الرئيسة/  مقالات وتحليلات

غزة.. وعد الحرية

نشر بتاريخ: 2020-01-02 الساعة: 09:45

عمر حلمي الغولقطاع غزة المحشور في شريط ضيق لا تزيد مساحته على 362 كيلو مترا مربعا، يختزن بين جنباته ما يزيد على المليوني نسمة من الفلسطينيين الأحرار والنبلاء، حملة الهوية والشخصية الوطنية، ورافعي لوائها وعلمها.
أبناء غزة العزة والكرامة فاجأوا المغفلين والبسطاء والأميين من السياسيين، وجهلة التاريخ المعاصر بإحياء ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، انطلاقة حركتهم، حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" أمس الأربعاء، حيث توافدوا للشوارع والميادين الرئيسية في مدينة غزة كما الطوفان والشلال الهادر، لا بل تسونامي بشري تدفق بالمئات والآلاف حتى امتلأت عن بكرة ابيها، فاكتحلت العيون بمليونية حقيقية.
وجاء المارد الفلسطيني في غزة ليعلن الولاء لذاته ووطنيته ولمنظمة التحرير عموما وحركة فتح خصوصا وللقيادة الشرعية برئاسة الرئيس محمود عباس، ورفضا للانقلاب وخيار الإمارة الحمساوي، ولكل التكفيريين والتخوينيين من المرتزقة، وتأكيدا لإيمانهم بالوحدة الوطنية، ورفضهم لكل ألاعيب ومناورات حركة الانقلاب الأسود، ولكل عمليات التشويه والتزوير، التي تروجها اجهزة وميليشيات حركة حماس ضد الشرعية الوطنية ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية، ورفضا لكل عمليات الشرذمة داخل صفوف حركة فتح، ولتعلن عن تمسكها بالحرية والاستقلال وحق تقرير المصير والعودة.
وللعلم، من تدفق للشوارع كان من الكل الوطني، وليسوا من أبناء حركة فتح وحدها، وهتفوا لفتح، لأنهم ايضا هتفوا لأنفسهم ولثورتهم. كانوا من عامة الشعب، من البسطاء والمسحوقين والموظفين، والتجار والنقابيين، من النساء والأطفال، من الشباب والشيوخ والعجائز. نعم كان الطوفان استفتاء على الوطنية الفلسطينية، وعلى التأكيد بأن حركة فتح ما زالت تمثل القبطان، ورائدة الحركة الوطنية الفلسطينية، صاحبة ومشعلة الانطلاقة وشرارة الثورة الفلسطينية المعاصرة مطلع العام 1965.
وكان التسونامي الفلسطيني بمثابة تجديد الشرعية للقيادة الشرعية في محافظات الجنوب، وصفعة قوية على وجوه كل قادة وكوادر وأعضاء الانقلاب الحمساوي الأسود، التي رفضت السماح بإقامة المهرجان في إحدى الساحات، وحاولت حصر الفعالية بعد ستة أعوام من المنع في شارع الوحدة بين ملعب اليرموك ومؤسسة قطان، معتقدة انها بذلك ستحول دون مشاركة الجماهير الفلسطينية. لكن حساباتها خابت، وخرجت الجماهير بأعدادها الهائلة من كل المدن والقرى من رفح جنوبا حتى بيت حانون شمالا لكل الشوارع والميادين، فامتلأت ساحة السرايا وميدان الجندي المجهول والشوارع الرئيسية الثلاثة في مدينة غزة: شارع الوحدة، وشارع عمر المختار، وشارع الثلاثيني (جمال عبد الناصر) وبمئات الآلاف.
مليونية جماهيرية حقيقية، وليست مفبركة، ولا مزورة، لأن الوقائع والصور والشواهد كانت بائنة للعيان. هذه الجماهير الوفية والشجاعة والمعطاءة والأبية تستحق كل الثناء والتقدير، تستحق الدعم، والإنصاف في الحقوق والاستحقاقات الوظيفية المختلفة، تستحق الدعم والإسناد على كل الصعد، لأنها للمرة الألف تؤكد ان قطاع غزة هو بوصلة الوطنية الفلسطينية، ويرفض ان يكون مرتعا أو مقرا ومستقرا للإخوان المسلمين ومن والاهم.
وعندما صوت قطاع من الغزيين لممثلي حركة الإخوان المسلمين (حماس) في انتخابات 2006، لم يكن حبا فيهم، انما رفضا لبعض الممارسات والسلوكيات الخاطئة، ورفضا لحالة التشرذم، التي سادت في اوساط حركة فتح عندما ترشح العشرات منهم للانتخابات خارج القوائم المركزية للحركة، بالإضافة إلى ان فئات منهم جرى تضليلها وخداعها بالشعارات الغوغائية الكاذبة والفاسدة، التي سرعان ما اكتشفتها الجماهير، ونفضت يدها من حماس وشرورها.. إلخ.
غزة منارة فلسطين، كانت وستبقى. غزة لن تخلع ثوب الوطنية، ولن تتخلى عن حركة فتح ودورها الريادي في قيادة سفينة الوطنية حتى بلوغ الأهداف الوطنية كاملة دون نقصان. ولن تتلفع بعباءة الإخوان القتلة الانقلابيين، ولن تهادن، ولن تساوم، ولن تبيع هويتها الوطنية، ولن تسمح للإمارة الإخوانية بالبقاء، ولن تسمح لإفرازاتها في الشارع، ولا لتفاهماتها الأميركية والإسرائيلية والقطرية، ولا للمشفى المستعمرة الإسرائيلية الجديدة بالبقاء، وستبقى وفية لدماء الشهداء والجرحى واسرى الحرية، وسترفع الراية، وتشعل شعلة الثورة كل عام.
[email protected]

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024