الرئيسة/  مقالات وتحليلات

لميعة بين درويش وعرفات

نشر بتاريخ: 2017-11-11 الساعة: 13:36

عماد الأصفر لميعة عباس عمارة شاعرة عراقية، كانت بنت اربعة عشر ربيعا عندما علق ايليا ابو ماضي على احدى قصائدها قائلا: "اذا كان في العراق مثل هؤلاء الاطفال فعلى اية نهضة شعرية يقبل العراق؟!!" أجادت في الشعر الحر والعمودي، وعدها النقاد ركنا من اركان الشعر كالبياتي والسياب ونازك الملائكة.
كانت من اجمل بنات عصرها حتى قيل ان السياب كتب مطلع قصيدته انشودة المطر بعد ان تمعن في عينيها اثناء لقاء في دار المعلمين العالية ببغداد حيث كانت تدرس:
عيناكِ غابتا نخيل ساعة السَحَرْ
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمرْ
عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ
وترقص الأضواء كالأقمارِ في نَهَرْ.
تعيش لميعة اليوم في كاليفورنيا طاوية عمرا قارب التسعين عاما من الاسفار وما تزال محتفظة بذلك الرونق الانثوي العراقي الذي اهلها لتكون موديلا ولوحة للفنان والنحات العراقي المبدع جواد سليم صاحب نصب الحرية القائم وسط بغداد.
أقامت ببيروت زمن الثورة، وحين كرمتها الحكومة اللبنانية بوسام الإرز تقديراً لمكانتها الأدبية لم تتسلم الوسام (لان الحرب الاهلية قائمة) وكتبت تقول:-

على أي صدر احط الوسام ولبنان جرح بقلبي ينام
روى عنها الكاتب الفلسطيني المبدع صقر ابو فخر قصتين طريفتين اولاهما مع محمود درويش والثانية مع ياسر عرفات.
في إحدى المرات كانت تجلس إلى جانب ياسر عرفات، وكان محمود درويش يجلس أمامها، فراحت تتطلع إلى قسماته بروية. وعندما لاحظ محمود درويش ذلك فاجأها بسؤال محرج قائلاً: لماذا تحدقين في وجهي؟ فرد عرفات على الفور: وهل تريدها أن تحدق في وجهي أنا؟ وكتمت لميعة ما حصل إلى أن جمعها إلى محمود درويش وبعض أصدقائه لقاء سريع في صالة أحد الفنادق. فما كان منها إلا أن دفعت إلى محمود أمام الجميع ورقة فيها شعر رقيق ورائق هذا نصّه:
أَزحْ يا حبيبي نظارتيكَ قليلاً
لأمعن فيك النظرْ
فما لون عينيك؟
هل للغروب تميلان
أم لاخضرار الشجرْ؟
أحبهما،
فوالله من أجل عينيك محمود
أصبحت أعشق قصر البصرْ.
قرأ محمود درويش الورقة، ثم انثنى عليها ليقول لها باستفزازيته المعهودة: لماذا تناديني "يا حبيبي" وأنت لا تقصدين ذلك؟ فردت عليه فوراً: هكذا أنادي جميع أولادي. وتضاحك الجميع، وردت لميعة على "لؤم" محمود بلؤم مساوٍ.
وفي هذا الميدان اشتهرت قصيدتها التي قالتها في ياسر عرفات شهرة فائقة في بيروت، وكان أبو عمار آخر مَن وصلته أصداء تلك القصيدة فطلب من يحيى يخلف أن يأتيه بنصها، وحين قرأها يحيى يخلف عليه طرب لها أشد الطرب، وكانت  النشوة تفور من عينيه مع كل جملة. وهذا بعضها:
صنوُ الملوكِ ويطلبون رضاهُ
يختال من زهدٍ على دنياهُ
لا بيت، سرجٌ داره، ومروره
حلم، وبغتةُ ضيغم مسراهُ
كل الشعوبِ توحدت في شعبه
وحدوده أنى تشير يداهُ
يدعونه الختيار، ذلك لحكمة
وأنا كما الطفل النقي أراهُ
لولا جلالة قدره ولكونه
رمز الفداء لخلتني أهواهُ.

far

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024