الرئيسة/  تقارير

عائلة دون مقومات للحياة

نشر بتاريخ: 2019-12-23 الساعة: 16:45

طوباس - وفا- على سفح جبل مطل على سهل البقيعة جنوب شرق طوباس، تعيش عائلة سعيد أبو ظاهر في خيام لها، منذ الأول من الشهر الجاري، بعد قدومهم من مدينة الخليل.

وخلال المدة القصيرة التي كانت منذ أن وطأت أقدام عائلة أبو ظاهر المنطقة للعيش فيها، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المنطقة "خلة حبسة المصبات"، وهو اسم شعبي بين الفلسطينيين، مرتين، وأمرتهم "شفويا" بمغادرة المكان؛ بحجة تواجدهم في مناطق عسكرية مغلقة، ومناطق إطلاق نار.

لكن الشاب زيد  أبو ظاهر (20 عاما) والذي يدير أمور عائلته في غياب والده قال: "إن الأرض (11) دونما مملوكة "بالطابو"،

فككوا كل ما نملك واستولوا عليه(...) لم يسلمونا إخطارات ورقية، بعد اقتحامها للمرة الثالثة".

وشوهدت رافعة يرافقها عدد من المركبات العسكرية الإسرائيلية، وهي محملة بصفيح البركسات المفككة، وقد غادرت المنطقة، ظهر اليوم.

الإحصاءات الرسمية في محافظة طوباس تشير إلى أن الأضرار التي خلفها الاحتلال، اليوم الاثنين، كانت تفكيك خيمة سكن مساحتها 60 مترا مربعا، وبركس أغنام مساحته 300 متر مربع، والاستيلاء على خزان مياه سعته 1.5 كوب، للمواطن إبراهيم سعيد أبو ظهر.

وكانت الأضرار لوالدته زينب سليمان سالم أبو ظاهر، تفكيك خيمة سكن مساحتها  60 مترا مربعا، وهدم حظيرة أغنام مساحتها 120 مترا، والاستيلاء على خزان مياه سعة 1.5 كوب.

في أغلب المرات التي نفذ الاحتلال عمليات هدم، كانت العائلات الفلسطينية ترمم ما يمكن لها من أطلال الهدم، لكن عائلة أبو ظاهر وجدت نفسها اليوم دون مقومات، فالاحتلال فكك كل ما في المنطقة واستولى عليها.

وقالت والدة أبو ظاهر: "سنبدأ من الصفر(..)، ليس لنا ولا لمواشينا مأوى اليوم".

في المحيط القريب لا يمكن رؤية خياما للمواطنين، فهذه المنطقة  الجبلية لم تُسكن غير بداية الشهر الحالي، بعد قدوم هذه العائلة والعيش فيها.

الأرقام الواردة على الموقع الإلكتروني لمركز المعلومات الإسرائيلي "بتسيلم" أشار إلى أنه في الفترة ما بين 2006 حتى 2017 هدمت سلطات الاحتلال 698 وحدة سكنيّة على الأقلّ في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار، والمباني التي هُدمت كان يسكنها 2948 فلسطينيًّا بينهم على الأقلّ 1334 قاصرا.

ولفتت إلى أنه منذ بداية 2012 وحتى نهاية أيلول 2017 هدمت سلطات الاحتلال على الأقلّ 806 مبانٍ لغير أغراض السكن من ضمنها مبانٍ زراعيّة.

عندما وصلت قوات الاحتلال إلى المنطقة صباحا، باشرت في عملية تفكيك بركسات الماشية مباشرة، وفي ذلك الوقت كانت العائلة تخرج الأغراض المنزلية من خيامها السكنية.

وتابع زيد: "منحونا فقط ربع ساعة لإخراج كل الأغراض". تكرر الكلام ذاته والدته التي كان الصمت أكثر ما ميزها.

وقال: "لم يناقشوننا بشيء... مباشرة بعدما ترجل العمال من المركبات باشروا بتفكيك البركسات وترتيبها، ورفعها داخل المقصورة للرافعة".

وأضاف أبو ظاهر: "أبقونا هكذا، لا حيلة نملكها.. ما يلمنا فقط الطبيعة، وهو قصد بذلك أن الاحتلال استولى على كل شيء".

بالقرب، يسرح أحد أشقاء زيد، بأغنامهم على سفح الجبل المقابل لهم، لكن زيد ذاته بدأ يصف أن ما حدث لهم هو شيء لا يتقبله عقل إنسان. وقال وهو يشير نحو مكان تواجد البركسات: "انظر لا شيء يوحي إلى وجود حياة هنا... لقد أعادونا كأناس بدائيين في الحياة".

وقالت "بتسيلم": إن منع الاحتلال للبناء والتطوير الفلسطيني في منطقة الأغوار يمسّ على وجه الخصوص بنحو 10 آلاف فلسطينيّ يسكنون في أكثر من 50 تجمّعا سكّانيّا (مضارب) في مناطق "ج"، وتسعى إسرائيل بشتّى الطرق لترحيلهم عن منازلهم وأراضيهم، وتمنع اسرائيل هذه التجمّعات من أي إمكانيّة للبناء القانوني وفق احتياجاتها وترفض ربطها بشبكتَي الماء والكهرباء.

فعليا، كان فقط ما أمكن مشاهدته اليوم بعدما انتهى الاحتلال من تفكيك البركسات، هو الفرش المنزلية، وأدوات المطبخ، وخزان مياه لري الماشية. فالاحتلال استولى على خزانات المياه التي تشرب منها العائلة، "كأنهم يتعمدون أخذ كل مقومات الحياة الآدمية". قال زيد.

في اليومين القادمين، ينتظر سكان المنطقة قدوم منخفض جوي ماطر حسب توقعات الأرصاد الجوية. لكن خوف زينب من ذلك كان واضحا من خلال كلامها المتقطع، فالمرأة قالت لمراسل "وفا": "إن أول ما يجب فعله هو إيجاد حظيرة للماشية لتنام فيها،

هذه حياة صعبة دون أعمدة بقاء".

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024