الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الحرية لأقدم أسير في العالم

نشر بتاريخ: 2019-11-18 الساعة: 09:33

عمر حلمي الغول قضايا أسرى الحرية تحتل مكانا مهما في الكتابة عندي، وهذا واجب أولًا، ووفاء ثانيًا، ولتسليط الضوء على قضاياهم وهمومهم، التي هي هموم أساسية، وعنوان رئيس في النضال الوطني ثالثا، ولتعميم تجربتهم، واستخلاص الدروس من كفاحهم التحرري رابعا، ولتذكير العالم وشعوبه الحرة بأسرى الحرية الأبطال، الذين دخل بعضهم موسوعة غينيس والتاريخ على حد سواء من حيث طول سنوات الاعتقال، وتجاوزوا مانديلا البطل العالمي الجنوب أفريقي، ومنهم أقدم أسير في التاريخ نائل البرغوثي.
الأسير البطل نائل سجل صفحة مشرقة في جبهة الأسر والحرية، وبشجاعته وصلابته المنقطعة النظير، وعلى مدار السنوات الأربعين تقريبًا، التي قضاها في باستيلات الدولة الصهيونية الاستعمارية مٓثل عنوانًا للتحدي لآلة الموت البطيء الاسرائيلية، ولم تهن عزيمته، ولم يتراجع قيد انملة عن خياره الكفاحي، ولم يساوم، وبقي ممسكا بيديه جمر الثورة والعطاء حتى تحقيق الأهداف الوطنية كاملة غير منقوصة وفي مقدمتها ازالة الاستعمار الاسرائيلي عن الأرض الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧، والاستقلال الناجز للدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي ١٩٤.
وكان المناضل ابن قرية كوبر الشامخة اعتقل في الرابع من نيسان/ابريل ١٩٧٨، وحكم عليه بالسجن المؤبد اضافة لـ ١٨ عاما، غير ان صفقة شاليط لتبادل الاسرى سمحت له بتنسم عبير الحرية عام ٢٠١١، بعد ٣٤ عاما من الأسر.
لكن دولة الموت الاسرائيلية، التي شعرت بالعار يغطي رأسها بعد تلك العملية، وكنوع من رد الاعتبار لذاتها المهزومة، اعادت اعتقال نائل مجددا بعد ثلاثة أعوام من الإفراج عنه، وتحديدًا في ٨/٦/٢٠١٤، ورغم انه حكم في الاعتقال الثاني مدة ٣٠ شهرًا، لكن سلطات السجون والمحاكم الاسرائيلية العسكرية مددت اعتقاله، واعادت ذات الحكم الأول، أي المؤبد والـ١٨ عاما، وعليه فإن نائل مازال معتقلا حتى اللحظة الراهنة، وهو ما يكشف عن حجم الحقد والكراهية والعنصرية الصهيونية ضد المناضلين الأبطال، الذين شكل ارغام اسرائيل الخارجة على القانون على الإفراج عنهم ضربة موجعة لنظريتها الأمنية، ولسياسات القهر والإذلال، التي انتهجتها في التعامل مع جنرالات الأسر والحرية، مما دفعها لإعادة اعتقاله بعد محاضرة القاها في جامعة بيرزيت. ومن مآسي تجربة اعتقال البطل ابن كوبر، انه فقد والديه في شهر تشرين الاول/ اكتوبر ٢٠٠٥، ولم يتمكن من وداعهما، ومع ذلك واصل بجدارة وشجاعة كفاحه الباسل ضد جلاديه.
وعلى صعيد آخر، يمكن لنا التوقف امام مقولات جنرال الحرية نائل، التي ارسلها عبر محاميه وعائلته، وقال فيها: ان " الخروج الأول لتحرير الاسرى، هو الوحدة الوطنية". وأضاف معمقًا فكرته، ان الوحدة الوطنية، هي الشرط الأهم لتكريس وتجسيد الهوية الوطنية. كما انه قال في ذكرى ميلاده الـ٦٢ ( قبل اقل من شهر)، " يوم مولدي يذكرني بميلاد كل ثورة تطالب بالحرية، واشعر كأني أولد من جديد." هذا الربط الجدلي العميق بين ميلاده والثورات المطالبة بالحرية يعكس الفروسية الثورية، التي يتبناها الاسير نائل البرغوثي، ويعطي ذكرى ميلاده بعدا جديدا لبعث الأمل بالحرية في نفسه، وبين اقرانه من ابطال الحرية، وأيضا يضخ بين الأجيال الجديدة روح العطاء والإباء والأصالة الوطنية والقومية والإنسانية.
الوفاء الدائم لأطول اسير حرية في العالم ولكل الاسرى اقرانه في سجون الاستعمار الاسرائيلي يتطلب منا جميعا العمل بكل الوسائل والسبل للإفراج عنهم وبأسرع وقت ممكن، والتوجه للعالم دون استثناء ومطالبته بإلزام دولة البغي والعدوان باطلاق سراحهم جميعًا، ومعاملتهم كأسرى حرب وحرية، لا كـ"ارهابيين"،لان الإرهابي الحقيقي، هو الدولة الاسرائيلية الاستعمارية، التي تجاوزت كل منطق في جرائمها وفجورها الاستعماري، وتنكرها للقيم الإنسانية، ولشرائع حقوق الإنسان الأممية، وتسليط الضوء على قضيتهم في كافة المنابر والمحافل العربية والإقليمية والدولية لتبقى قضيتهم حية ومطروحة على بساط البحث والعمل حتى الإفراج عنهم جميعا ليتنعموا بشمس الحرية.
[email protected]

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024