الرئيسة/  مقالات وتحليلات

انطلاقة الثورة قلبت السحر على الساحر

نشر بتاريخ: 2019-12-29 الساعة: 09:43

باسم برهوم في عام 1948, اي بعد نكبة الشعب الفلسطيني واختفاء فلسطين عن الخارطة، اعتقد اصحاب المشروع الصهيوني والداعمون له والمتواطئون معه من حكام العرب في حينه انهم أجهزوا على الشعب الفلسطيني وان كل طرف منهم اخذ ما يريد من فلسطين او من ضمانات لاستمرار انظمته بالحكم، فقد شرد الفلسطينيون وطمست هويتهم وتوزعوا على الاحزاب في الدول العربية قومية كانت ام يسارية او اسلاموية ظنا منهم ان هذه الاحزاب ستعيدهم الى فلسطين.
كل شي بدى في حكم المنتهي والساحر، واقصد الصهيونية والاستعمار العالمي أصبح همهم تصفية قضية اللاجئين بهدف إخفاء اخر أثر للقضية الفلسطينية عبر مشاريع التوطين، التي طرحت بكثافة في خمسينيات القرن العشرين. وباستثناء إرهاصات فلسطينية مستقلة ومحدودة التأثير، فإن الاعتقاد الذي ساد انه قد تم استيعاب الشعب الفلسطيني وتم ادخاله في دوامة الانظمة العربية والاحزاب العربية وبالتالي الاندماج بالشعوب العربية.
مجموعات فلسطينية طلابية بالأساس، في مصر وسوريا، تعبر عن نبض فلسطيني مستقل. ولا يفوتنا تطور مهم مهد لتأسيس فتح ومن ثم الانطلاق بالثورة وهي المقاومة الفلسطينية التي واجهت الاحتلال الاسرائيلي لقطاع غزة اثناء حرب السويس، او العدوان الثلاثي عام 1956, فالمجموعات الفدائية الصغير أدركت انها وبالاعتماد على الذات تمكن مقاومة اسرائيل. المجموعات الطلابية في كل من مصر وسوريا هي نواة فتح وقيادات هذه المجموعات هي التي أسست فتح ومن أبرز هؤلاء القائد الرمز ياسر عرفات، والقادة صلاح خلف وخليل الوزير ومحمود عباس وسليم الزعنون وخالد الحسن وغيرهم.
تأسست حركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح " في الكويت في نهاية عام 1957 ومن اللحظة الأولى برزت كحركة وطنية فلسطينية مستقلة عن الانظمة والاحزاب العربية. ويمكن لاي متابع ان يكتشف ان اهمية فتح كانت وما زالت بانها تنظيم فلسطيني ومن رحم الشعب الفلسطيني لا امتداد له سوى بين شعبه. والمتابع ايضا يكتشف مرتكزات فتح التي اساسها الاستقلالية والاعتماد على النفس والوحدة الوطنية وان لا هدف لها سوى تحرير فلسطين. ولأنها كذلك عملت فتح بسرية تامة بعيدا عن اعين الانظمة العربية وأجهزة مخابراتها، التي لم تكن معنية بفتح جبهاتها مع إسرائيل، بل كانت تقف ضد اي محاولة من هذا القبيل. وبالاعتماد على النفس حضرت فتح للانطلاق بالكفاح المسلح الى ان انطلقت بالثورة في الاول من كانون الثاني/ يناير 1965.
لقد قلبت الانطلاقة السحر على الساحر، الذي اعتقد انه انتهى من فلسطين وشعبها، لتخلط الانطلاقة اوراق اللعبة من جديد وتعيد الشعب الفلسطيني الى دائرة الفعل ومن خلال ارادته الوطنية المستقلة. لقد شكلت الانطلاقة كتابة جديدة لتاريخ الشعب الفلسطيني والمنطقة العربية، وان كل المحاولات اللاحقة من الاستعمار والصهيونية وبعض العرب والمتواطئين وحتى اللحظة هي محاولات لضرب هذه التحولات التي جاءت بها الانطلاقة ومن اجل اعادة احتواء الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته الوطنية. ولعل اخر هذه المحاولات هي صفقة القرن والاطراف المنخرطة في تنفيذها.
لقد نهضت فتح عبر الثورة بالشعب الفلسطيني وحولته من شعب لاجئ الى شعب ثائر ومقاوم. لقد اعادت فتح فلسطين الى الخريطة، ومن جديد يصعب اليوم طمس هوية الشعب الفلسطيني، وان كل المحاولات في هذا الإطار، سواء من داخل الشعب الفلسطيني او خارجه قد فشلت. فلا بدائل اسرائيل نجحت ولا بدائل القوى الاقليمية وخاصة الاسلاموية بطمس الوطنية الفلسطينية نجحت.
صحيح ان الواقع الراهن هو في غاية الصعوبة، ولكن ما دامت فتح تمسك بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل، فإن الامل يبقى قائماً بإمكانية تغير هذا الواقع. وعلينا ان نرى النصف المملوء من الكأس، تماما كما نرى نصفه الفارغ، فأي نظرة موضوعية ستلاحظ ان موقف الرئيس محمود عباس الصلب وموقف قيادة فتح بانه هو وليس غيره من أفشل صفقة القرن، فما دام الشعب الفلسطيني يرفض الصفقة فإنها لن تمر، بالإضافة الى الانجازات الدبلوماسية على الساحة الدولية التي كانت اخرها مواقف وقرارات محكمة الجنايات الدولية، وإنجاز عزلة إسرائيل وواشنطن في الأمم المتحدة.
ان روح الانطلاقة ومبادئها وأهدافها وان فعلها لا يزال مستمرا، وبالرغم من كل المحاولات التآمرية، فان فتح لا تزال هي من يقود الشعب الفلسطيني وتمسك بقراره الوطني المستقل، وان منظمة التحرير لا تزال عصية على الاحتواء وإعادتها الى عهد الوصاية، وهذه العناصر هي الأساس للاستمرار بالنضال الوطني.

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024