الرئيسة/  تقارير

هدايا ترمب الذي لا يملك.. لمن لا يستحق

نشر بتاريخ: 2019-11-21 الساعة: 19:14

 

نابلس - وفا – تتوالى هدايا الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترمب منذ توليه سدة الحكم عام 2017، لرئيس حكومة الاحتلال المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو على حساب الفلسطينيين، وكان آخرها إعلان واشنطن بأنها لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية مخالفةً للقانون الدولي.

قرار شرعنة المستوطنات التي اتخذته الولايات المتحدة يرى فيه الفلسطينيون هدية من ترمب الذي لا يملك لنتنياهو وحكومته التي لا تستحق، هذا يضاف لسلسلة قرارات اتخذتها الإدارة الأمريكية خلال السنوات الماضية المتمثلة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة، وإغلاق مكتب الفلسطينيين في واشنطن (مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية)، ووقف دعم وكالة الأمم المتحدة المختصة باللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان (السورية المحتلة) وإجراءات أخرى.

لكن كل تلك القرارات الأميركية التي تشكل طوق نجاة لنتنياهو في ظل انسداد الأفق السياسي في دولة الاحتلال بتشكيل حكومة جديدة، لم تنطوي على العالم الحر الذي وجه صفعات متتالية لمجنوني العصر ترمب ونتنياهو، واتخذ قرارات عدة عبر مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة والاتحادات والمنظمات الدولية، التي أكدت حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير وحل الدولتين.

وتحدث رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف لـ"وفا"، عن نجاح القيادة الفلسطينية على المستوى الدولي في منع الولايات المتحدة وإسرائيل من تغيير قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية، سواء بما يخص قضية القدس أو الأونروا واللاجئين.

ويوم أمس، أعلنت 14 دولة من إجمالي أعضاء مجلس الأمن الدولي الـ15، في جلستهم الدورية، حول الشرق الأوسط، "عدم شرعية" الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

جاء إعلان أعضاء المجلس باستثناء الولايات المتحدة، ردًا على اعتبار واشنطن أن المستوطنات الإسرائيلية "لا تخالف القانون الدولي".

في المقابل، مازال نتنياهو يراهن على تلك القرارات الأمريكية رغم فشلها في فرض أمر واقع على الفلسطينيين، ويتعلق بطوق كل قرار جديد، سواء لرفع أصواته الانتخابية قبيل الانتخابات أو تحقيق حلم تشكيل حكومة إسرائيلية بزعامته حاليا.

وصادق نتنياهو، أمس الأربعاء، على تقديم مشروع قانون من شأنه أن يطبق سيادة إسرائيل على الأغوار، في خطوة يرى فيها الفلسطينيون عالية الخطورة تكسب أهميتها من أهمية منطقة الأغوار الفلسطينية الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية، ونسف لحلم إقامة أي دولة فلسطينية قادمة.

وتمتد الأغوار الفلسطينية من بيسان حتى صفد شمالا، ومن عين الجدي حتى النقب جنوبا، ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غربا، وتبلغ المساحة الإجمالية للأغوار وشمالي البحر الميت 1.6 مليون دونم.

وتشكل الأغوار الفلسطينية 28% من مساحة الضفة الغربية الإجمالية، ويعيش فيها أكثر من 65 ألف فلسطيني، وتضم 27 تجمعا سكانيا ثابتا على مساحة 10 آلاف دونم، وعشرات التجمعات الرعوية والبدوية، وتتبع إداريا لثلاث محافظات هي: محافظة طوباس (الأغوار الشمالية) بواقع 11 تجمعا، ومحافظة نابلس (الأغوار الوسطى) وتشمل 4 تجمعات، ومحافظة أريحا (الأغوار الجنوبية) وتحتوي على 12 تجمعا.

ويؤكد عساف بأنه "لا يمكن إقامة أي دولة فلسطينية دون الأغوار، ضم الأغوار يعني ضم المناطق القابلة للتطور كون باقي المناطق بالضفة الغربية مأهولة بالكامل وبالتالي أي تطور في عدد السكان بحاجة لهذا التوسع".

ويوضح أن الأغوار تشكل الأراضي الخصبة التي يمكن الاعتماد عليها في الموارد الطبيعية كالمياه والأراضي الزراعية وأملاح البحر الميت، وكمنتجعات سياحية، وبالتالي دخل القطاع الزراعي والسياحي الهائل منها بدون ذلك لا دولة فلسطينية.

ويضيف: إن الأغوار تشكل الحدود الخارجية لدولة فلسطين، فلا يمكن إقامة دولة فلسطينية دون حدود خارجية.

وتكمن أهمية الأغوار الفلسطينية في كونها منطقة طبيعية دافئة يمكن استغلالها للزراعة طوال العام، إضافة إلى خصوبة التربة، وتوفر مصادر المياه فيها، فهي تتربع فوق ثاني أكبر حوض مائي في فلسطين.

ويوضح عساف أن الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية لا تملكان الحق في منح حقوق الأخرين، وأن هذه حقوق وطنية فلسطينية ثابتة فلا يستطيع ترمب ولا نتنياهو وإدارتهما تغير قواعد القانون الدولي، وهناك قرارات دولية بشأن ذلك ومنها قرار مجلس الأمن 2234 الذي يقر بحدود دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967، وقرارات محكمة العدل الدولية في لاهاي والاتحاد الأوروبي والمحاكم والمؤسسات الدولية المختلفة والجمعية العامة للأمم المتحدة والاعتراف بدولة فلسطين الواقعة تحت الاحتلال كدولة عضو مراقب بالتالي كل القرارات الأمريكية والاسرائيلية تتعارض مع قواعد القانون الدولي.

ويشير إلى أن الخارج عن الشرعية الدولية هو الاستيطان والموقفين الأميركي والإسرائيلي، وأن الموقف الفلسطيني متمسك بالشرعية الدولية، وإسرائيل وأمريكيا تحاولان تغيير قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إلا أنهما فشلا في ظل الاجماع الدولي الكامل المتمثل بقرارات العالم أمس في مجلس الامن الذي صوت بأغلبية 14 صوتا من أصل 15 لصالح الشعب.

وشدد عساف على أن الفلسطينيين سيدافعون عن حقهم وعلى بقاء الأغوار جزء من دولة فلسطين، وأن ما تقوم الإدارة الأمريكية الحالية وإسرائيل يشكل محاولة لشطب حل الدولتين وشطب الدولة الفلسطينية وبالتالي محاولة لشطب وتدمير عملية السلام وإنهاء الحل السياسي.

وقال: إن القيادة الفلسطينية نجحت في الحفاظ على قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية كأساس للتعامل مع القضية الفلسطينية، إلا أن الفلسطينيين على المستوى الميداني بحاجة لفعل أكبر من ذلك بكثير وتعزيز صمود المواطنين على الأرض ومواجهة مشروع التهجير القصري وإلى مقاومة شعبية واسعة النطاق.

وأوضح أن هذا اليوم سيشهد عدة اجتماعات لكادر هيئة لجان المقاومة الشعبية بكل أنحاء الوطن وأمناء سر أقاليم حركة فتح مع القيادة وسيتم اتخاذ جملة من القرارات المهمة في هذا الخصوص.

ويرى مدير عام مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق سليمان الوعري، أن ضم إسرائيل للأغوار يهدف لضم أكبر مساحة جغرافية بأقل عدد من السكان، وأن هذه الخطوة تهدف لفصل الضفة الغربية عن المحيط العربي بشكل تام، وحرمان الفلسطينيين من استغلال اراضي الاغوار الخصبة لاستخدامها سواء في الزراعية أو الصناعة.

وفق تقارير المركز، فإن دولة الاحتلال تسعى لإسكان مليون مستوطن في الأغوار الفلسطينية، من خلال تقديم إغراءات مادية وتحفيزية وتشجيعية تشمل على تملك أراض وإقامة مشاريع معفية من الضرائب، وبقاء الاستثمارات الزراعية والصناعية الضخمة في المنطقة والذي يدر أرباحا بمئات ملايين الدولات على دولة الاحتلال.

ويؤكد الوعري أن قرار نتنياهو يشكل المسمار الأخير في القضاء على حلم إقامة دولة فلسطينية بشكل نهائي، كونه سيقضي على التواصل الجغرافي مع عالمنا العربي عبر حدودنا الشرقية مع الاردن، وانقلاب على كل الاتفاقيات الدولية الموقعة برعاية الولايات المتحدةـ وخرق لقرارات الشرعية الدولية.

وتحتوي منطقة الأغوار الجنوبية على 91 بئرا، والأغوار الوسطى على 68 بئرا، أما الأغوار الشمالية فتحتوي على 10 آبار، 60% منها حُفِرَت قبل 1967، ولم يجر تجديدها نظرا للعراقيل الإسرائيلية، حيث يعمل 111 بئرا فيما لا يعمل 58 بئرا منها.

وتسيطر دولة الاحتلال على 85% من مياه الأغوار الشمالية فيما يتحكم الفلسطينيون بـ15% المتبقية، ولا تسمح سلطات الاحتلال بإعطاء تراخيص لحفر آبار من قبل الفلسطينيين مهما كان عمقه، بينما تقوم شركة "ميكروت" موزع المياه الاسرائيلي بحفر الآبار التي يصل بعضها إلى عمق 100 متر، بغية تزويد المستوطنات والمزارع التابعة لها بالمياه طوال العام، وأدت هذه السياسة إلى تجفيف عشرات الابار والينابيع المنتشرة في المنطقة بفعل هذه الآبار العميقة.

 

ووفق دراسة لمركز عبد الله الحوراني، فإن بئرا واحدة فقط تعمل من بين 10 آبار منتشرة في الاغوار الشمالية، بفعل الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف لتدمير أبسط مقومات الوجود الإنساني في أي منطقة بهدف الضغط على السكان من أجل الرحيل، خاصة أن هذه المنطقة تعتمد على الزراعة المروية كمصدر رزق أساسي لهم.

وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في منطقة الأغوار 280 ألف دونم، أي ما نسبته 38.8% من المساحة الكلية للأغوار، ويستغل الفلسطينيون منها 50 ألف دونم، فيما يستغل المستوطنون 27 ألف دونم من الأراضي الزراعية فيها.

وتنتج الأغوار 50% من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة الغربية، و60% من إجمالي ناتج الخضار.

وهَجّر الاحتلال ما يزيد عن 50 ألفا من سكان الأغوار منذ عام 1967، إضافة إلى تجمعات سكانية كاملة، بحجة إقامتهم في مناطق عسكرية، مثل تهجير أهالي خربة الحديدية في الأغوار الشمالية.

ووفق "مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة "بتسيلم"، فإن إسرائيل تفرض على الفلسطينيين البقاء ضمن بلداتهم التي ضاقت عليهم وتمنع منعا شبه تامّ البناء الفلسطيني في المناطق المصنّفة "ج"، كما ترفض سلطات الاحتلال على نحو شامل تقريبا إصدار تراخيص بناء للفلسطينيين مهما كان نوع البناء- منازل أو مبان زراعية أو مبان عامّة أو مرافق ومنشآت بُنى تحتيّة.

وهدمت الإدارة المدنية في الفترة ما بين 2006 وأيلول 2017، 698 وحدة سكنيّة على الأقلّ في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار، كان يسكنها 2948 فلسطينيا بينهم على الأقلّ 1334 قاصرا، وأن 783 من الفلسطينيين الذين هُدمت منازلهم (آوَتْ 386 قاصرًا) ألمّت بهم محنة هدم منزلهم مرّتين على الأقلّ.

وهدمت سلطات الاحتلال منذ بداية 2012 وحتى نهاية أيلول 2017 على الأقلّ 806 مبانٍ لغير أغراض السكن من ضمنها مبانٍ زراعيّة.

وفي السنوات الأخيرة خاصّة منذ بداية عام 2013 يأمر الجيش من حين لحين سكّان التجمّعات الواقعة على أراض أعلنتها إسرائيل "مناطق إطلاق نار" بإخلائها مؤقتًا؛ بحجّة أنّ الجيش يحتاج إجراء تدريبات عسكريّة هناك.

وتمتدّ هذه المناطق على 45% من مساحة منطقة الأغوار (786 ألف دونم)، وفي الأوامر التي يتسلّمها السكّان يُطلب منهم مغادرة مناطق سكناهم لفترة تتراوح بين ساعات معدودة ويومين، وتشمل تحذيرا بأنّهم إذا لم يفعلوا ذلك سيجري إخلاؤهم بالقوّة ومصادرة مواشيهم وتغريمهم تكاليف الإخلاء.

وبدأ الاستيطان الإسرائيلي في الأغوار مبكرا، وذلك لأسباب أمنية بالدرجة الأولى، ثم تحولت فيما بعد إلى سياسية واقتصادية، حيث تسارع مباشرة بعد حرب 1967، بسبب موقعها على امتداد أطول جبهة عربية لفرض الأمر الواقع، وفي محاولة لرسم الحدود الشرقية لدولة الاحتلال واعتبارها حدا فاصلا مع العرب، ووضع لتطبيق ذلك معظم النظريات الأمنية والاستراتيجية الإسرائيلية.

وبحسب تقرير صادر عن "بتسيلم"، يوجد في الأغوار 37 مستوطنة وبؤرة استيطانية، فيها حوالي 9500 مستوطن، وتسيطر المستوطنات على ما نسبته 12% من أراضي منطقة الأغوار.

وتسيطر إسرائيل على 400 ألف دونم بذريعة استخدامها مناطق عسكرية مغلقة، أي ما نسبته 55.5% من المساحة الكلية للأغوار، ويحظر على السكان الفلسطينيين ممارسة أي نشاط زراعي أو عمراني أو أي نشاط آخر في هذه المناطق.

وأقامت إسرائيل 90 موقعا عسكريا في الأغوار منذ احتلالها عام 1967.

وتشكل المناطق المصنفة (ج) في الأغوار 88.3% ومساحتها 1155 كم2، وتشكل الغالبية العظمى من منطقة الأغوار.

m.a
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024