الرئيسة/  مقالات وتحليلات

كن مستعدا.. كشافة فلسطين قادة المستقبل

نشر بتاريخ: 2019-12-03 الساعة: 10:13

موفق مطر قبل خمسين عاما روى لنا استاذنا محمد سعيد طروية ( ابو السعيد ) حينما كنا في المرحلة الاعدادية بعضا من انطباع مجتمع بلدته الفلسطينية قبل النكبة عند مشاهدتهم طلائع وفرق الكشافة اليهودية ، ملخص الرواية ان الفتيان كانوا يستهزئون من زي الكشافة القميص والشورت ومن العصي التي تعتبر معين الكشاف على المشي في التلال والوديان الوعرة ، وفي نهاية الرواية قال لنا ونحن الذين كنا ننشد ( عائدون.. عائدون ) صباح كل يوم دراسي في مدارس وكالة غوث اللاجئين :" كنا صغارا وكانت مفاهيمنا الاجتماعية حينها حول النظام والزي واللباس دافعنا للسخرية من مجموعاتهم الكشفية التي كانت تمر من أطراف القرية ، ولم نع ماكنا نفعله إلا عندما جاءت فرق الجنود الاسرائيليين بأسلحة قاتلة ودخلت القرية لتحتلها " .
تذكرت رواية استاذنا وأنا اصغي بمحبة خالصة الى كلمات قادة الكشافة العرب والأجانب على منبر المؤتمر الوطني الأول لجمعية الكشافة الفلسطينية في قاعة احمد الشقيري في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله ، الذي افتتح يوم الجمعة الماضي تحت شعار في غاية الأهمية " تحرير الأقصى والقيامة " وأقر أني تفاعلت عاطفيا مع كلماتهم حتى اغرورقت عيناي بالدموع ، خاصة واني قد شعرت بعظمة جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية في عيون قادة الحركة الكشفية العربية والدولية ، خاصة عندما فاضت مشاعرنا ونحن نستمع للمستشار الخاص لأمين عام المنظمة الكشفية العالمية، الرئيس التنفيذي للمؤسسة العالمية للتدريب والتنمية د.عاطف عبد المجيد شقيقنا العربي السوداني الرائع الذي اعرب عن سعادته لوجوده في فلسطين، وشهادته القيمة حول مساهمة الكشافة الفلسطينية الغنية بالكفاءات في تطوير الكشفية العربية، وضرب مثلا بالقائدة مي عبد الهادي مديرة التنمية المؤسسية للمنظمة الكشفية العربية ، واثلج عبد المجيد صدورنا عندما أدلى بشهادة مهمة للغاية اذ قال :" إن فتيات فلسطين هن المستفيد الاول من توجيهات اللواء الرجوب، حيث سيكون لهن النصيب الكبير من خيرات الكشافة والحركة الإرشادية " وهذه الشهادة بالنسبة لنا تعزز مبادئنا في تحقيق اعلى درجات المساواة والعدالة بين الجنسين في أهم قطاع اجتماعي وتربوي ورياضي لدى الشعب الفلسطيني .

كان لي شرف أن أكون احد أفراد الكشافة الفلسطينية ومن ثم قائدا لفرقة الشهيد أكرم فايز دياب في مخيم العائدين في مدينة حماة السورية ، وعضوا في دورة للشارة الخشبية بادارة عقدت في احراش بلدة بيصور في جبل لبنان عام 1974 عندما كان الحاج مطلق - رحمه الله – رئيسا للجمعية ، ومازلت محتفظا بصورة جماعية لهذا الحدث في تاريخ الجمعية ، وربما نكتب في مقام آخر عن هذه الدورة وحيثياتها الرائعة بالذات .
ابتداء بتعبير " ماشاء الله " الذي اعرب فيه رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد اشتية ودعوته للشباب لأن يكونوا حراسا للقرى لصد هجمات المستوطنين الارهابيين العنصريين ، وصولا الى كلمة اللواء جبريل الرجوب الذي اكد ان الحركة الكشفية الفلسطينية ستبقى مدرسة الوحدة الوطنية ، ولا مكان لغير المؤمن بانتمائه لفلسطين ، كانت كلمات رؤساء الوفود والمنظمات الكشفية العربية والدولية بمثابة رسالة حب واعتزاز وفخر بفلسطين وشعبها وبالحركة الكشفية الفلسطينية التي اشادوا بدورها على المستوى الاقليمي والدولي منذ تاسيس اول فرقة للكشافة الفلسطينية في العام 1912 في مدرسة السان جورج في القدس تحت اسم "فرقة القدس الأولى"
، أي بعد خمس سنوات على انطلاق الحركة الكشفية العالمية في العام 1907 بقيادة اللورد الانكليزي بادن باول .
قد يكون مفيدا تعريف القراء بمبادئ وأهداف الحركة الكشفية عموما والفلسطينية خصوصا ومنها تعزيز القدرات البدنية والعقلية والاجتماعية والروحية لأفرادها ومجتمع الفرقة الكشفية في دوائرها المتتابعة المحلية والوطنية والعالمية ايضا .
تنشئة العضو سلوكيا وغرس القيم الانسانية الاخلاقية نظريا وتطبيقها عمليا وتنمية ميوله وحثه على اكتساب معلومات جديدة واثراء ذهنه بها وتوسيع مداركه، وصقل تجاربه ومهاراته وتطويرها الى مستوى الخبرات..وترسيخ قاعدة العمل على خدمة المجتمع والبيئة مقتنعا بجدوى المبادرة والتطوع ، والعمل الجماعي ،وعمل المعروف والخير ، وتأصيل الصدق والاخلاص والأمانة والتعاون والاحترام وحسن المعاملة مايؤهل الكشاف للوصول الى مستوى راق من الوعي الوطني ، واعتزاز بالتراث الوطني والثقافة الانسانية.

يفيد محرك البحث العالمي ( غوغل ) كل راغب في البحث عن التفاصيل في تاريخ الحركة الكشفية الفلسطينية بالأسماء وتاريخ كل مرحلة وحيثيات انشاء الفرق والجمعيات التي شهدت نقلة نوعية بعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وتحديدا في العام 1970 ، حيث تبوأت جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية المكانة اللائقة لدى الجمعيات والمنظمات الاقليمية العربية والدولية ، وباتت وجها فلسطينيا حضاريا يمثل فلسطين في هذا المحفل العالمي الى أن حازت الجمعية في يوم الثلاثاء الموافق 15/8/2017م على شهادة اعتراف بعضوية كاملة من المنظمة العالمية للحركة الكشفية .
نتطلع ليوم نرى فيه فرقة كشافة في كل مدرسة من مدارس الوطن ، في المدن والقرى وفي كل نادر رياضي ، فنواة الحركة الكشفية الفلسطينية نمت في مدرسة ، التي هي القاعدة الأولى الأعرض للتربية والتعليم ، والتي فيها يتم تشكيل جذور الانسان بعقله وجسمه الصحيحين ، ليبلغ مكانته في المجتمع معطاءً ومستعدا دائما للعمل لما فيه خير المجتمع والوطن ، فالكشاف الفلسطيني هو الأرضية الخصبة المؤهلة لنمو قيادات وطنية صادقة مخلصة وفية للمبادئ وقيم العمل الجمعي وعلى استعداد تام للمبادرة والتضحية والعطاء بلا حدود ولا انتظار مقابل ، وهنا تكمن القيمة العظيمة لشعار الحركة الكشفية الفلسطينية ( كن مستعدا ).

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024