم مقابل ذلك رشوة بـ50 مليار دولار للفلسطينيين ووعد بازدهارهم.
وأكدت ان ترمب خرج عن قرارات مجلس الأمن الدولي كلها، وخرج عن منظومة العالم المستقر، وصفقة القرن ستولع حربا جديدة في الشرق الأوسط، واذا كانت الولايات المتحدة مع إسرائيل دمرت العراق، وحاولت تدمير سوريا وهزمت المؤامرة عليها ولبنان الذي أصبح قويا... اعتقدوا أن صفقة القرن ستمر ولكنها لن تمر وستبقى مشاريع على أوراق".
واعتبرت الديار أن ترمب غبي مراوغ كذاب دون ضمير، سيسقط في نظر العالم وسيسجل التاريخ أنه صاحب أبشع ورقة سوداء على وجهه وفي اعماله، وهو رفض عودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه، وكرس إسرائيل كدولة عظمى ستسيطر على الدول العربية وأعطى شرعية لكل ما احتلته.
وختمت "سقطت الدبلوماسية الأميركية سقوطا مدويا بعد إعلانها عن "صفقة القرن" أو بالأحرى "خدعة القرن" بعد أن بانت أنها لا تهدف إلى سلام عادل ولا عدالة بل نفاق وتحايل وإذلال للشعب الفلسطيني.
وفي هذا المجال، أعلن الرئيس الأميركي صفقة القرن وسط رفض فلسطيني مطلق وغياب حكومة إسرائيلية فقارب الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي بطريقة منحازة لإسرائيل بشكل لا مثيل له وباستخفاف تجاه الطرف الفلسطيني، معتبرا أن السلام هو اقتصادي وليس سياسيا وعقائديا.
جريدة اللواء كتبت في افتتاحيتها "وعد بلفور البريطاني أشعل مئة عام من الحروب في المنطقة، وصفقة ترمب ستؤدي إلى مئة سنة جديدة من الحروب في الشرق الأوسط! التزام واشنطن بالمصالح ومتطلبات الأمن الإسرائيلي ليس جديداً، في استراتيجية السياسات الأميركية منذ اعتراف الرئيس الأميركي ترومان بالكيان الصهيوني عام 1948، ومروراً بكل الرؤساء اللاحقين، من جمهوريين وديموقراطيين، وصولاً إلى بوش الأب والابن، وخَليفتيهما باراك أوباما ودونالد ترمب، والتي قامت على التجاهل المتعمّد للقرارات الدولية، مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة، من دون التجرؤ على نقض هذه القرارات، ولا حتى الذهاب بعيداً عن مضمونها."
وفي سياق متصل أكدت مصادر دبلوماسية لصحيفة الجمهورية أن مصالح ترمب تلاقت ومصالح نتنياهو، خصوصا أنّ الأخير يواجه حصاراً داخلياً مماثلاً، بعد توجيه تهم الفساد إليه من جهة، وعجزه عن تشكيل ائتلاف حكومي يحميه من السجن، ما يجعل الانتخابات الثالثة للكنيست ملاذه الأخير لتكريس الحصانة القضائية، وهو ما يتطلب فوزاً كبيراً، لا يمكن تحقيقه إلاّ من خلال "إنجاز" على مستوى "صفقة القرن".
وأضافت المصادر "وبإعلان ترمب عن "صفقة القرن"، يستطيع نتنياهو أن يفاخر بأنه انتزع خطة أميركية تستبعد إقامة دولة فلسطينية، وتعطي الضوء الأخضر لضمّ الكتل الاستيطانية بما يتماشى مع الإجماع الإسرائيلي، إلى جانب ضم الأغوار، وفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، ونقل السفارة الأميركية إلى مقرّ دائم في القدس.
مع ذلك، لا ترجح القراءة الدبلوماسية أن تمرّ "الصفقة" بهدوء. فحتى داخل الولايات المتحدة ثمة من يرى أن لا مبرر لإعلان "صفقة القرن" الآن، وهو رأي الخبراء والسياسيين الأميركيين، حتى الأكثر انحيازا لإسرائيل.
khl